خطّابة وتطبيقات سعودية لـ”إشباع الرغبة” بـ”غطاء ديني”
بعد أيام من الجدل الذي أثاره المسلسل السعودي “ضحايا حلال”، الذي يناقش واقع زواج المسيار في المملكة.
أوقفت الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع عرضه وأزالت جميع الإعلانات الخاصة به على الشبكات الاجتماعية.
وتعالت أصوات الانتقادات بحق كاتبة السيناريو السورية، نور شيشكلي، والمخرج المصري، أحمد مدحت.
وذلك بعد مشهد يظهر فيه مراهق سعودي يترك مدرسته للزواج بامرأة أكبر منه سنا، تقول له: “اللي تشوفه بالنت أحسن أو الطبيعي أحلى”.
مسلسات سعودية
وأطلقت مجموعة من مستخدمي موقع “تويتر” وسم “#إيقاف_مسلسل_ضحايا_حلال”، معتبرين أنّه لا يمثل المجتمع السعودي، ويشوّه صورته.
ورأى الباحث الاجتماعي، عبد الله الكعيد، أنّه “لا يمكن اعتبار زواج المسيار ظاهرة في المجتمع السعودي، علماً أنّه هناك مسببات تبرر إقدام كلا الطرفين عليه”.
وشدد الكاتب السعودي على أنّ “نسبة هذه الزيجات قياساً بالزواج التقليدي أو العادي لا يشكل ظاهرة اجتماعية، إذ أنها محدودة ولا تتجاوز ظروفها السببية الخاصة”.
كلام الكعيد عارضته بشدة ناشطة سعودية في مجال حقوق الانسان (رفضت الكشف عن هويتها).
وأكدت الناشطة أنّ “زواج المسيار منتشر بشدة في المجتمع السعودي، ويشكل ظاهرة، علماً بأنّه يتم بالسرّ دون إعلان أو توثيق، ويعتبره الرجل بمثابة نزهة”.
وفي غياب أي أرقام رسمية أو غير رسمية لهذا النوع من الزواج في المجتمع، والتكتم حوله.
يُطرح تساؤلات عن كيفية عثور الرجال والنساء الراغبين بهذا الزواج على بعضهم، وهذا السؤال يقود إلى ما يُعرف بالـ”خطابين”.
طلبات متزايدة
وفي حديث مع واحدة منهن تقول “الخطابة” (تلعب دور الوسيط بين المهتمين بعقد زواج مسيار).
إنّه “في كل أسبوع، يتقدم إليها بين 8 إلى 10 طلبات من نساء يبحثن عن زواج مسيار، من مختلف المناطق السعودية”.
وأوضحت الخطابة، التي تعرف نفسها بـ”الخالة”، أنّ عملها يتم عبر موقع تويتر، وعلى العلن، وهو غير سري.
ولذلك “لديها سعوديات من قبائل ومناطق عدّة”، وأضافت أنّ “غالبية النساء لديّ هنّ من المطلقات، أو في الثلاثينيات من العمر وأكثر”.
كما رفضت إعطاء المزيد من التفاصيل حول إجراءات إتمام الزواج، مشددة على أنّ “خدماتها للجادين فقط”.
ظروف ومخاطر
وبالعودة إلى الناشطة التي رفضت الكشف عن هويتها، شددت على أنّ “زواج المسيار عبارة عن دعارة بغطاء ديني ومجتمعي، إذ يلجأ له الرجل لأن زوجته قد ترفض فكرة الزواج عليها”.
وعن مخاطر هذه الظاهرة، كشفت الناشطة أنّ “أهم الأسباب التي تدفع الرجل والمرأة للمسيار أو المصياف هي السرية والخفاء”.
وذكرت أن المشكلة الأكبر تبرز بحالة الحمل، وما قد ينتج عنها من نسب غير معترف به”.
في المقابل، قالت أستاذة علم الأنثروبولوجيا الديني في قسم اللاهوت والدراسات الدينية بكلية الملوك بجامعة لندن، مضاوي الرشيد، إنّ “المجتمع السعودي يتقبل ويتعايش مع فكرة الأحاديث الجنسية طالما كانت سريّة”.
وأضافت الرشيد “أن المشكلة لديه تبدأ عندما يظهر ذلك للعلن”.
تطبيقات تعارف
ولغرض هذا النوع من الزواج، ولتسهيل وصول المهتمين به، تتزايد في الآونة الأخيرة تطبيقات تعارف في دول الخليج.
وتظهر إعلانات على مختلف وسائل التواصل للتعريف على هذه التطبيقات.
وتتطلب هذه التطبيقات لفتح الحساب، الاسم، الجنسية، محل الإقامة، الحالة الاجتماعية، العمر، ومواصفات جمالية متعددة (لون الشعر والبشرة، العيون، الطول، الوزن).
وفي جولة على وسائل إعلام سعودية، يتبين وجود مقالات حول ظاهرة المسيار ولكنها غير مقترنة بأرقام وإحصائيات.
كان آخرها مقال لصحيفة “عكاظ” السعودية، حول أزمة عانى منها الرجال السعوديين في ظل الإغلاق العام للحد من فيروس كورونا.
واكتفت صحيفة “الوطن”، في احدى تقاريرها، الكشف نقلاً عن مصادر في وزارة العدل، أنّ “مدة الزواج تبدأ من أسبوعين ولا تتجاوز الـ60 يوماً، وينتهي الأمر بالطلاق بعد حصول خلافات”.
ولا يزال موقف المجتمع من زواج المسيار متأرجحاً بين مؤيد يقول إنّ الدين الإسلامي شرّعه في ظروف محددة.
وبين معارض يرى في “انتشاره السري” ما يشبه “شرعنة الدعارة”.