رصد توثيق حقوقي صادر عن مؤسسة ذوينا لحقوق الإنسان، استمرار اعتقالات تعسفية وانتهاكات في السعودية خلال حزيران/يونيو المنصرم.
وقالت المؤسسة إنه لا يزال النظام السعودي مُستمراً بحملات الاعتقال التي تطال الأكاديميين وأصحاب الرأي ورجال الأعمال، فضلاً عن الانتهاكات المتواصلة ضد المعتقلين في سجون النظام.
وأوضحت المنظمة أنه لا يكاد تمضي أيام دون إعلان عن انتهاك بحق معتقل، ولم تقتصر الانتهاكات على المعتقلين أنفسهم، بل طالت حتى عوائلهم.
وشهد شهر يونيو الماضي أحداثاً متفرقة ليس آخرها الاعتقال، بل شملت إصابات بحق المعتقلين، بينما هبت نسائم الحرية على عدد من المعتقلين الذين أُفرج عنهم خلال هذا الشهر.
اعتقالات متجددة
اعتقل النظام السعودي عدداً من أصحاب الرأي والأكاديميين ورجال الأعمال، دون بيان أسباب الاعتقال، أو معرفة المكان الذي أُودعوا فيه.
استدعى النظام السعودي رئيس محكمة الاستئناف الجزائية المتخصصة الشيخ سعد بن علي الشدي، ولم يكشف النظام عن أسباب الاستدعاء.
أقدمت أجهزة الأمن التابعة للنظام السعودي على اعتقال السيدة أمل علي حسن غالي، من دون معرفة أسباب الاعتقال، وأكدت المصادر أن الاعتقال كان في أبريل 2019، وانقطعت الأخبار عنها حتى هذا الحين.
كما أقدمت أجهزة الأمن التابعة للنظام السعودي على اعتقال رجل الأعمال صالح مبروك عمر منقوش مدير مؤسسة النقعة التجارية بمدينة جدة، منذ شهر يونيو من العام 2018، دون بيان أسباب الاعتقال.
واعتقلت أجهزة الأمن التابعة للنظام السعودي الإعلامي المعروف ومشهور “سناب شات” منصور الرقيبة، بالإضافة إلى اعتقال صديقه فارس التويجري، وشخص آخر لم يُفصح عن اسمه.
نسائم الحرية
رغم استمرار بطش النظام وعنته بحق معتقلي الرأي من العلماء والأكاديميين والمفكرين ورجال الأعمال، إلا أن أخبار جيدة تأتي بين فترة وأخرى، فقد شهد شهر يونيو إطلاق سراح عدد من المعتقلين السياسيين ومنهم:
أطلق النظام السعودي سراح الشاب مرتجى قريريص، بعد اعتقال دام انحو ثمان سنوات، القريريص اعتقل في عام 2014، وهو لم يتجاوزْ الـ 14 من عمره، بتهمة التظاهر.
شهد شهر يونيو إطلاق سراح أبناء الشيخ سفر الحوالي، واثنين من أقاربه، وهم كل من عبد الله وعبد الرحيم الحوالي المحكومان بالسجن مدة 6 سنوات، وعبد الرحمن الحوالي الذي كان محكوماً لمدة 7 سنوات، وقد تعرضوا طيلة فترة الاعتقال إلى التعذيب والإهانة، وحرموا من التواصل مع ذويهم.
وبعد اعتقال دام لأكثر من عام ونصف، أطلق النظام السعودي سراح الناشطة سعاد الشمري، وهو الاعتقال الثاني لها، وكان الاعتقال الأول عام 2015 بعد أن أدخلتها أجهزة النظام المعتقل لمدة 3 أشهر.
انتهاكات مستمرة
لم تتوقف آلة النظام عن إنزال العذاب بحق معتقلي الرأي في سجونها، فلا يزال العشرات من المعتقلين يتعرضون إلى البطش من إدارات السجون، وتتجلى بصورة شتى ما بين تعذيب جسدي ونفسي.
فقد تعرض المعتقلون إلى الضرب والإهانة، وممارسة جميع صور الانتهاكات البشعة بحق الإنسان، فضلاً عن حرمانهم من التواصل مع ذويهم، أو توكيل محامين يقوم بالدفاع عنهم.
وكشفت مصادر حقوقية خلال شهر يونيو عن إصابة أحد القضاة العشرة، الذين تم اعتقالهم في 10 أبريل 2022 بجلطة داخل المعتقل، مُشيرة إلى تعرض البقية إلى تعذيب.
وشملت الانتهاكات تغليظ المحكمة الحكم بحق الخبير الاقتصادي المعتقل في سجون البلاد جميل فارسي إلى 7 سنوات، بعد أن كانت 5 سنوات.
تدشين ذوينا
يعد انطلاق حفل تدشين مؤسسة ذوينا الحقوقية في العاصمة الفرنسية باريس، أحد أبرز الأحداث خلال شهر يونيو، وذلك بحضور الحقوقيين والسياسيين وأصحاب الرأي والصحفيين العرب والفرنسيين.
وتضمن الحفل العديد من الفعاليات ما بين توقيع اتفاقيات، وكلمات للمشاركين، ومؤتمر صحفي على هامش المؤتمر، وندوة عن حرمان ذوي المعتقلين من السفر، وعرض فيديو تعريفي عن المؤسسة.
وأكد عبد الحكيم الدخيِّل المدير التنفيذي للمؤسسة في كلمته على المواصلة بنصرة المظلومين، “إننا لن نتنازل عن نصرة ذوينا، ونحن في مؤسسة THEWINA سنكون أنصاراً للمظلومين من الناشطين والحقوقيين والإعلاميين الذين تعرضوا للظلم من قبل السلطات في السعودية”، لافتاً إلى أن “هذا أقل واجب يمكن أن نقدمه”.
ودعا الدخيِّل إلى توحيد الجهود من أجل نصرة المظلومين، “دعونا نوحد الجهود في مد يد العون للمظلومين من معتقلي الرأي وأهاليهم”، مشيراً إلى “تشجيعهم ليساهموا في الدفاع عن أنفسهم وذويهم بكل الوسائل المتاحة” من خلال “العمل على رد الاعتبار لكرامة الإنسان المهدرة في سجون النظام”.
وفيما تستمر أجهزة النظام وإدارات السجون ممارساتها وانتهاكاتها ضد حقوق المعتقلين، في المقابل تتواصل جهود المنظمات الحقوقية، والتي تعمل على إطلاق سراح معتقلي الرأي، والضغط عليهم من خلال المنظمات الدولية، وتكرر تأكيدها على سلامة المعتقلين وعدم الاعتداء على المعتقلين بالتعذيب الجسدي والنفسي والإساءة لهم، والإهمال الطبي المتعمد.
وجددت مؤسسة ذوينا الحقوقية تأكيدها على استمرارها بالتضامن والمطالبة المستمرة بإطلاق سراح معتقلي الرأي، والتضامن مع عوائلهم وذويهم، وتدعو الجهات المعنية على إطلاق سراح معتقلي الرأي، وتدعو المنظمات الدولية على ضرورة الضغط على السلطات لأجل إطلاق معتقلي الرأي.