قبالة سواحل السعودية تبحر سفينة فارهة بالقرب من جزر وبحيرات زرقاء اللون، في رحلة تهدف إلى إعادة إطلاق السياحة رغم المخاوف من فيروس كورونا، واستعراض المشاريع الضخمة على ساحل البحر الأحمر رغم إجراءات التقشف.
وفي أغسطس/آب الماضي، بدأت سفينة “سيلفر سبيريت” أو “روح فضية” بعرض رحلات قبالة الساحل على امتداد مئات الكيلومترات في منطقة تأمل المملكة في تحويلها إلى موقع سياحي عالمي ومركز لجذب الاستثمار في إطار خطة طموحة لتنويع الاقتصاد المرتهن للنفط.
وتوفر السفينة الفارهة التي جرى استئجارها لمدة شهرين من قبل شركة مملوكة لصندوق الاستثمارات العامة السعودي، نافذة للاطلاع على مشاريع تقدّر قيمتها بمليارات الدولارات تقوم المملكة بتطويرها على ساحل البحر الأحمر رغم إجراءات التقشف.
وقال وزير السياحة السعودي أحمد الخطيب لوكالة “فرانس برس” في مقابلة على متن السفينة: “نحن نعرّف البحر الأحمر على العالم.. ونبرز قيمته”.
وخلال رحلة بحرية استغرقت 4 أيام الأسبوع الماضي، أبحرت السفينة بالقرب من مشاريع تطوير ضخمة من بينها مشروع “البحر الأحمر” الهادف إلى تحويل عشرات الجزر ومجموعة من المواقع الجبلية على ساحل البحر الأحمر الى منتجعات سياحية فخمة.
ولبضع ساعات، رست السفينة في جزيرتين بينهما سندالا التي تشكل جزءا من مشروع نيوم، المنطقة الضخمة المقرر بناؤها بكلفة 500 مليار دولار على طول ساحل البحر الأحمر وفي مناطق بالأردن ومصر.
وتمت دعوة عدد من أصحاب الحسابات المعروفة عبر وسائل التواصل الاجتماعي للمشاركة في الرحلة المدفوعة كامل تكاليفها، التقطوا خلالها الصور عند الشواطئ الرملية البيضاء.
ويتساءل البعض عن جدوى هذه المشاريع الضخمة التي تأتي في خضم تراجع في الإيرادات الحكومية بسبب صدمة انخفاض أسعار النفط بالإضافة إلى أزمة فيروس “كورونا” المستجد.
وأعلنت السعودية أكبر مصدّر للنفط في العالم أنّها تخطّط لتخفيض الإنفاق الحكومي بأكثر من 7% العام المقبل، بينما من المتوقع أن تسجل الموازنة العامة عجزا بقيمة 12% من الناتج المحلي الإجمالي في 2020.
وفي ذات الوقت، تمنح السعودية عقودا تقدر قيمتها بمليارات الدولارات من أجل مشاريع البناء الضخمة.
ومنح صندوق الاستثمارات العامة السعودي عقودا لتطوير نيوم مؤخرا إلى شركة “بكتل” الأمريكية لإدارة المشاريع وشركة “إيكوم”.
وبحسب نشرة “ميدل إيست إيكونوميك دايجست”، فإن مشروع البحر الأحمر قام بمنح عقود تبلغ قيمتها 5 مليارات ريال (1,33 مليار دولار) ومن المتوقع أن يعطي عقودا تبلغ قيمتها أكثر من 3.5 مليارات ريال (933 مليون دولار) بحلول نهاية هذا العام.
ويؤكد “كولين فورمان” وهو محرر في النشرة أن “المشاريع الجديدة على ساحل البحر الأحمر تمضي قدما على الرغم من كوفيد-19 وانخفاض أسعار النفط”.
وأضاف: “خلال السنوات الثلاث القادمة، ستكون الحكومة السعودية أصغر ولكن مشاريعها ستكون أكبر”.
ومن جانبه، يقول وزير السياحة السعودي أن المشاريع تمشي بوتيرة “سريعة للغاية”، مؤكّدا أنّها تحظى “بدعم غير محدود” من القيادة السعودية.
وقدمت المملكة السفينة الفارهة للمرة الأولى بينما أثرت جائحة “كوفيد-19” على السياحة العالمية.
وكانت السعودية أطلقت العام الماضي تأشيرات سياحية، وفتحت الباب أمام السياحة كجزء من خطة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لتنويع الاقتصاد.
وتبدأ أسعار الرحلة على متن الباخرة من 6000 ريال (1600 دولار)، ويبدو أنها تهدف لجذب السياح الأثرياء من داخل السعودية مع توقف حركة السفر بسبب الفيروس.
وتقدّم الرحلة البحرية أجنحة واسعة بالإضافة إلى خدمة النادل الشخصي.
وانطلقت الرحلة من مدينة الملك عبدالله الاقتصادية، وهو مشروع ضخم قرب مدينة جدة بلغت تكلفته مليارات الدولارات، لكنّه يشكّل تحذيرا لمصير بعض المشاريع الضخمة.
ويبدو المشروع العملاق الذي أطلق قبل أكثر من 10 سنوات في إطار خطة تنويع لبناء مدن جديدة، فارغا تقريبا ويعكس الصعوبات التي تواجهها المملكة في جذب استثمارات في قطاعات غير قطاع الهيدروكربونات.
وترى “كارين يونج” من معهد “أميركان إنتربرايز” أن “الالتزام السياسي بالمضي قدما بالمشاريع الضخمة يبدو موجودا”.
ولكنها أشارت إلى أنّ “إنفاق موارد الدولة المحدودة على مشاريع لا تركّز على خلق فرص عمل أو إخراج أكبر عدد ممكن من الناس من رواتب القطاع الحكومي ليست خطوة إيجابية باتجاه المزيد من التنويع الاقتصادي