شنت جماعة أنصار الله “الحوثيين” هجمات جديدة على المملكة وسط استمرار عجز آل سعود وأنظمتهم الدفاعية عن التصدي.
وأعلن المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع استهداف مقر قوات التحالف السعودي الإماراتي بنجران جنوبي السعودية بصاروخ باليستي، بعد ساعات من استهداف مطار المدينة بعدد من طائرات “قاصف كي2” المسيرة.
وقال سريع إن الصاروخ الباليستي “أصاب هدفه بدقة عالية وتم تدمير مركز العمليات وسقوط عدد كبير من القتلى والجرحى، بينهم القادة في المقر”.
وأضاف أن عملية استهداف هذا الموقع المهم “جاءت بعد عملية استخباراتية دقيقة، حيث كانت تدار معارك الحدود من تلك الغرف”.
وأوضح المتحدث “نؤكد اليوم لقوى العدوان أن اليد الطولى للقوات المسلحة اليمنية ستلاحقهم أينما كانوا وأن بنك أهدافنا يتوسع يوما بعد يوم”.
وكان المتحدث العسكري باسم الحوثيين قد أعلن قبل ساعات استهداف مطار نجران بعدد من طائرات “قاصف كي2” المسيّرة.
وقال سريع إن الهجوم استهدف غرف التحكم والسيطرة للطائرات المسيرة ومرابضها، فضلا عن استهداف مواقع عسكرية أخرى. وأضاف أن الإصابة كانت دقيقة، وأدت إلى تعطيل الملاحة الجوية في مطار نجران، حسب قوله.
والشهر الماضي هدد المتحدث نفسه بأن عملياتهم ستمتد إلى أهداف حساسة في أماكن أخرى غير متوقعة في السعودية، مؤكدا أن مطارات أبها وجازان وعسير ونجران أصبحت غير آمنة، وستتعرض للاستهداف الدائم والمتواصل.
وكثفت جماعة الحوثي مؤخرا هجماتها بالطائرات المسيرة والصواريخ المتوسطة المدى على أهداف سعودية، ولا سيما مطاري جازان وأبها، بينما تعلن الجماعة بين الفينة والأخرى مقتل جنود سعوديين في مواجهات قرب الحدود اليمنية.
ولم يقف تصعيد الحوثيين عند حدود المطارات، فقد أكدوا وصول طائراتهم المسيرة في يونيو/حزيران الماضي إلى قاعدة الملك خالد الجوية في خميس مشيط جنوبي غربي السعودية. وقبلها في 14 مايو/أيار الماضي، استهدفت سبع طائرات مسيرة محطتي ضخ للنفط السعودي في شركة أرامكو.
ومن الصواريخ البالستية إلى الهجمات بالطائرات المسيّرة، أثبت الحوثيون نجاحهم في تطوير قدراتهم القتالية بعد سنوات من حرب آل سعود على اليمن، حتى باتت أسلحتهم تشكل خطرا جديا على المملكة أحد أكبر مشتري السلاح في العالم.
فقد شنّ المتمرّدون 20 هجوما على الأقل في حزيران/يونيو الماضي وحده ضد منشآت حيوية في المملكة. وتصدّت الدفاعات السعودية لغالبية الضربات، لكنّها لم تتمكن من التعامل مع أخرى، وبينها هجوم بطائرة مسيّرة طال مطار أبها في جنوب المملكة، متسبّبا بمقتل شخص وإصابة 21 آخرين بجروح.
ويقول الباحث في “كينغز كولدج” في لندن أندرياس كريغ المتخصّص في شؤون الشرق الأوسط “شهدنا تزايدا ضخما في قدرات الحوثيين (…) خصوصا في ما يتعلق بالصواريخ البالستية وتكنولوجيا الطائرات المسيّرة”.
ورأى أنّ “القدرات الحالية أكثر تقدما من أي مرحلة كانت قد وصلت إليها القوات المسلّحة اليمنية (الحكومية) قبل اندلاع الحرب”.
وبدا ا اليمنيون فخورين جدا لدى عرضهم في وقت سابق هذا الشهر نماذج من ترسانتهم في معرض أقيم عشية الذكرى السنوية الخامسة لبداية الحرب.
وأقيم المعرض في قاعة لم يحدّد مكانها لأسباب أمنية. وأظهرت تسجيلات مصوّرة وزّعتها وسائل إعلام المتمردين 15 مجسما على الأقل لطائرات من دون طيّار وصواريخ ضخمة وصغيرة، بعيدة وقصيرة المدى.
وأحدث هذه الأسلحة “صماد 3″، وهي طائرة مسيّرة برأس متفجّر قادرة على التحليق لمسافة 1500 كلم، بحسب المتمردين، وصاروخ “كروز” بعيد المدى. والمعرض هو الأول من نوعه منذ بداية الحرب في 8 تموز/يوليو 2014.
وطُبعت على جانبي “صماد 3” أمام جناحيها الطويلين عبارة “سلاح الجو المسيّر”. أمّا صاروخ “قدس” الجديد من طراز “كروز”، فقد طبع عليه “صنع في اليمن”. وللصاروخ الضخم الذي ذكر المتمرّدون أنّه بعيد المدى رغم أنّهم لم يكشفوا عن مداه، جناحان طويلان في المقدمة، وجناحان أقصر مسافة في وسطه، وأربعة أجنحة قصيرة في المؤخرة.
ولا يمكن التحقق بشكل مستقل ما إذا كان تصنيع هذه الصواريخ والطائرات المسيرة يجري على الأرض اليمنية فعلا.
ويسيطر الحوثيون على صنعاء ومناطق شاسعة في شمال ووسط وغرب اليمن منذ 2014.
واعتمدوا حتى بداية 2019 على صواريخ بالستية استولوا عليها من مخازن الجيش اليمني لمهاجمة المملكة، إلاّ أنّهم كثّفوا في الأشهر الأخيرة استخدام طائرات من دون طيار من طراز “قاصف 2″، وهي طائرة صغيرة مفخّخة لا يعرف مداها بالتحديد.
ووقعت أخطر الهجمات في 14 أيار/مايو حين هاجمت سبع طائرات مسيّرة، حسب الحوثيين، محطّتي ضخ لخط أنابيب رئيسي غرب الرياض، ما أدّى الى وقف ضخ النفط فيه لساعات.
وبحسب موقع “جينز 360” المتخصّص بالشؤون العسكرية، كانت هذه “المرة الأولى التي يظهر فيها الحوثيون قدرتهم على ضرب هدف على عمق 800 كلم داخل أراضي المملكة بطائرات مسيّرة”.
ورأى الموقع أن الهجوم سلّط الضوء “على خطر متواصل يتمثّل في إمكانية إقدام الحوثيين على استهداف منشآت نفطية في جدة (غرب)، وينبع (غرب)، ومدن مثل الرياض، ما يعرّض موانئ ومنشآت عسكرية ومطارات لخطر الهجمات”.
وأنفق آل سعود نحو 65 مليار دولار على الأسلحة في 2018، وهي من بين أكثر خمس دول شراء للسلاح إلى جانب الولايات المتحدة والصين والهند وفرنسا، بحسب تقرير لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام صدر في نيسان/أبريل الماضي.