خنق ممنهج للمعارضة في السعودية باسم مكافحة الإرهاب
يشهد أي شكل من أشكال المعارضة في السعودية واقعا من الخنق الممنهج باسم مكافحة الإرهاب وذلك في إطار استبداد وقمع نظام آل سعود.
وفي 9 مارس (2014)، دخل مرسوم ملكي في السعودية يجرم العضوية في الجماعات الدينية المتطرفة حيز التنفيذ.
وقد جرَم المرسوم أيضا المشاركة في النزاعات المسلحة خارج المملكة.
وبحسب موقع “صوت الناس” المعارض، رأى الكثيرون في هذا دليلا على أن السلطات السعودية أخذت، أخيرا، مشكلة الإرهاب على محمل الجد وضيقت الخناق على السعوديين الذين يذهبون للقتال في سوريا وأماكن أخرى. لكن الحقيقة أن الأنظمة (العقابية) الجديدة تجرَم، أيضا، الأنشطة السلمية.
والأفعال المحظورة الحديثة تطابقت مع الاتهامات التي أواجهها أمام المحكمة الجزائية المتخصصة في السعودية، أساس العمل السلمي في مجال حقوق الإنسان.
في أواخر شهر يناير، أصدرت السلطات (السعودية) قانونا جديدا للإرهاب يقدم تعريفا موسعا للإرهاب ويمنح وزير الداخلية صلاحيات اعتقال غير مسبوقة.
وبالعودة إلى عام 2011، سربت منظمة العفو الدولية نسخة أولية (من قانون مكافحة الإرهاب)، مما أثار استنكارا وإدانة في جميع أنحاء العالم. ووعدت السلطات بتعديل القانون، وقد كانت (التعديلات) إيجابية في معظمها.
على سبيل المثال، أُلغيت المبادئ التوجيهية للحكم القاسي التي وُردت في الإصدار السابق، وتُرك الأمر للقضاة في الرجوع إلى الشريعة الإسلامية لتحديد العقوبات المناسبة.
ومع ذلك، لا يزال القانون الجديد (بتعديلاته) يثير القلق على نطاق واسع.
ويشمل تعريف الإرهاب في القانون الجديد “الإضرار بالنظام العام”، “زعزعة أمن المجتمع والدولة”، “تعريض الوحدة الوطنية للخطر” و”تعطيل القانون الأساسي للحكم” أو “تشويه سمعة الدولة.
وقد أصبحت مجرد الدعوة إلى نظام ملكي دستوري عملا من أعمال الإرهاب، لأنه سيعني تعطيل القانون الأساسي للحكم، الذي ينص على أن الملك هو رئيس الوزراء.
ويمكن كذلك اعتبار مجرد الاتصال بمنظمات حقوق الإنسان عملا من أعمال الإرهاب، ذلك أن المدعين العامين غالبا ما يستخدمونه (الاتصال بالمنظمات) كدليل على إثبات تهمة “الإضرار بسمعة البلاد”.
وهذه اللوائح تجرم الأفعال السلمية كما لو أنها من الإرهاب، بما في ذلك “إهانة الدول الأخرى وقادتها” و”التحريض أو استعداء الدول والمنظمات الدولية ضد المملكة”..
الجانب الأكثر إثارة للقلق في قانون الإرهاب الجديد هو أن العديد من أنشطة حقوق الإنسان يمكن أن تُدرج ضمن قائمة لوائح الاتهام.
إذ أن لغة النصوص القانونية فضفاضة وواسعة، وقد استخدمت السلطات بعض هذه التهم لمقاضاة وحبس الناشطين السلميين. وعلاوة على ذلك، فإن اللوائح تسري بأثر رجعي.
ويبدو أن وزارة الداخلية قد تسللت مرة أخرى تحت الطاولة من خلال لوائح غامضة، لم تدرج الحكومة العديد منها في قانون الإرهاب الجديد بسبب الغضب الدولي.
ولمنع المزيد من الانتقادات الدولية الموجهة ضد الاعتقال الطويل للسجناء السياسيين في البلاد، أُصدر مرسوم ملكي جديد يمنح وزير الداخلية صلاحية نشر البيانات العامة حول السجناء الذين أثارت حالتهم الرأي العام، مما يتيح له التأثير، بشكل كبير، في الرواية الإعلامية لحالتهم.
وهذا يعني أننا على وشك مواجهة حملة قمعية قاسية بدعم وتشجيع من قبل القانون ووسائل الإعلام باسم مكافحة الإرهاب.
وهذا ليس من باب التوقع الافتراضي، ففي 1 أبريل (الماضي)، ذكرت صحيفة سعودية أن النيابة العامة قد أحالت ثلاثة سعوديين إلى المحكمة بتهم غامضة، مثل التحريض وزرع الفتنة والإضرار بالولاء للحاكم، وسوف يكون هؤلاء أول من يواجه اتهامات بموجب اللوائح الجديدة.
ووفقا للصحيفة، فإن جرائمهم استندت لتغريدات كتبوها، وبالتالي فإن التطبيق الأول من المرسوم الملكي ضد الإرهاب يكون ضد ثلاثة من مستخدمي تويتر.
في هذه الأثناء، ظهرت حركة جديدة معارضة للقمع الحكومي، والعديد من الناس ضاقوا ذرعا بالفساد والظلم وقرروا لتسجيل أشرطة فيديو ونشرها على يوتيوب ينتقدون فيها بشكل مباشر السلطات بالصوت والصورة.
وقد بدأ هذا التحرك بشخص واحد سجل رسالة للملك يشكو فيها الفقر وسوء توزيع الثروة، ثم تبعه ما لا يقل عن 10 شباب آخرين اقتفوا أثره لإظهار تضامنهم مع رسالته. وقد ألقت السلطات القبض على الأشخاص الثلاثة الأوائل الذي نشروا رسائلهم، ولكن هذه الحركة استمرت ولم تتوقف.
وتحدث عدد من هؤلاء الشباب عن ضرورة وقف وزارة الداخلية إصدار أحكامها الخاصة بالإرهاب. وكما هو متوقع، فقد ردت الوزارة بإلقاء القبض عليهم دون أي سند قانوني.