طلب العفو في أحكام الإعدام: حق آخر مسلوب في السعودية
أكدت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان ومنظمة ريبريف أن المملكة العربية السعودية تنتهك القانون الدولي والتزاماتها الخاصة فيما يتعلق بتطبيق عقوبة الإعدام، وبشكل خاص حق الأفراد في طلب العفو أو تخفيف العقوبة.
وفي تقرير إلى مجلس حقوق الإنسان، قدمت المنظمات معلومات عن عدم امتثال السعودية للمادة 6 والمادة 14 (5) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بشأن الحق في التماس العفو أو تخفيف عقوبة الإعدام، واستئناف حكم الإعدام أمام محكمة أعلى، والالتزامات المماثلة له بموجب الميثاق العربي.
وتنص المادة 6(4) على أنه: لأي شخص حكم عليه بالإعدام حق التماس العفو الخاص أو إبدال العقوبة. ويجوز منح العفو العام أو العفو الخاص أو إبدال عقوبة الإعدام في جميع الحالات، فيما تنص المادة 14(5): لكل شخص أدين بجريمة حق اللجوء، وفقا للقانون، إلى محكمة أعلى كيما تعيد النظر في قرار إدانته وفى العقاب الذي حكم به عليه.
استخدام عقوبة الإعدام في السعودية
لم تصادق السعودية على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، لكنها صادقت على الميثاق العربي لحقوق الإنسان في عام 2004. تحتوي المادتان 6 و16 (7) من الميثاق العربي على أحكام مطابقة للمادة 6 (4) والمادة 14 (5) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
تعد السعودية من الدول الأكثر تنفيذا لعمليات الإعدام، فبين عامين 2010 و2021 أعدمت ما لا يقل عن 1,243 شخصاً.
يحاط تنفيذ الإعدام بالسرية، ففي معظم القضايا لا يتم إبلاغ العائلات عن موعد التنفيذ، ولا تم إعادة جثامين الذين تم إعدامهم، بعد محاكمات لا تلبي الحد الأدنى من المعايير الدولية.
علاوة على ذلك، لا تنشر السعودية بيانات علنية عن المحكوم عليهم بالإعدام، وهذا الافتقار إلى الشفافية يمكّنها من تنفيذ عمليات الإعدام دون تدقيق ما يعيق الدول والمنظمات الأخرى في جهودها لمحاسبتها.
الحق في طلب العفو أو تخفيف العقوبة
تنقسم أحكام الإعدام على ثلاث فئات وهي: القصاص والحدود والتعزير، ولكل منها أحكامها الخاصة المتعقلة بالعفو.
أحكام الإعدام الإلزامية (الحدود):
لا يوجد حق عفو للمتهمين الذين يواجهون أحكام الإعدام حدا، حيث أن العقوبة ثابتة بحسبب الشريعة، وليس هناك حق لأي شخص بالعفو فيها. بين عامي 2010 و2021، كانت 13% (162 من 1243) من جميع عمليات الإعدام المنفذة تندرج تحت هذه الفئة.
أحكام الإعدام تقديرية (التعزير):
يمكن للملك أن يعفو عن المتهمين الذين يواجهون حكماً نهائياً بالإعدام تعزيرا. إلا أن هذه الإجراءات غامضة، لا توجد مبادئ توجيهية واضحة بشأن كيفية قيام المتهمين المعرضين لخطر الإعدام بتقديم طلب العفو، ولم يتم رصد أي عفو ملكي عن متهمين يواجهون أحكام قتل تعزيرية.
تتجسد الطبيعة الغامضة لإجراءات العفو ضمن هذه الفئة في قضية حسين أبو الخير، وهو مواطن أردني أُعدم في 12 مارس 2023 بتهمة تهريب المخدرات.
ففي يونيو 2021، أصدر الملك توجيهات ملكية سامية إلى المديرية العامة للسجون، أمرها بتنفيذ إجراءات العفو عن الأفراد الموقوفين بجرائم مخدرات، ولم يكن واضحا شمول ذلك لأفراد محكوم عليهم بالإعدام.
في أغسطس 2021، كتبت مجموعة من البرلمانيين البريطانيين رسالة مشتركة إلى وزير الداخلية السعودي، يطلبون فيها العفو عن أبو الخير تماشيًا مع التوجيهات الملكية المذكورة أعلاه. ولم يعترف وزير الداخلية السعودي بالطلب.
وفي مايو 2022، أرسلت شقيقة أبو الخير رسالة إلى وزير الداخلية تطلب فيها إطلاق سراح حسين، ولم يكن هناك أي رد على الطلب.
على الرغم من المحاولات المتعددة التي بذلتها هيئات مختلفة للمطالبة بالإفراج عن أبو الخير والتأكيدات المتكررة من قبل حراس السجن بأنه سيتم العفو عنه، أعدمته السعودية دون سابق إنذار في 12 مارس 2023.
أحكام الإعدام قصاصا:
إذا أدين المدعى عليه بارتكاب جريمة قتل ضمن فئة القصاص، فيمكن لعائلة الضحية أن تطلب إعدام المدعى عليه أو قبول تعويض مالي، يُعرف باسم الدية.
وبدلاً من ذلك، يمكن لعائلة الضحية العفو عنه بدون دية، فيما لا يجوز للملك أن يصدر عفوا في هذه الفئة. غالبًا ما يتم اتخاذ القرار بشأن العفو عن المدعى عليه بعد الوساطة بين عائلات الضحية والمدعى عليه.
ولا توجد آلية للمتهمين لطلب العفو من الدولة في هذه الفئة؛ بين عامي 2010 و2021، كان 40% (498 من 1243) من جميع عمليات الإعدام المسجلة في السعودية تندرج تحت هذه الفئة.
يواجه القاصر عبد الله الحويطي خطر الإعدام بموجب حكم قصاص. على الرغم من تأكيد الفريق العامل التابع للأمم المتحدة أن اعتقاله تعسفي.
وقضية الحويطي حاليا أمام المحكمة العليا، وفي حال صادقت على الحكم، ليس لدى الملك حق العفو، فيما من المفترض أن لعائلة الضحية هذا الحق.
إن الاعتماد على حسن نية أسرة الضحية في العفو عن المدعى عليه بدلاً من أي إجراءات تضمن حق المدعى عليه في العفو ينتهك المادة 6 (4) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والأحكام المماثلة في المادة 6 من الميثاق العربي.
ونظرًا لنظام العدالة الجنائية الغامض تمامًا، فإن عدد المتهمين الذين تم العفو عنهم غير معروف.
الأحكام القانونية المتعلقة بتخفيف العقوبة
لا توجد أحكام في القانون المحلي تسمح للأشخاص المحكوم عليهم نهائياً بالإعدام بطلب تخفيف العقوبة. تم رصد أمر ملكي واحد يُزعم أنه كان له تأثير السماح بتخفيف أحكام الإعدام النهائية.
ففي عام 2020، صدر مرسوم ملكي يقضي بتخفيف عقوبة الإعدام لجميع القاصرين. وفي فبراير 2021، أبلغت هيئة حقوق الإنسان السعودية مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أن نتيجة المرسوم الملكي لعام 2020 هي أن “أي شخص يرتكب جريمة تستحق الإعدام عندما كان طفلاً” سيخضع “لعقوبة قصوى مدتها 10 سنوات في السجن”، ولاحقا، خففت أحكام الإعدام النهائية بحق من علي النمر، داوود المرهون وعبد الله الزاهر، إلى السجن 10 سنوات.
ورغم أن المرسوم الملكي صدر قبل ثلاث سنوات، إلا أنه لم يصدر رسميا كقانون، مما يجعل من المستحيل التحقق من نطاقه أو نطاقه.
في يونيو 2021، أعدمت السعودية القاصر مصطفى الدرويش على الرغم من أهليته للحصول على حكم مخفف بموجب المرسوم الملكي المعلن.
بالتالي فإن إجراءات تخفيف العقوبة للقاصرين لا تقدم أي ضمانات، حيث أن إجراءات طلب العفو أو تخفيف الحكم لا زالت مجهولة.
الحق في استئناف حكم الإعدام أمام محكمة عليا
بموجب القانون يحق للأفراد الذين حكمت عليهم المحكمة الابتدائية بالإعدام استئناف أحكامهم أمام محكمة الاستئناف. تتم مراجعة الأحكام التي أيدتها محكمة الاستئناف تلقائيًا من قبل المحكمة العليا.
تكشف قضايا الإعدام التي حققت فيها ريبريف والمنظمة الأوروبية السعودية أن محاكم الاستئناف في كثير من الأحيان لا توفر ضمانات حقيقية تحمي حقوق الأفراد الذين يواجهون عقوبة الإعدام.
تُنتهك حقوق المتهمين الأساسية في المحاكمة العادلة في كل مرحلة من مراحل الإجراءات القانونية، حيث لا يتم التحقيق بشكل جدي بالتعذيب وسوء المعاملة وغيرها من الانتهاكات.
يبين تتبع قضايا الإعدام في السعودية أنها فشلت في الامتثال لالتزاماتها بموجب المادتين 6 (4) و14 (5) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وكذلك الأحكام المتطابقة بموجب الميثاق العربي.
وبالتالي لا يوجد حق في العفو بشكل حقيقي، وفي الحالات النادرة التي يتم فيها تطبيق حقوق العفو أو تخفيف العقوبة، يتم تطبيقها مع انعدام في الشفافية والمساءلة وإمكانية الوصول إلى حد أنها تصبح بلا معنى.
إضافة إلى ذلك، فإن الحق في الاستئناف غير فعال على الإطلاق بسبب استخدام الدولة المتفشي للاعترافات الملوثة بالتعذيب.
وعلى هذا النحو، تنتهك السعودية القانون الدولي لحقوق الإنسان وتحرم الأفراد الذين يواجهون عقوبة الإعدام من حقوقهم الأساسية التي يكفلها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية مناهضة التعذيب وضمانات المجلس الاقتصادي والاجتماعي.