يرى مراقبون أن خطوة السلطات السعودية في شكوى الإمارات أمام المتحدة على خلفية إعلان أبوظبي منطقة الياسات منطقة بحرية محمية، تحمل دلالات عن حدة الخلافات بين البلدين وعجز ولي العهد محمد بن سلمان في استرداد حقوق المملكة.
وبحسب المراقبين فإن الدلالة الأولى لخطوة السعودية شكوى الإمارات تكشف عن وصول الخلاف بين محمد بن سلمان والرئيس الإماراتي محمد بن زايد إلى نقطة اللاعودة وعدم قدرتهما على حلّ الخلافات بينهما.
وذكر المراقبون أن الدلالة الثانية الأكثر أهمية التعبير بصراحة عن ضعف بن سلمان وعجزه عن استرداد حقوق البلد ولجوئه بدل ذلك للمنظمات الأممية.
وقد اتهمت الرياض في خطاب موجه للأمم المتحدة أبوظبي بالتعدي على حدود المملكة، عبر إصدار السلطات الإماراتية مرسوما أميريا عام 2019، يعلن الياسات “منطقة بحرية محمية”.
وتتضمن الشكوى مذكرة شفوية مؤرخة بتاريخ 18 آذار/مارس الماضي، وموجهة إلى الأمين العام للأمم المتحدة من البعثة الدائمة السعودية في المنظمة الأممية.
وأكدت السعودية رفضها هذا الإعلان، وأنه لا يعتد به ولا تعترف به، ولا تعترف بأي أثر قانوني له، مبينة أنها تتمسك بحقوقها ومصالحها كافة، وفقا للاتفاقية المبرمة بين البلدين في العام 1974 والملزمة للبلدين وفقا للقانون الدولي.
وأشارت الشكوى إلى أن السعودية لا تعترف بأي إجراءات أو ممارسات يتم اتخاذها، أو ما يترتب عليها من حكومة الإمارات في المنطقة قبالة الساحل السعودي “منطقة الياسات”، بما في ذلك البحر الإقليمي للمملكة ومنطقة السيادة المشتركة في جزيرتي مكاسب.
وتعد الياسات من المواقع التي تتميز بأهميتها البيئية، حيث توفر مواطن حساسة من الشعاب المرجانية والأعشاب البحرية والشواطئ الرملية، فضلا عن أهميتها التاريخية والثقافية.
ولا تعترف السعودية بتبعية المنطقة للإمارات، كما أن هناك خلافا حدوديا عليها منذ سنوات طويلة، وتعدّها منطقة سيادة مشتركة.
يعدّ الخلاف حول الحدود بين السعودية والإمارات، الحاضر الغائب، إذ تطفو الأزمة للعلن بين الحين والآخر، خصوصا أنه يتعلق بالثروة النفطية الموجودة في المنطقة.
وانتقد معارضون سعوديون التصعيد الحاصل بين السعودية والإمارات التي وصلت حد تقديم الرياض شكوى للأمم المتحدة لأول مرة في تاريخ البلدين، واعتبروها بمثابة مقدمة لظهور الخلافات وتصاعدها بين الطرفين.
وعقب المعارض يحيى عسيري، بأن الخلافات السعودية الإماراتية متعددة، وإن كانت في الأصل ممكنة الحل بشكل ودي وهذا ما كنا نرجوه بين دولتين جارتين شقيقتين، فنحن والشعب الإماراتي إخوة، ولكن الإشكال بين السلطتين، فلا الشعب الإماراتي اختار قيادته ولا شعبنا كذلك.
وذكر عسيري أن “الفارق بين السلطتين أن السلطات السعودية ساذجة وبسيطة ومتهورة وتتخذ قراراتها بشكل مفاجئ وسريع، بينما السلطات الإماراتية تخطط وترسم، وتدبر لأذية جيرانها وقمع شعبها، وإن كانت الأذية مشتركة بين البلدين، إلا أنها في الأمارات بخطط مدروسة، وفي السعودية قرارات لحظية”.
وأشار عسيري، إلى أن الإمارات استطاعت إغراق السعودية في اليمن، ومن ثم نفذت مشروعها، وتحاول تقسيم اليمن وفرض أجندتها هناك، مؤكدا أن الإمارات حاولت في ذات الوقت الذي غرقت فيه السعودية في اليمن، السيطرة على مناطق بحرية مُختلف عليه بسلوك وكأنه ضربة من الخلف للسعودية.
وأوضح أن السلطات السعودية لم تجد أمامها أبواب مفتوحة مع الدولة الجارة لحل الخلاف معها وديًا، فاتجهت بشكوى للأمم المتحدة، وانتهجت بذلك دبلوماسية قطر إثر الخلاف مع السعودية والإمارات الذي نشب في 2017.