أخبار

النفط وارتفاع الدين العام يضغطان بشدة على الاقتصاد السعودي

يتعرض الاقتصاد السعودي إلى ضغوط شديدة بفعل انخفاض أسعار النفط وارتفاع الدين العام وهو ما يهدد بتفاقم تقييد الإنفاق الحكومي، وتأجيل مشاريع البنية التحتية، وتعقيد إدارة الميزانية، لا سيما في ظل تباطؤ النمو العالمي.

وإلى جانب ذلك، فإن ارتفاع أسعار العقارات والأسهم، والاعتماد على المهنيين الأجانب – وهو ما يغذي التضخم – بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف العمل والمعيشة وممارسة الأعمال التجارية في المملكة، كل ذلك يؤدي إلى تآكل بعض المكاسب التي حققها التوسع الاقتصادي.

ورغم هذه التحديات، تظل السعودية ملتزمة بخططها الطموحة. حيث لا تزال المشاريع الكبرى المرتبطة برؤية 2030، ومعرض إكسبو 2030، وكأس العالم لكرة القدم للرجال 2034، من أولويات الحكومة. ومع ذلك، إذا استمرت القيود على الميزانية، فقد تشعر قطاعات أخرى بالضغوط.

ووفقًا للتقارير، يدرس صندوق الاستثمارات العامة السعودي هذا العام خيار زيادة الدين من أوروبا والولايات المتحدة، كما يشجع شركات محفظته الاستثمارية على الاقتراض بشكل مستقل.

وتُبلغ العديد من الشركات، لا سيما تلك التي تعمل بموجب عقود حكومية، عن دورات سداد أطول، مما يؤدي إلى مخاوف تتعلق بالسيولة لدى الموردين، وهي مخاوف قد تمتد آثارها إلى القطاع الخاص بأكمله.

فعلى سبيل المثال، أُجبرت شركة محلية صغيرة، كانت مدينة لها شركة تابعة للقطاع العام بملايين الدولارات، على الإغلاق لأنها لم تتمكن من تمويل عملياتها لفترة كافية حتى يتم سداد مستحقاتها.

وعلى الرغم من أن مثل هذه الحالات لا تزال نادرة، إلا أنها تبعث برسالة مقلقة لرواد الأعمال السعوديين الذين يفكرون في تأسيس شركات جديدة، وكذلك للشركات الأجنبية التي تفكر في دخول السوق السعودية.

وتقوم شركات العقارات والإنشاءات والاستشارات، التي تشكل الجهات الفاعلة الرئيسية في عملية التحول في السعودية، بإعادة تقييم مدى انكشافها على الإنفاق الحكومي.

ولا تقلل هذه التحديات من حجم التقدم الاستثنائي الذي تحقق في إطار رؤية 2030، ولكن للحفاظ على هذا الزخم، تحتاج السعودية إلى تقديم خارطة طريق واضحة ومنظمة توازن بين الانضباط المالي والتوسع الاقتصادي.

تولي وزارة المالية وهيئة كفاءة الإنفاق والمشروعات الحكومية الأولوية للمشاريع ذات العوائد المرتفعة، مع اتباع نهج مدروس في الإنفاق العام. ويجب إدارة ذلك بعناية للحفاظ على نمو الأعمال. وفي موازاة هذه الجهود، سيكون تعزيز الأطر التنظيمية لدعم نمو القطاع الخاص وتقليل الاعتماد على التمويل الحكومي أمرًا حاسمًا لضمان الاستدامة الاقتصادية طويلة الأمد.

ولا يزال التنويع هو الخيار الأفضل للمملكة لدفع عملية التحول. فهناك قطاعات مثل السياحة واللوجستيات والتكنولوجيا، أظهرت إمكانات واعدة، لكنها تحتاج إلى استثمارات ودعم سياساتي لكي تنضج وتتحول إلى ركائز اقتصادية مستقرة.

كما أن تشديد السياسة النقدية للسيطرة على التضخم، وضمان توازن تدفق العمالة الأجنبية مع خلق فرص العمل للمواطنين السعوديين، والحفاظ على استقرار العملة، كلها تمثل أولويات رئيسية.

وسيؤدي تحديد جداول زمنية واضحة وآليات دفع حكومية للمقاولين إلى استعادة ثقة مجتمع الأعمال، ومنع حدوث أزمات سيولة.

وقد تجاوزت رؤية 2030 بالفعل التوقعات، ولكن من أجل ضمان تأثيرها طويل الأمد، يجب على السعودية الآن إثبات قدرتها على إدارة المخاطر المرتبطة بالطموح. فالعالم يراقب، والطريقة التي ستتعامل بها المملكة مع هذه المرحلة القادمة ستحدد إرثها الاقتصادي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى