محمد بن سلمان يقود استهتار السعودية بالقوانين والتحقيقات الدولية
أكدت أوساط حقوقية أن ولي العهد محمد بن سلمان يقود استهتار السعودية بالقوانين والتحقيقات الدولية في ظل مرور خمسة أعوام على جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي.
وتمر اليوم خمس سنوات على جريمة قتل خاشقجي في قنصلية المملكة في إسطنبول. وقد ادعت السعودية أكثر من مرة أنه تم إغلاق القضية وتمت محاكمة القتلة، حيث أصدرت أحكاماً بالقتل بحق خمس أشخاص خففت لاحقا إلى السجن.
على الرغم من التصريحات الرسمية المتكررة، فإن تتبع مسار القضية يؤكد أن السعودية استخفت بالقوانين والمعايير الدولية في تعاملها مع الجريمة منذ لحظة وقوعها، كما أنها لم تتجاوب مع النداءات والتحقيقات الدولية.
فبعد أسبوع من الإخفاء القسري لخاشقجي، دعا مقررون خاصون تابعون للأمم المتحدة في بيان إلى إجراء تحقيق دولي مستقل وفوري في القضية.
وأكد المقررون أهمية تحديد المسؤولين عن عملية الاختفاء والعقل المدبر لها، وتقديمهم إلى العدالة، وشددوا على ضرورة تعاون السلطات السعودية والتركية بشكل كامل لحلها.
كما أشار الخبراء إلى قلقهم من أن اختقاء خاشقجي مرتبط بشكل مباشر بنقده للسياسات السعودية في السنوات الأخيرة.
وفي 26 أكتوبر 2018 أكدت المقررة الخاصة المعنية بقضية الإعدامات خارج نطاق القضاء والإعدام التعسفي أغنس كالامار، ضرورة إجراء تحقيق دولي. وذكرت أن تلك الدعوة تعود إلى طبيعة الجريمة والضحية والمتورطين وموقع وقوعها.
في 31 أكتوبر 2018، وفي اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين، أكد خبراء أمميون أن الأمم المتحدة والمجتمع الدولي فشلوا في التصدي للاختقاء القسري والقتل الذي تعرض له الصحفي جمال خاشقجي.
بعد 4 أشهر من الجريمة وفي فبراير 2019 قدّمت كالامار ملاحظاتها الأولية بناء على التحقيق الذي قامت به.
كالامارد اتهمت السعودية بعرقلة التحقيق، ومنع المحققين من الوصول إلى مسرح الجريمة لمدة 13 يوما، إلى جانب محاولات لإزالة الأدلة الجنائية واستخدام الحصانة الدبلوماسية للإفلات اكامل من العقاب.
في مارس 2019، ومع بدء السعودية محاكمات في الجريمة ورفضها لتحقيق دولي، قالت كالامار إن “محاكمات الأبواب المغلقة في السعودية للمتهمين بقتل الصحفي جمال خاشقجي لم تفِ حتى الآن بالمعايير الدولية”. واستنكرت غياب الشفافية في التحقيقات والإجراءات القانونية السعودية.
وفي يونيو 2019 صدر تقرير المقررة، الذي وجد أدلة موثوقة تستدعي المزيد من التحقيق حول مسؤولية محمد بن سلمان ومستشاره سعود القحطاني عن الجريمة ودعت كالامار إلى إجراء تحقيق جنائي دولي.
وجاء في التقرير أن مقتل خاشقجي يشكل جريمة دولية ينبغي على الدول الأخرى أن تطالب بالولاية القضائية العالمية عليها، داعية تلك الدول إلى “اتخاذ التدابير اللازمة لإثبات اختصاصها لممارسة الولاية القضائية بموجب القانون الدولي على جريمة الإعدام خارج نطاق القضاء “.
وفي ديسمبر 2019 أكدت أن “الإفلات من العقاب على مقتل صحفي قد يكشف عادة عن القمع السياسي والفساد وإساءة استخدام السلطة والدعاية وحتى التواطؤ الدولي؛ وكل هذه العناصر موجودة في قتل خاشقجي.”
أمام مجلس حقوق الإنسان في جنيف وخلال مناقشة تقرير المقررة الخاصة حول قتل خاشقجي، وافقت العديد من الدول على مطالب كالامار، وانتقدت التحقيقات التي قامت بها السعودية ودعت إلى محاسبة المسؤولين الفعليين عن الجريمة.
وفي 2020 وبعد صدور أحكام نهائية بحق 8 أفراد اتهمتهم النيابة السعو دية بالجريمة غرّدت كالامار ساخرة من المحاكمة “غير العادلة وغير الشفافة” والأحكام “غير الشرعية وغير القانونية” معتبرة أن محمد بن سلمان ظل محميا من أي نوع من التحقيق، ودعت إلى عدم السماح بتبرئة المتورطين بجريمة قتل خاشقجي عبر تلك الأحكام.
وأبرزت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن كافة التصريحات ونتائج التحقيقات لم تدفع إلى أي نوع من التحقيق الرسمي والجدي في السعودية حول مسؤولية محمد بن سلمان.
وقالت إن التعاطي الرسمي مع التحقيقات الدولية والنتائج التي صدرت عنها تعكس استخفافا تاما بالقوانين والالتزامات الدولية، وتظهر بشكل واضح عدم إمكانية محاسبة المسؤولين الفعليين عن الجريمة.
فبعد صدور نتائج التحقيق انتقده سفير السعودية في الأمم المتحدة عبد العزيز الواصل، واعتبر أنه يستند إلى مقالات ومصادر غير موثوقة، فيما هاجم ممثل السعودية في جنيف مشعل البلوي المقررة الخاصة أمام مجلس حقوق الإنسان.
وإلى جانب عدم التعاون مع التحقيق وتجاهل نتائجه، عمدت السعودية إلى تهديد المسؤولين عنه. ففي مارس 2021 أكد مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة دقة التصريحات التي أدلت بها كالامار لصحيفة غارديان والتي زعمت فيها أن مسؤولا سعوديا هددها، بأنه “سيتم الاهتمام بأمرها” إذا لم يتم تحجيمها فيما يتعلق بتحقيقها في مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي.
واعتبرت المنظمة الأوروبية السعودية أن تصريحات محمد بن سلمان الأخيرة حول إغلاق القضية وتكرار أن القتل كان عن طريق الخطأ، دون تحمل مسؤوليته الفعلية عنه، يكرّس المروق على القوانين والتحقيقات.
وأكدت المنظمة أنه على الرغم من مرور 5 سنوات على جريمة قتل جمال خاشقجي، فإنها لم تغلق مع استمرار إخفاء مصير جثمانه، إلى جانب 139 جثمان آخر محتجز على الأقل، وفي ظل إمكانية تكرارها مع استمرار نفس النهج القمعي والدموي.