خفايا التيار الإماراتي في السعودية لخدمة أجندات خبيثة
ينشط التيار الإماراتي بشكل فاعل في السعودية منذ سنوات لخدمة أجندات خبيثة تتعلق بتنفيذ أجندات السيادة والمصالح الإماراتية في إطار استراتيجية التيارات كقوة ناعمة.
ولم يكن لدولة الإمارات دور يذكر في المشهد الإقليمي قبل أحداث ثورات الربيع العربي التي انطلقت في العام 2011 بحسب ما أبرزت صحيفة صوت الناس التابعة لحزب التجمع الوطني السعودي.
لكن أحداث الربيع العربي كانت ولا زالت نقطة حاسمة في التحولات السياسية الأساسية في الاستثمار وافتعال أحداث جديدة في دول المنطقة.
وتعتبر دولة الإمارات هي أهم الفاعلين السياسيين الأساسيين خلال مرحلة ما بعد الربيع العربي، وذلك بعدة أدوات أساسية.
وتقوم الإمارات بتطبيق نفس هذه الاستراتيجيات مع معظم الدول العربية. لهذا نجد في تونس، ومصر والمغرب وفلسطين المحتلة واليمن تيارات إماراتية تقدم مصالح المستبد الإماراتي على مصالح أوطانها. وكأننا أمام مشهد يتشكل من جديد بعد اندلاع الثورات العربية.
تم تشكيل التيار الإماراتي السعودية في مرحلة الربيع العربي، والذي تم الاعداد له وتجهيزه لكي يكون بمثابه جماعة ضغط ناعمه للسياسات الإماراتية في السعودية بشكل خاص والمنطقة بشكل عام.
لكن هذا التيار كان له جذور في المجتمع الإماراتي عبر مؤسسات سعودية بحثيه وإعلامية مستقرة في الإمارات بشكل محدد في دبي، حيث مساحة القيود الاجتماعية والسياسية هي أقل مما هي عليه في السعودية.
واللبنات الأولى لما يعرف بـ “مثقفين سعوديو-الإمارات” كان يقتصر على مجموعة صغيرة تعمل لصالح قناة العربية وكذلك مركز المسبار المملوك للإعلامي تركي الدخيل والسفير الحالي للسعودية في الإمارات، و من لهم علاقة بهذا المركز.
وأغلب أفراد هذه المجموعة من السعوديين أصحاب خلفية اسلامية متطرفة وبعض أفرادها سُجن بسبب حوادث جنائية تم ارتكابها في مطلع التسعينيات، لكنها تغيرت فكرياً بعد فترة من السجن، وتحولت مع الزمن إلى مجموعة لديها خصومة مركزية مع التيارات الإسلامية ومع المجتمع بشكل عام.
ويسمي منصور النقيدان أفراد تلك المجموعة بالتنويريين، لكن في كتاب السعودية سيرة دولة ومجتمع لـ عبدالعزيز الخضير لم يأتِ ذكر هذه المجموعة على الإطلاق وهي دلالة على أنه لم يكن لها أي حضور ثقافي أو اجتماعي.
تنشط مجموعة المسار من فترة إلى أخرى لكنها ليست ذات أثر أو حضور اجتماعي كبير، بل يقتصر خطاب بعض أفرادها على الخصومة مع الإسلاميين في فضاءات الإنترنت كساحات المنتديات خلال أواخر التسعينيات وبداية الألفية الجديدة.
وحضورها في المشهد مرتبط بالبرامج المعدة سلفاً من قبل قناة العربية والقنوات الإعلامية الإماراتية.
هذه المجموعة ربما هي البذرة أو المكون الأساسي لما يعرف “مثقفين سعوديو-الإمارات” التي تغير شكلها وزاد عدد أفرادها، وأصبحت فاعلاً أساسياً في التأثير على الرأي العام السعودي بشكل أساسي.
يعتمد هذا التيار على بوصلة المصالح الإماراتية في المنطقة، وتعمل بشكل أساسي كصوت للثورة المضادة للربيع العربي وسياسات محمد بن زايد على وجه الدقة.
يتشكل تيار “مثقفين سعودييو-الإمارات” من عدد من الفئات، ولكل فئة عدة أدوار معينة، المجموعة الأولى هي مجموعة من باحثي المسار ومن هو في دائرتهم، وهذه المجموعة تعمل بشكل مباشر على التواصل مع مراكز الدراسات في العواصم الغربية ذات التأثير على مؤسسات صناع القرار السياسي، ورسم صورة عن الثورات في العالم العربي وأحوال الديمقراطية والإرهاب والإخوان كتيار وجماعة إرهابية!.
وهذه المجموعة كانت خلف إعداد قائمة بالجماعات الإرهابية ال٨٣، من وجهة نظر الحكومة الإماراتية! يحاضر منصور النقيدان عن خطر الإخوان المسلمين وزيف الربيع العربي في العاصمة واشنطن وغيرها من العواصم الأوربية.
وفي ذات المسار تشترط الحكومة الإماراتية لتقديم التمويل السخي لمراكز الدراسات والبحوث الغربية شريطة عدم التجديد العقود مع عدد من الباحثين المناصرين للربيع العربي.
وتقف هذه المجموعة خلف إعداد العديد الملفقة عن الجماعات الإرهابية في أوروبا، حيث عملت هذه المجموعة لتزويد أحزاب اليمن المتطرف في عدد من الدول الأوربية بقوائم ملفقة حول الفاعلين في المجتمع الإسلامي الأوربي بوصفهم إرهابين.
وهذه المجموعة هي تعمل كمجموعة تعد المواد والتصورات الاستخباراتية لدولة الأمارات فيما يتعلق بالإسلاميين في أوروبا والعالم العربي. على الرغم أن ضحالة مادة هذه المجموعة إلا أنه بسبب انخراطها في المطبخ الاستخباراتي أضحت ذات قيمة.
المجموعة الثانية، هي الفاعلة في الإعلام والصحافة وشبكات التواصل الاجتماعي، هذه المجموعة تعمل على إثارة قضايا الرأي العام وتوجيهه، وهي تعمل بشكل واضح ليل نهار على تثبيت قناعات “صناع القرار في الإمارات” حول الإخوان والإسلاميين في مصر واليمن والمغرب وليبيا بشكل عام أو من يتعاطف معهم من حكومات كتركيا وقطر وكذلك الحملات المنظمة ضد مثقفين لهم مواقف مناصرة للربيع العربي وقضايا العدالة.
ومن أوضح المواقف الصادمة التي عمل عليها هذا التيار السعودي التابع للحكومة الإماراتية هو تبرير العديد من الانتهاكات مثل ما حدث خلال مجزرة رابعة البئيسة التي أقامها السيسي فضلاً عن “الشماتة والسرور” لمصير ضحايا هذه المجزرة بمباركة وسرور لا يفهم، كيف يفرح إنسان لزهق أرواح الأبرياء!.
الموقف الثاني، تزامن مع الانقلاب العسكري التركي، حيث إن هذه المجموعة باركت الانقلاب منذ بداية حدوثه، واستمرت في تبرير فرحها ثم حسرتها على فشل الانقلاب على حكومة العدالة والتنمية.
وأيضاً عندما سحبت الإمارات والسعودية سفرائها من قطر، كان تيار “مثقفين سعوديو-الإمارات” يحتفل بهذا الحدث المشؤوم والابتهاج به وكأنه انتصارا سياسيا على عدو وليس بلد عربي وخليجي.
وأيضا تبرير موقف الأمارات لاحتلال المناطق اليمنية والحروب والجرائم التي تحدث على يد الأمارات في اليمن. هذه المجموعات تغطي وتبرر هذه الاختراقات.
المجموعة الثالثة، هي عدد محدود من المحافظين “الإسلاميين” ممن لهم مواقف خصومة مع إسلاميين الداخل السعودي، تُفتح لهم المؤسسات الإعلامية الإماراتية- السعودية منابر القنوات والصحف للحديث عن خطر الإخوان والتيارات الإسلامية.
حتى أن القاضي السابق عيسى الغيث يشير ذات مرة في حديث إذاعي له أن الحكومة السعودية متراخية في اعتقال من يخالف مواقفها في السياسية الخارجية، ويشير أن الإمارات كنموذج إيجابي تعتقل كل من يعارض الحكم العسكري في مصر!.
وهذه المجموعة تم ربطها عبر الدكتور ابن بيه الذي أسست له الإمارات منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة. ويدور في فلك هذه المؤسسة ولقاءاتها عدد من علماء العالم الإسلامي والعربي كمؤسسة بديلة عن المؤسسات الإسلامية الإقليمية.
المجموعة الرابعة هم من الفاعليين في برامج التواصل الاجتماعي، هذه الشريحة هي مثل الفطر تتكاثر في مواسم وتتلاشى في أخرى، حيث يجري إعداد وتجنيد البعض أو كما يقول البعض توريطه في قضايا أخلاقية يكون بعدها عبد مملوك للإمارات بالمعنى الحقيقي.
حتى عند نشوب الصراع السعودي الإماراتي في اليمن وفي السودان، يخرج أفراد هذا التيار بالعبارة الممجوجة (السعودي إماراتي، الإماراتي سعودي).
هذه الشريحة هي الأكثر فاعليه في رسم صورة الإمارات في المجتمع المحلي السعودي. حيث تتركز أعمالها على التطمين والتأكيد بحكمة ابن زايد وتأكد على أنه الخلافات السياسية هي طبيعية في المشهد الإقليمي والتعامل معها كأمر طبيعي وليس كتعارض المصالح السيادية للسعودية مع المحتل الإماراتي في اليمن أو السودان أو حتى داخل السعودية.
تم تشكيل هذه المجموعات عبر عدد من البرامج في دبي، وأيضا الاستضافات في مهرجانات الإعلام الجديد والملتقيات الإعلامية المصطنعة. هذه المجموعات تطل على الشارع السعودي بذات البرامج المعروفة سابقاً عنهم وبعض البرامج المستحدثة في قنوات العربية والإم بي سي.
في الوقت الذي تجني السعودية ويلات حربها في اليمن وتورطها في حرب لا معنى لها نكتشف أن هذه الحرب كانت مستنقع للاستنزاف الموارد البشرية والمالية للحكومة السعودية.
في حين قامت السياسة الإماراتية على الإعداد على دعم تقسيم اليمن واحتلال بعض اجزاءة الجنوبية والغربية ومعبر باب المندب، الأمر الذي يخالف المصالح السعودية.
وفي الوقت الذي كانت تحتفل السعودية بيومها الوطني تعلن الإمارات عن إطلاق شارع رئيسي بإسم الملك سلمان، وإنارة المباني باللون الأخضر، وكذلك الملاعب والقنوات التلفزيونية.
وفي نفس اللحظة تستضيف الإمارات قيادات الجنوب اليمني للتباحث حول إجراءات التقسيم! إن كل ما يحدث نوع من “الفهلوة السياسية”. إن ما تقوم به الإمارات وتياراتها المتعددة هو يتضح يوماً بعد يوم، حيث نحن أمام قوة تمارس أساليب الدول الغازية والتي تسعى للاحتلال مناطق وثروات جديدة في المنطقة.
ما يقوم به التيار الإماراتي في السعودية، هو تزيين وتبرير مواقف الإمارات داخلياً لدى الرأي العام، وكذلك داخل أروقة مؤسسات صناع القرار.
ومن المواقف الصادمة التي حدثت وحيرت المتابع للشأن المحلي هو تفاعل التيار السعودي الإماراتي مع بعض الأحداث، ففي عام ٢٠١٦، سعى النظام السعودي بكل ثقلها عبر الجامعة العربية إعلان جماعة حزب الله كجماعة إرهابية تقوم قناة العربية بإطلاق فلم وثائقي عن “حكاية حسن” الذي يصف الإرهابي حسن نصر الله بالبطل والرجل الذي والشجاع.
في حين أن القناة هي سعودية وملك للحكومة السعودية بشكل غير مباشر. لكن النقطة الأساسية أن التيار السعودي الإماراتي كان يبدع في تبرير التقرير التبجيلي لحسن نصر الله.
تعمل الإمارات بنفس النمط والاستراتيجية في إنشاء تيارات إقليمية في دول عربية مختلفة لتبرير ممارسات السيادة الإماراتية على أراضي هذه الدولة، هذه القوة الناعمة المدعومة استخباراتيا وإعلامية هي تيارات إماراتية تُأمر وتنفذ وتتحمل الانتقادات المجتمعية.
هذه التيارات أشبه بجيش المرتزقة الذي يعمل أي شيء في مقابل الحصول على حفنه من المال والحضور الإعلامي. أفراد هذه التيارات سواء السعودية مهما كان إحساسهم الوطني حاضر في خطابهم إلا أن الرقيب الإماراتي هو الفاعل في تنفيذ أجندات السيادة والمصالح الإماراتية أولاً وقبل كل شيء.