أين جثة خاشقجي؟ سؤال بلا جوب بعد عام من الجريمة
مضى عام كامل على قضية اغتيال نظام آل سعود الصحفي المعروف عالميا جمال خاشقجي ورغم كل ما عرفناه ماذالت ترتسم أمامنا جملة من الأسئلة بقيت معلقتاً دون إجابات.. أين الجثة؟
لعله السؤال الأبرز الذي ظل عالقاً وتعددت الروايات والاحتمالات بشأنه لكنها تلتقي في تقطيع جثة خاشقجي وحملها خارج قنصلية المملكة في اسطنبول التركية.
إحدى الروايات تتحدث عن نقل فريق الاغتيال السعودي جثة خاشقجي بعد تقطيعها عبر عدداً من الحقائب الدبلوماسية التي تمر على أجهزة التفتيش وغادرة في طائرة لم تخضع لدورها للتفتيش.
الفرضية الأخرى أو كلمة السر التي كشفها تحقيقاً أستقصائيا تمحورت حول بيت القنصل الذي تم بنائه وفق مواصفات محدده ليكون قادراً على تحمل حرارة تتجاوز درجة °1000 مئوية.
ورصدت السلطات التركية اشتعال الفرن على مدار ثلاث أيام أثر أدخال حقائب يُفترض أن جثة خاشقجي كانت بداخلها.
فرضية أخرى نقلتها صحيفة واشنطن بوست الأمريكية عن مسؤول تركي تعتقد أن الجثة المقطعة لجمال تم التخلص منها باستخدام مادة تشبه الأسيد، وأنها لم تكن بحاجة للدفن، والحديث أيضاً عن غابات بالغراد التي زاراها مسؤول الاستخبارات السعودية عشية اغتيال خاشقجي، هل دُفنت فيها أجزاءاً من الجثة!
سؤال آخر دون جواب.. وهو عنوان تخبطاً لنظام آل سعود أسمه المتعاون المحلي التركي الذي سُلمت لهُ جثة جمال خاشقجي وفق الرواية السعودية، حيث طلبت أنقرا الرياض بالكشف عنه ولم تجد رداً منها، لكن السؤال الذي يعود دائماً إلى الواجهة.. من أعطى الأمر باغتيال خاشقجي؟.
خيوط الشبهة المحيطى بأعلى مستويات أتخاذ القرار عززها 19 أتصالاً وفق السلطات الأمنية التركية أجراها فريق الاغتيال بعد الجريمة وخلالها لمسؤلين في مكتب محمد بن سلمان ومنهم مستشاره سعود القحطاني، كُشف عن مكالمة لمنسق العملية ماهر المطرب مع من يُتقد أنه القحطاني مبادراً القول أخبر رئيسك أن المهمة أنجزت.. فمن يكون هذا الرئيس؟.
رجحت الأستخبارات الأمريكية بأن قتل خاشقجي كان بأمر مباشر من محمد بن سلمان وعززتها مديرة الاستخبارات المركزية الأمريكية في تقرير عن الاغتيال لأعضاء من مجلسي الشيوخ والنواب.
وجاء تقرير المحققة الدولية للأمم المتحدة حول أدلة موثوقة تربط بن سلمان بعملية القتل لتشدد الخناق وتوجه أصابع الاتهام له.
هل تتحقق العادلة لجمال؟ ذلك السؤال بقي عالقاً أذ لم يتم التحرك لفتح تحقيقاً جنائي دولي في مقتل خاشقجي، رغم مطالبة الأمم المتحدة، والأبشع أن لا أثر لحد الآن للجثة رغم أن قتلته معرفون على الأقل حسب ما نشر من شهادات واعترافات.
وفي حزيران/يونيو الماضي قدمت أنياس كالامار، المقررة الخاصة للأمم المتحدة حول الإعدامات خارج القضاء بإجراءات موجزة أو تعسفاً، تقريرها حول جريمة مقتل خاشجقي أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
وقالت كالامار “وصلتني معلومات من جهات عدة ولكنني لم أقتنع بأي منها حتى الآن، إذ لم أستطع التدقيق بها لتبيان مدى صحتها.
وأضافت في مقابلة حديثة له مع قناة التلفزيون الأميركية PBS اعترف بن سلمان بأن الجريمة كانت قد حصلت في عهدته أو نطاق إدارته، بمعنى آخر أنه اعترف ولو بشكل غير مباشر بأن هذه الجريمة هي جريمة دولة، بما أنه رجل دولة، بل ويوحي بأنه أشبه برئيس الدولة.
وأشارت أن بن سلمان لا يعترف بمسؤوليته الشخصية الفردية عن هذه الجريمة بل على العكس تماماً فهو قد نأى بنفسه عنها قائلاً إن هناك ملايين من الموظفين الذين يعملون في إدارته، وثمة وزراء يلاحقون الملفات وإنه لا يستطيع مراقبة كل أفعالهم والتحكّم بها جميعاً.
فهو لا يعترف بمسؤوليته الجنائية الشخصية، لكونه على أقل تعديل، لم يتخذ التدابير الضرورية للحيلولة دون وقوع مثل هذه الجريمة.
وأكدت أن هناك ثمة 11 شخصاً يخضعون للملاحقة القضائية ومن ضمنهم 9 من أصل فريق يضم 15 شخصاً، أي الأشخاص الذين تم التعرف إليهم على أنهم ينتمون للمجموعة الخاصة المرسلة إلى إسطنبول.
وتسألت لماذا تم توقيف هؤلاء بالذات لا غيرهم؟ هذا ما لا نعرفه، منذ صدور تقريري، عُقدت جلسة واحدة على حد علمي في المحاكمة، لكنّ المحاكمة مغلقة، والحاضرون، ومنهم ممثل عن الحكومة الفرنسية، لا يبوحون بأي معلومة حول ما يجري فيها.
وتابعت المسئولة الأممية “أياً كان الحال، لا يمكن اعتبار هذه المحاكمة منصفة حتى لو انتهت بأحكام تدين المتهمين، وحتى لو كان الجنرال أحمد العسيري من ضمن المتهمين، إلا أن سعود القحطاني المسؤول الرئيسي لم توجّه إليه التهمة.
وختمت كالامار بأن تحقيق العدالة في قضية خاشقجي سوف يستغرق بعض الوقت، وفي هذه الأثناء لا بد من إحباط كل محاولات إعادة إسباغ الشرعية على نظام آل سعود الذي تأكد طابعه القمعي، كما لا بد من اتخاذ التدابير المطلوبة في هذه المرحلة للمضي قدماً على طريق المبادئ التي تدافع عنها الأمم المتحدة.