هجمات الحوثي تكرس فشل آل سعود في حماية المملكة
كرست هجمات جماعة “أنصار الله” الحوثيين في اليومين الماضيين التي استهدفت عمق المملكة فشل نظام آل سعود في حماية المملكة وتبديده المليارات دون جدوى.
ويبدو أن هوس نظام آل سعود بعقد صفقات الأسلحة لا يعرف الحدود أو التوقف، إذ خلال العام الماضي سجلت مراكز بحث أوروبية حلول المملكة في صدارة الانفاق على التسلح وهو نسق لم تحد عنه المملكة منذ عقود، لكن نتيجة كل ذلك صفر.
إذ كان انعكاس هذا الهوس ينقضي على المستوى الدفاعي والتصدي للأخطار المحدقة، لكن السنوات القليلة الاخيرة كشفت خلاف ذلك.
وقبل أسابيع كشفت الحكومة اليونانية عن اعتزامها ارسال صواريخ دفاعية من طراز باتريوت الى السعودية. وصرح المتحدث باسم الحكومة اليونانية أن الخطوة تأتي ضمن مبادرة أمريكية فرنسية بريطانية مشتركة، وأن بلاده ستنشر الصواريخ المذكورة على نفقة الرياض لحماية منشآت وبنى تحتية ذات صلة بقطاع الطاقة.
ولم يندمل بعد الجرح السعودي العميق الذي خلفه استهداف منشآت أرامكو منتصف أيلول/سبتمبر الماضي، فيما لم تفلح الرياض في حينها ولا من قبل في حشد حلفائها عسكرياً كما كانت تؤمن ضد إيران التي تتهمها بالمسؤولية عن الهجمات.
ولم تكن هجمات أرامكو الأولى ولا الاخيرة من نوعها وإن كانت الأقسى ولا تتوقف صواريخ الحوثيين أو طائراتهم المسيرة عن اختراق العمق السعودي مستهدفاً مطارات وقواعد عسكرية ومنشآت نفطية.
لا يعرف سر الاخفاق السعودي في وضع حداً لتلك الهجمات أو التصدي لها عند وقوعها، ويقارن مراقبون بين تفاقم تلك العمليات وفداحة أثارها وبينما ما يفترض أن تكون عليه القوة الدفاعية السعودية.
مولع هو نظام آل سعود على ما يبدو بالتعويل على الخارج في حماية المملكة رغم ما تراكمه من عتاد، ولهذا المسلك جذور قديمة اميط اللثام مؤخرا عن بعضها ضمن ما أكدته وثائق وشهادات من استدعاء قوات فرنسية وأمريكية لفك حصار الحرم المكي قبل 4 عقود في حادثة جهيمان.
لكن اللافت في التطور الأخير دخول اليونان على الخط الدفاعي السعودي، إذ صحيح أن الصواريخ أمريكية لكن أثينا قالت إن 130 من جنودها سيواكبون نشر المنظومة الجديدة في المملكة.
وكان رئيس الوزراء اليوناني زار الرياض يوم الاثنين قبيل الإعلان عن الخطوة التي لقيت انتقادات من المعارضة اليونانية في الداخل باعتبارها مغامرة حقيقية وحضور عسكري يوناني خارج منطقة المتوسط للمرة الأولى منذ عقود.
لماذا اتجه نظام آل سعود صوب أثينا؟ يبدو أن ذلك له علاقة بتدخلات الوضع الاقليمي وأزماته الراهنة الي حملت البعض على ترجيح أن يكون للأمر صلة بتوتر مزمن بين اليونان وتركيا وأن تكون الرياض راعت تلك الخلفية التي بحكم ما بينها هي الأخرى وبين تركيا من فتور.
لكن يبدو أن اليونان ليست وحدها على قائمة نظام آل سعود، فقد كشفت مجلة اسرائيل ديفينس أن الرياض أبدت رغبة في شراء أسلحة من شركة رافيال الإسرائيلية المتخصصة بالصناعة الصواريخ والاسلحة المتقدمة، مفسرة بذلك رغبة سعودية في تنويع مصادر الاسلحة لديها.
ولو صح هذا فستتشابك في قراءته خيوط رغبة آل سعود المتواصلة في اقتناء الأسلحة مع خيوط التطبيع التي تسارع به دولاً عربية لم تخطر في بال إسرائيل نفسها ذات يوم، ولكن بعضها الآن يتذرع بضرورات الأمن القومي والأخر بتنويع مصادر التسليح دون أن يرى كثيرون أكوام الأسلحة تلك أثرا كبيرا على الأرض.
كما يربط مراقبون بين التوجه السعودي الجديد لليونان للحصول على خدمات عسكرية منها بحالة التقارب القوية التي تشهدها أثينا مع إسرائيل، خاصة حول آبار الغاز شرقي البحر الأبيض المتوسط.
ولا يستبعد المراقبون أن تكون إسرائيل هي من وجهت وطلبت من ولي العهد محمد بن سلمان، الاستعانة باليونان وشراء أسلحة دفاعية جوية منها بهدف إنعاش اقتصادها المتدهور أصلاً من سنوات طويلة.
كما تحاول الرياض استفزاز السلطات التركية من خلال إبرام عقود أسلحة معها، خاصة في ظل حالة التوتر التي تشهدها أنقرة وأثينا حول الغاز شرق المتوسط.
وأنفقت الرياض، وما زالت تنفق، عشرات أو ربما مئات مليارات الدولارات على شراء الأسلحة الدفاعية والردعية لتنقذ نفسها من الهجمات الصاروخية التي تطولها منذ عام 2015، إبان دخولها في حرب اليمن، بمشاركة الإمارات، ضد جماعة الحوثي التي في المقابل عزلت قدراتها الصاروخية مستغلة فشل وتخبط آل سعود.
وبعد خمسة أعوام من الحرب على اليمن، أعلنت جماعة الحوثي أنها نفذت ما وصفتها بأكبر عملية عسكرية نوعية على أهداف حساسة في المملكة خلال العام الجاري.
وصرح المتحدث العسكري باسم الحوثيين العميد يحيى سريع أن العملية شارك فيها سلاح الجو المسير والقوة الصاروخية. وتوعد نظام آل سعود بعمليات مؤلمة إذا استمر في عدوانه وحصاره لليمن.
وبحسب بيان صادر عن الحوثيين نشرته قناة المسيرة الناطقة باسمهم، فإن هذه العملية جاءت تدشينا للعام السادس، وردا على تصعيد تحالف العدوان الجوي خلال الأيام الماضية.
ولفت البيان إلى أن صواريخ باليستية وطائرات مسيرة استهدفت عددا من الأهداف الحساسة في الرياض بصواريخ “ذو الفقار” وعدد من طائرات “صماد 3”.
من جهته، أعلن المتحدث باسم الحوثيين أن ما وصفها بدول العدوان شنت أكثر من ستين أمس غارة وعشرين غارة أخرى اليوم، وطالب هذه الدول بوقف ما دعاه بالعدوان وفك الحصار إذا أرادت وقف العمليات.
وكان التحالف السعودي الإماراتي قد أكد في وقت سابق أن مضادات التحالف اعترضت صاروخين باليستيين أطلقهما الحوثيون فوق الرياض، ومدينة جازان جنوبي السعودية.
وقال التحالف إن إطلاق الصواريخ في هذا التوقيت يعبر عما وصفه بالتهديد الحقيقي للحوثيين والنظام الإيراني الداعم لهم، واعتبر أن هذا التصعيد لا يعكس إعلان الحوثيين قبول وقف إطلاق النار.
وقد سقطت شظايا جراء اعتراض الصاروخين على أحياء سكنية بالمدينتين، مما أدى إلى إصابة مدنيين اثنين.
وفي وقت لاحق، أفاد الناطق العسكري باسم الحوثيين بأن دفاعاتهم الجوية تصدت لطائرات معادية في محيط سماء صنعاء، قبل تنفيذها أي هجمات.
ومنذ مارس/آذار 2015 يدعم تحالف عسكري عربي يقوده آل سعود في مواجهة الحوثيين، في حرب خلفت أزمة إنسانية حادة هي الأسوأ في العالم وفقا للأمم المتحدة.