اللجنة السعودية لحقوق الإنسان عنوان مفضوح لتلميع السجل الأسود للمملكة

في الذكرى العشرين لتأسيس اللجنة السعودية لحقوق الإنسان، وجّهت عشر منظمات حقوقية انتقادات حادة لأدائها، متهمة إياها بالإخفاق في القيام بدورها كهيئة وطنية مستقلة، وبالتركيز على تلميع صورة الحكومة بدلاً من التحقيق في الانتهاكات وحماية الحقوق الأساسية.
وقد تأسست اللجنة السعودية لحقوق الإنسان عام 2005 بمرسوم ملكي، وقدّمت نفسها منذ البداية كجهة مستقلة مكلفة بمراقبة أوضاع حقوق الإنسان، والنظر في الشكاوى، ورصد أماكن الاحتجاز. كما ترفع تقاريرها مباشرة إلى الملك.
غير أن المنظمات الحقوقية تؤكد أن اللجنة، على مدى عقدين، فشلت في الوفاء بولايتها، إذ لم تصدر تقييمات موضوعية لحالة حقوق الإنسان، ولم توفر سبل إنصاف للضحايا، بل اكتفت غالبًا بالإشادة بالمبادرات الحكومية والتشريعات الرسمية.
انتقادات أساسية
التقرير الحقوقي المشترك بعنوان «اللجنة السعودية لحقوق الإنسان: 20 عامًا من تلميع سجل المملكة» أشار إلى عدد من الملاحظات، أبرزها:
غياب التحقيقات الفعالة: عائلات سجناء بارزين، مثل الناشطة مناهل العتيبي والحقوقي محمد القحطاني، أفادت بأن اللجنة لم تستجب لشكاواهم أو أعاقت محاولاتهم لعرض قضاياهم.
الصمت عن الإعدامات: سجلت السعودية تنفيذ ما لا يقل عن 272 حكمًا بالإعدام بين يناير وأغسطس 2025، 57% منها بحق أجانب، فضلاً عن أفراد من الأقلية الشيعية. ورغم القلق الدولي، بما فيه تدخلات من خبراء الأمم المتحدة، لم تعلّق اللجنة على هذه القضايا.
ملف المدافعين عن الحقوق: تجاهلت اللجنة حالات الاحتجاز التعسفي وحظر السفر والمضايقات التي يتعرض لها النشطاء. وبقيت ناشطات مثل مناهل العتيبي رهن الاعتقال بسبب نشاط سلمي على الإنترنت، فيما تواجه أخريات مثل لجين الهذلول قيودًا مستمرة.
أداء على المستوى الدولي
أشارت المنظمات إلى أن اللجنة أدت دورًا أقرب إلى ممثل رسمي للحكومة في المحافل الدولية. ففي الاستعراض الدوري الشامل الرابع لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة عام 2024، رفضت اللجنة توصيات تتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام وحماية المدافعين عن الحقوق والتصديق على معاهدات أساسية.
كما أنكرت اللجنة أمام لجنة القضاء على التمييز العنصري وجود تمييز ممنهج ضد الأقلية الشيعية، واحتفت أمام لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة بما وصفته “إصلاحات” في مجال حقوق المرأة، متجاهلة استمرار سجن ناشطات بارزات.
وأكدت المنظمات أن اللجنة السعودية لا تلتزم بـ مبادئ باريس، وهي المعايير الدولية التي تضمن استقلالية وحياد الهيئات الوطنية لحقوق الإنسان.
ولم تسعَ اللجنة قط للحصول على الاعتماد من التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، ما يعفيها من الرقابة الدولية ويعزز تبعيتها للسلطات.
شراكات مثيرة للجدل
رغم هذه الانتقادات، تواصل اللجنة التعاون مع أطراف دولية مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، عبر مذكرات تفاهم وبرامج تدريب.
وتخشى منظمات حقوقية أن تسهم هذه الشراكات في تعزيز صورة اللجنة كمؤسسة ذات مصداقية، بينما تفتقر للاستقلالية الحقيقية.
وقد أشارت المنظمات إلى أن الحوارات بين الاتحاد الأوروبي والسعودية بشأن حقوق الإنسان، والتي قادتها اللجنة، اختُتمت دون التطرق إلى الانتهاكات المنهجية، وهو ما يمنح السلطات “غطاءً دبلوماسيًا” بدلاً من محاسبتها.
توصيات حقوقية
خلصت المنظمات الموقعة على التقرير إلى أن إصلاح سجل حقوق الإنسان في السعودية يتطلب:
تمكين المجتمع المدني المحلي ودعم ضحايا الانتهاكات.
إنشاء مؤسسة وطنية مستقلة بحق تعمل وفق مبادئ باريس.
وقف تسييس اللجنة الحالية وتحويلها إلى جهة رقابية حقيقية تخضع للمساءلة.



