كشف موقع ميدل إيست آي البريطاني عن أن نظام آل سعود وضع خطة إعلامية سرية تهدف إلى التقليل من أهمية قمة كوالالمبور الإسلامية التي عقدت بماليزيا في ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، والقرارات الصادرة عنها.
وأبرز الموقع أن الرياض أصيبت بالذعر من احتمال عقد دول إسلامية كبرى قمة في كوالالمبور خارج سيطرة منظمة التعاون الإسلامي التي ترأسها المملكة، للحد الذي دفعها لإعداد حملة إعلامية مناهضة للقمة.
ونشر الموقع وثيقة تعود لوزارة الإعلام في نظام آل سعود بعنوان “خطة الحملة الإعلامية لمجابهة التحركات لعقد قمة إسلامية مصغرة بدعوة من ماليزيا” تتضمن تفاصيل حملة إعلامية مناهضة لقمة كوالالمبور، وتحدد أهدافها الرئيسية ووسائل تنفيذها.
وكشفت الوثيقة أن الخطة تضمنت مجموعة من الرسائل والبيانات وأصدرت تعليمات للمؤسسات الإعلامية التابعة والمعلقين السياسيين لنشر تلك الرسائل، كما استهدفت حملتها الإعلامية ضد القمة صحفا ومواقع وقنوات تلفزيونية في دول من بينها باكستان وإندونيسيا والعديد من الدول العربية.
وتنص الوثيقة على أن الهدف الرئيسي للحملة هو “التقليل من أهمية القمة وما يمكن أن يصدر عنها من قرارات في ظل غياب أو تخفيض مستوى مشاركة دول إسلامية ذات دور محوري في قيادة العالم الإسلامي وخدمة قضاياه”.
كما تنص على هدفين آخرين هما “تسليط الضوء على حجم المساعدات التي قدمتها المملكة للعالم الإسلامي وقضاياه وعلى رأسها قضية فلسطين، وإبراز دور منظمة التعاون الإسلامي في خدمة الأمة الإسلامية بوصفها كيانا ممثلا لجميع دول العالم الإسلامي”.
ووفقا للموقع فقد تضمنت الوثيقة إقرارا من وزارة الإعلام السعودية بأهمية قمة كوالالمبور رغم جهودها الرامية لتقويضها حيث ورد بالوثيقة ما يلي “نظرًا لأهمية هذا الحدث وآثاره وأبعاده على مسار العمل الإسلامي المشترك، تم إعداد خطة إعلامية لتسليط الضوء على العمل الإسلامي المشترك الذي قامت به منظمة التعاون الإسلامي والدور المحوري الذي تلعبه المملكة في دعم هذه المنظمة وجهودها”.
ووجهت الوثيقة الإعلاميين للكتابة عن نقاط محددة تهدف إلى التخويف من الآثار المترتبة على عقد القمة والتشكيك في مراميها، من ضمنها التوجيه بالكتابة أن عقد قمة مصغرة في ماليزيا خارج إطار منظمة التعاون الإسلامي من شأنها “التشجيع على إنشاء كتل مماثلة بين دول إسلامية أخرى لم تتم دعوتها، وإغراء تلك الدول بعقد مؤتمرات قمة أخرى، مما سيؤدي إلى هدر الجهود والمساعي الرامية لإصلاح هيكل المنظمة”.
وأشار الموقع إلى الغياب اللافت لرئيس الوزراء الباكستاني عمران خان عن القمة الإسلامية المصغرة التي دعت لها ماليزيا واحتضنتها كوالالمبور في 19 ديسمبر/كانون الأول 2019، بحضور قادة إيران وتركيا وقطر ووفود من 56 دولة.
وأرجع أسباب تراجع خان (رئيس وزراء ثاني أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان) عن حضور القمة إلى الجهود الحثيثة التي بذلتها الرياض لمنعه من الحضور.
كما أشار إلى أن ضغوط آل سعود على خان شملت ضغوطا اقتصادية، فقد أعلن ولي عهد المملكة محمد بن سلمان في فبراير/شباط 2019 عن جملة من الاستثمارات في باكستان بقيمة عشرين مليار دولار.
وقال الموقع إن خان انحنى لضغوط آل سعود واكتفى بإرسال وزير خارجيته إلى قمة كوالالمبور، غير أنه ربما ندم على ذلك القرار فيما بعد، وعبر عن ذلك في تصريح أدلى به في مؤتمر صحفي بكوالالمبور في وقت سابق من هذا الشهر حيث قال “يرى بعض أصدقائنا المقربين أن القمة ستؤدي إلى انقسام الأمة، ولكن ذلك ليس هدفها. اعتقد أن تعريف الدول الغربية والأمم الأخرى بالإسلام من واجب الدول الإسلامية”.
ووفقا لتقرير ميدل إيست آي فإن وثيقة وزارة الإعلام وجهت الصحفيين ووسائل الإعلام إلى إبراز إلغاء مشاركة رئيس الوزراء الباكستاني بالقمة، واستخدامه للتشكيك في إمكانية نجاح أي قمة خارج إطار منظمة التعاون.
وكشفت الوثيقة السرية عن مجموعة من وسائل التنفيذ المتعلقة بالحملة من ضمنها “توجيه كتاب أعمدة الرأي لانتقاد أي تجمع لغرض تحقيق أهداف سياسية ضيقة خارج منظمة التعاون” كما توجه بإعداد تقارير إخبارية تلفزيونية تبرز دور المملكة في تأسيس منظمة التعاون واستضافة محللين سياسيين في هذا الإطار.
وعممت هذه التوجيهات على القنوات التلفزيونية والمحطات الإذاعية والصحف المحلية في المملكة.
كما تضمنت الوثيقة لائحة بعدد من المؤسسات الإعلامية الأجنبية التي يراد للحملة الدعائية أن تستهدفها، من ضمنها عدد من الصحف الباكستانية وصحف ومواقع أردنية وقنوات إخبارية وصحف في كل من مصر والسودان والعراق ولبنان وإندونيسيا والهند.
كما وجهت الوثيقة بتنفيذ حملة على وسائل التواصل الاجتماعي تستفيد من المؤثرين في تلك الوسائل للتشويش على القمة.