انتهاكات آل سعود تبرز شرعية مطلب تدويل الحج
تبرز انتهاكات آل سعود وتعدها تسيس إدارة الحرمين مدى شرعية مطلب تدول الحج وجعل شعائر الحج والعمرة تحت إدارة لجنة عربية وإسلامية مشتركة.
مؤخرا قالت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية, إن تصرفات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان تدفع عديداً من المسلمين إلى مقاطعة الحج, بسبب الخوف من تسيس المشاعر الدينية.
وتطرقت المجلة في مقال للكاتب أحمد طويح, إلى “العدوان السعودي على اليمن وما خلفه من ضحايا, بالإضافة إلى اعتقال عشرات من الدعاة السعوديين المعروفين, واعتقال عدد كبير من النشطاء والناشطات بسبب مواقفهم, فضلا عن المضايقات التي يتعرض لها بعض الحجاج بسبب مواقفهم السياسية.”
وحسبما جاء في المقال, فإن بن سلمان “حاول أن يقدم صورة أكثر إيجابية عن السعودية وإخفاء سياساته الداخلية والخارجية المتهورة والعدوانية, لكن ذلك لم يكن كافيا لإسكات العارضين الذين مازالوا يتحدثون عن انتهاك حقوق الانسان في السعودية”.
وأضاف إن “ارتفاع أعداد القتلى المدنيين, من جراء الغارات التي يشنها الطيران السعودي على اليمن, وقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي وتقطيع جثته على يد عناصر تابعين لمحمد بن سلمان, بمبنى القنصلية السعودية في إسطنبول, والنهج العدواني للرياض تجاه إيران, كلها أمور جعلت العديد من المسلمين يعيدون النظر في أداء فريضة الحج.”
وتطرق الكاتب إلى دعوة المفتي العام بليبيا, الشيخ الصادق الغرياني, في أبريل الماضي, جميع المسلين إلى مقاطعة الحج, بل ذهب لأبعد من ذلك عندما قال إن أي شخص يذهب للحج مرة ثانية إنما يرتكب خطيئة, “لأن ذهابه يدعم الاقتصاد السعودي, وهي أموال سوف تذهب لشراء الاسلحة وتأجيج الصراعات في اليمن وليبيا وتونس والسودان والجزائر.”
الغرياني ليس أول عالم مسلم بارز يؤيد فرض حظر على الحج, يقول الكاتب, إذ دعا الشيخ يوسف القرضاوي إلى إطعام المحتاجين بدلاً من الحج, وقال في تغريدة له, “هذا الحج ليس لله تعالي حاجة فيه. الله غني عن العباد, وإذا فرض عليهم فرائض فإنما ذلك ليزكوا أنفسهم وليرتقوا في معارج الرقي الروحي والنفسي والأخلاقي إلى ربهم, ولتتحقق لهم المنافع المختلفة في حياتهم.”
وأشار الكاتب إلى أن “نفوذ المملكة ليس مرتبطاً فقط بقدراتها السياسية والعسكرية, بل يرتبط ايضا بكونها تضم مكة والمدينة, أقدس المدن الاسلامية, ومن هنا فإن نفوذ السعودية يمتد إلى ما هو أبعد من جيرانها العرب, ليصل إلى عموم العالم الاسلامي.”
ويتوافد سنوياً قرابة 2.3 مليون مسلم من جميع الطوائف على مكة خلال موسم الحج, فضلاً عن كثيرين غيرهم ممن يتوافدون على السعودية لمدار العام, لأداء العمرة.
وتعمل السعودية منذ سنوات على أن تصبح قوة إقليمية مهيمنة داخل الشرق الأوسط, حيث تمثل إيران مصدر التهديد الوحيد لمساعي المملكة من أجل النفوذ في السنوات الأخيرة.
وتمتعت السعودية بالدعم الدؤوب من العديد من الدول المجاورة على مدار عقود, بوصفها واحدة من أكبر الدول المصدرة للنفط في العالم وبفضل علاقاتها الوثيقة مع الولايات المتحدة.
لكن القلق الدولي من الرياض تزايد بعد حادثة مقتل خاشقجي, على الرغم من تغاضي الولايات المتحدة عن الحادثة, إلا أن الأشقاء المسلمين لم يكونوا على نفس القدر من التسامح.
فضلاً عن ذلك, فإن القلق تزايد بسبب ارتفاع عدد القتلى في اليمن, والذي من المتوقع أن يصل إلى 230 ألف قتيل بحلول عام 2020 بسبب الغارات الجوية العشوائية التي يشنها التحالف الذي تقوده السعودية, إذ قصفت المستشفيات والجنازات وحافلات الاطفال المدرسية وحفلات الزفاف والاسواق, في الحرب التي وصفها مسؤولو الأمم المتحدة بأنها أسوأ أزمة إنسانية من صنع الإنسان في عصرنا.
وأدى النهج السعودي الصارم تجاه حرب اليمن إلى عزل المملكة داخل تحالفها, لدرجة أن الحكومة الإماراتية أبدت بعض الانزعاج من تجاه النهج السعودي.
ودعا علماء السنة حول العالم إلى المقاطعة أيضا, إذ قالت نقابة الأئمة التونسيين, في يونيو/حزيران إن الأموال من الحج التي تصل إلى السلطات السعودية لا تستخدم في مساعدة فقراء المسلمين حول العالم, بل تستخدم في القتل والتشريد, كما هو الحال في اليمن الأن.
ولا تمثل دعوات مقاطعة الحج الأخيرة المرة الأولى التي يتعرض خلالها الحج الديني للتسيس, إذ قررت السعودية نفسها حظر مواطني قطر وإيران من المشاركة في الحج, بسبب الخلافات السياسية المتنامية بين تلك الدول.
وانتهك المسؤولون السعوديون أيضا حرمة مدينة مكة, من أجل الدعاية لأيديولوجيتهم السياسية, إذ قال الشيخ عبد الرحمن السديس, إمام المسجد الحرام في مكة, خلال خطبة ألقاها في أكتوبر الماضي, “وإن مسيرة التجديد في هذه البلاد المباركة, برعاية من ولاة أمرها الميامين, وحرص واهتمام من الشاب الطموح المحدث المُلهم, ولي عهد هذه البلاد المحروسة, ماضية في رؤيته التجديدية الصائبة رغم التهديدات والضغوطات”.
مما يعني أنه لا ينبغي لأي مسلم أن يشكك في النخبة السياسية السعودية.
ومن جهتها كشفت مصادر عن أن السعودية ستمنع أكثر من مليون ونصف المليون مواطن فلسطيني موجودين في إسرائيل من السفر عبر جوازات السفر الأردنية المؤقتة لأداء فريضة الحج والعمرة في مكة المكرمة.
ويمثل هذا الإجراء جزءاً من السياسة السعودية الجديدة لوقف إصدار تأشيرات الحج والعمرة للفلسطينيين في الأردن ولبنان والقدس الشرقية, ومؤخراً الفلسطينيين الذين يعيشون في الداخل الإسرائيلي, من حملة وثائق السفر المؤقتة التي يصدرها الأردن أو لبنان, وهي سياسة دخلت حيز التنفيذ في 12سبتمبر الماضي.
وتؤثر الخطوة السعودية على إجمالي 2.94مليون فلسطيني عبر مختلف هذه الدول, لا يمكنهم الحصول على أي وثائق سفر أخرى تسمح لهم بالذهاب إلى السعودية, حيث يتوجه ملايين المسلمين سنوياً للحج إلى مدينتي مكة والمدينة.
وقال مصدر أردني على اطلاع بشؤون بلاده الدبلوماسية إن القرار السعودي يمثل جزءا من اتفاق ثنائي مع اسرائيل لوضح حد ل”الهوية الفلسطينية وحق العودة للاجئين.
وقال المصدر: “تضغط السعودية على الأردن من أجل تطبيع وضعية اللاجئين الفلسطينيين في الأردن, والفلسطينيين في القدس الشرقية, والأن الفلسطينيين في الداخل الإسرائيلي, والأمر نفسه قد يحدث في لبنان, وبعد ذلك لا تكون لديك مشكلة لاجئين فلسطينيين.”
وتابع “الامر كله جزء من اتفاق ثنائي بين إسرائيل والسعودية, لكن الأردن يرفض تطبيع وضعية الفلسطينيين”.
وفي 11 سبتمبر الماضي, غرد وزير النقل والمواصلات الإسرائيلي يسرائيل كاتس, مرحبا بمبادرة ترامب المتعلقة بقضية اللاجئين الفلسطينيين, قائلاً إن مشكلة اللاجئين الفلسطينيين في الأردن وسوريا ولبنان والعراق سيكون من الجيد أن تختفي من العالم.