مجلة دولية: السعودية تتصدر في إساءة معاملة العمال الوافدين
أبرزت مجلة إيكونوميست الدولية ما تشهده السعودية من انتهاكات ممنهجة بما في ذلك إساءة معاملة العمال الوافدين في غياب قوانين توفر الحماية اللازمة لهم.
وأوردت المجلة أنه رغم أنهم سمعوا من أصدقائهم عن قصص “إساءة معاملتهم” في منطقة الخليج، لا يزال العديد من مواطني شرق أفريقيا يرغبون في العمل هناك بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية في بلادهم.
وتشير المجلة إلى “عدد متزايد من مواطني شرق أفريقيا” الذين يرغبون في العمل بالشرق الأوسط، وتقول إنه في العام الماضي، سافر نحو 87 ألف أوغندي وعدد مماثل تقريبا من كينيا إلى الشرق الأوسط .
ويروي العمال العائدون قصصا عن “العنصرية وسوء المعاملة والاستغلال”، بينما تؤكد الحكومات الخليجية أنها أدخلت إصلاحات تحمي حقوق العمالة الوافدة.
ويعيش حوالي 30 مليون عامل مهاجر في دول مجلس التعاون الخليجي، البحرين والكويت وسلطنة عمان وقطر والسعودية والإمارات.وفي بعض دول الخليج، يشكل المهاجرون معظم السكان. ويعمل حوالي 80 في المئة منهم في البناء والضيافة والوظائف المنزلية.
وتشير المجلة إلى الأوغندية، ريبيكا ناكابيتو، التي تستعد للسفر إلى السعودية كعاملة منزلية رغم سماعها بقصة صديقة لها سُكب عليها الماء الساخن بسبب “النوم الزائد”.
وتقول، وهي تستعد لمغادرة أوغندا لأول مرة في حياتها، إنها تأمل في أن تتم معاملتها “كإنسانة.. لا أريدهم أن يعاملوني مثل العبيد”.
والسبب في هذه الرغبة للسفر، وفق المجلة، هو أن تصدير العمالة بالنسبة الحكومات الأفريقية يخلق فرص عمل أفضل من الداخل.
وفي أوغندا، تزداد قيمة تحويلات النقد الأجنبي التي يرسلها عمال من الخارج عن إيرادات البن، محصول التصدير الرئيسي في البلاد.
وخلقت هذه التجارة أكثر من 200 شركة توظيف، بعضها مملوك لضباط في الجيش وأقرباء للرئيس الأوغندي، يوري موسيفيني.
والعمال الأفارقة مصدر جذب لأصحاب العمل في الخليج لأنهم “أرخص” من العمالة الأسيوية، وبموجب الاتفاقات الثنائية، تحصل الخادمة الأوغندية في السعودية، على سبيل المثال، على 900 ريال (240 دولارا) في الشهر، وهو رقم أعلى بكثير مما يمكن أن تجنيه العاملة في بلدها، ولكن أقل من 1500 ريال، متوسط رواتب معظم الفلبينيين.
وبينما تعمل النساء في المنازل، يعمل معظم الرجال في مجالات البناء أو الحراسة.
ويقول موسى كافيريتا، الأوغندي الذي عمل في موقع بناء في دبي، حيث كان يتقاضى أجرا “أقل” من الهنود: “إنهم يعتبروننا أشخاصا نشيطين ولكن كسالى من الناحية الذهنية، لذلك يضعوننا في أصعب الوظائف”.
ووفق دراسة استقصائية عن العمال الكينييين في الخليج، أجراها “الصندوق العالمي لإنهاء العبودية الحديثة”، قال 99 في المئة منهم إنهم “تعرضوا لسوء المعاملة”، وكانت الشكاوى الأكثر شيوعا هي مصادرة جوازات السفر أو منع الأجور، ويليها العنف والاغتصاب.
والعام الماضي، توفي 28 أوغنديا أثناء عملهم في الشرق الأوسط، يعتقد ناشطون أنهم قتلوا على أيدي أصحاب العمل.
وتقول جاكي (اسم مستعار) إن رئيسها في السعودية اغتصبها، ولم تستطع الإبلاغ عن ذلك لأنه أخذ هاتفها. وعندما عادت إلى أوغندا، وهي حامل في شهرها السادس، قالت شركة التوظيف إنها مارست الجنس معه بالتراضي.
وتقول المجلة إن القيود التي وضعت على نظام الكفالة لا تعمل في كل الحالات. وتنقل عن فاني ساراسواثي، من منظمة Migrant-Rights.org، وهي مجموعة حقوقية مقرها في الخليج: “في اللحظة التي تغادر فيها مكان عملك دون إذن صاحب العمل، قد يتم ترحيلك”.
وخففت السعودية قواعد الكفالة بالنسبة لبعض العمال، لكن ليس للخادمات أو الحراس.
وكانت السعودية بدأت في تطبيق إصلاحات في عقود العمل المتعلقة بالعمال الأجانب تهدف إلى منحهم مزيدا من الحرية في تغيير مكان العمل وتخفف من القيود على الخروج من المملكة والعودة إليها.
ورحبت منظمة الهجرة الدولية بالإصلاحات التي من شأنها أن “تقلل بشكل مباشر من تعرض العمال الأجانب للاستغلال وسوء المعاملة فضلا عن تحسين ظروفهم المعيشية والوظيفية في السعودية”.
ويشير تقرير إيكونوميست إلى أن العمال الأوغنديين يفضلون العمل في الخليج رغم هذه الظروف لأنهم ينظرون إلى هذه المسألة بشكل “واقعي” فهم يعرفون “مكانة بلادهم في الاقتصاد العالمي”.
ورغم المخاطر، فإنهم يرون أن العمل في الخارج هو الطريقة الوحيدة “لتمويل أحلامهم المتواضعة مثل افتتاح صالون لتصفيف الشعر أو شراء أرض أو متجر”.
“وتتجلى هذه البراغماتية في دورة تدريبية في كمبالا، حيث يتعلم العمال الجدد كيفية ترتيب الأسِرة وغسل السيارة واستخدام الميكروويف”.
ويقول المدرب للعمال الجدد “إنه إذا كان رئيسك يناديك بالقرد، فحاول أن تتجاهل ذلك وتأخذها على أنه مزحة”.
وتشير المجلة إلى أن الحديث عن حقوق العمال في الخليج يعرض أصحابه للخطر.
وعلى سبيل المثال، اعتقلت قطر، العام الماضي، حارس الأمن الكيني، مالكولم بيدالي، بعد أن كتب في مدونة عن تجاربه هناك. وأمضى العامل 26 يوما في الحبس الانفرادي وسمح له في النهاية بمغادرة البلاد بعد دفع غرامة قدرها 25 ألف ريال لنشره “أخبار كاذبة”.
وقال بيدالي بعد خروجه إن الطعام في السجن “كان صالحا للأكل على الأقل”، وأضاف: “هذا يخبرك كثيرا عن البلد، أن السجناء يأكلون أفضل من العمال المهاجرين”.
وتقولت قطر إنها وضعت حدا أدنى للأجور وشددت قواعد العمل، مؤكدة أن جميع “العمال المؤهلين” تقريبا مشمولون بنظام جديد لحماية الأجور كجزء من الإصلاحات.
وقبل أيام، حذرت منظمة حقوقية من “عمليات اتجار وعنف وانتهاكات أخرى” تتعرض لها عاملات سيراليونيات في سلطنة عمان.
وكشف تقرير جديد للأمم المتحدة، نشر الاثنين الماضي، عن مشكلات تتعرض لهما العمالة المهاجرة بمناطق حول العالم ومن بينها المنطقة العربية.
التقرير يقول إن العمال المهاجرين هم الفئة الأكثر تعرضا للعمالة القسرية
وكشف تقرير جديد للأمم المتحدة، صدر الاثنين، إن 50 مليون شخص تقريبا كانوا يعيشون في “العبودية الحديثة” العام الماضي، بزيادة كبيرة استمرت طوال السنوات الخمس الماضية.
لكن التقرير قال إن عدة بلدان أدخلت إصلاحات تهدف إلى سد الثغرات في الحماية القانونية للعمال المهاجرين، مثل قطر التي شرعت مجموعة من الإصلاحات التشريعية وغيرها من التدابير الرامية إلى ضمان حقوق وحريات العمال المهاجرين، والإمارات التي شرعت قانونا لضمان حق عاملات المنازل المهاجرات في إنهاء عقود عملهن من جانب واحد.