شكل مشروع مدينة نيوم السياحية أبرز مرتكزات رؤية 2030 التي روح لها طويلا ولي العهد محمد بن سلمان لكنه أصبح يواجه مستقبلا غامضا بفعل فشل الرؤية الذريع بحسب تقرير بريطاني.
وقالت صحيفة “صاندي تايمز” البريطانية إن مشروع بن سلمان وبناء مدينته الذكية، غير معلوم المستقبل.
وتحت عنوان “الفترة الذهبية السعودية تتلاشى وسط انهيار أسعار النفط ووباء كورونا” نشرت الصحيفة البريطانية تقريرا لمراسلة شؤون الشرق الأوسط لويز كالاغان، قالت فيه: “بدت وكأنها شيء خارج من قصص الخيال العلمي، مدينة في الصحراء لا تحتاج إلى شوارع لأن السيارات ستنقل الموظفين جوا إلى العمل”.
وأطلق عليها “المعجّل للتقدم الإنساني” وتغطي مساحة تعادل مساحة بلجيكا، وستحصل على نورها في الليل من قمر صناعي عملاق، وسيعيش فيها مليون شخص يعملون في “مراكز إبداع” تقيمها شركات سيليكون فالي العملاقة.
واستدركت الصحيفة: فكانت هذه رؤية السعودية للمستقبل والمشروع الرئيسي لولي العهد، إلا أن هبوط أسعار النفط وفيروس كورونا الذي انتشر حول العالم، وضعا السعودية أمام أزمة اقتصادية دفعتها للإعلان عن سلسلة إجراءات تقشفية.
وسيكلّف بناء مدينة “نيوم” 500 مليار دولار، ومن المقرّر أن تقام في شمال غرب البلاد لتطلّ على البحر الأحمر، وستضم سيارات تاكسي طائرة ورجالاً آليين، بحسب السلطات السعودية.
وتقول كالاغان إن العمل على مشروع مدينة نيوم شهد تباطؤا، وبات مستقبلها غير واضح. ونقلت تقارير عن متعهد يعمل في نيوم، قوله إنه خفّض ساعات العمل لفريقه بمعدل النصف، فيما كشفت صور فضائية عن مجموعة قليلة من القصور ومهابط الطائرات.
واحتجت قبيلة الحويطات السعودية على مشروع مدينة “نيوم” الضخم الذي يشكل جزءا من الرؤية الاقتصادية (2030) لولي العهد، الأمر الذى يشكل عقبات متتالية أمام المشروع في خضم أزمة انخفاض أسعار النفط.
وأفادت وكالة الأنباء الفرنسية بأن عددا من أفراد قبيلة الحويطات رفضوا عروض التعويضات التي قدمتها لهم السلطات السعودية مقابل ترك منازلهم والرحيل لمكان آخر.
وقتلت قوات الأمن السعودي، منتصف إبريل/ نيسان المنصرم، المواطن عبد الرحيم الحويطي الذي نشر سلسلة فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي انتقد فيها إجبار قبيلته على الرحيل من الأرض التي عاشوا فيها لأجيال في موقع المشروع في محافظة تبوك، واصفا إياه بإرهاب دولة آل السعود.
وأكد الحويطي أن معارضته قد تؤدي إلى قتله.
وتعلق كالاغان أن مصير نيوم هو مثال عن التغيرات التي تكتسح السعودية.
وأعلن وزير المالية السعودي، الاثنين الماضي، أن المملكة ستضاعف ثلاثة أضعاف ضريبة القيمة المضافة على السلع والخدمات في البلاد من 5 إلى 15 في المائة، وتجريد بدلًا شهريًا يبلغ 266 دولارًا تقريبًا للعاملين في الدولة ومراجعة المزايا المالية الأخرى المدفوعة للموظفين والمقاولين.
وقال علي الأحمد، الصحافي السعودي الذي كشف أولا عن الإجراءات الجديدة: “سيعاني الأشخاص أصحاب العائلات لأنهم سيشعرون بألم الإجراءات في كل مرة يشترون فيها كيس أرز”،
ورأي الأحمد أنه طربما كان هذا أعظم تحدٍ اقتصادي يواجه السعودية منذ إنشائها”.
وكان واضحا للناس العاديين والأمراء على حد سواء، أن أيام الثروة التي لا حدود لها لن تستمر إلى الأبد. وقالت كالاغان إن عاملا في تصميم المجوهرات لقيته عام 2018 أخبرها: “نعرف أن الأمور ستكون مختلفة بالنسبة لنا” و”ليست لدينا توقعات آبائنا ونعرف أن علينا العمل بجد”.
اليوم يعمل السعوديون في ستاربكس وفي مراكز التسوق ويسوقون أوبر، لكن الغالبية منهم يعملون في القطاع العام وبوظائف حكومية. وتصل نسبتهم 58% أكبر من القطاع الخاص، وخمس النساء لا عمل لهن، وتصل النسبة بين الإناث المتخرجات من الجامعة إلى 33%.
ولا يعمل السعوديون في الوظائف المتدنية التي يعمل فيها عادة العمال الوافدون. ولا يزال الاقتصاد يعتمد بشكل كبير على النفط، فيما يقول محللون إن هناك تخفيضات بالنفقات قادمة.
ويقول روبرت موغيلنكي من معهد دول الخليج العربية بواشنطن: “أعتقد أننا توقعنا عددا من الإجراءات ولم يكن هناك مجال للتحايل على سياسة قاسية في ضوء الهزات الخطيرة وغير المسبوقة”.
ويضيف موغيلنكي: المسؤولين السعوديين يحاولون تجنب الإجراءات غير الشعبية مثل تخفيض رواتب القطاع العام. ولا يزال للسعوديين شبكات أمان لتخفيف حدة إجراءات التقشف، كما لا يزال التعليم والصحة العامة مجانيان. كما أن اعتمادهم على الوظيفة الحكومة يمثل شبكة أمان أخرى.
وسبق أن وافق توقعات صحيفة “نيويورك تايمز”، خبراء ألمانيون، لانهيار، “رؤية 2030”.
ومن هذه الأسباب، بحسب المراقبين الألمان، فيروس “كورونا” والانهيار التاريخي لأسعار النفط والحرب في اليمن والاحتقان داخل الأسرة الحاكمة، والصراع مع إيران، وقالوا إنها “تهدد بتبخر هذه الأحلام في سراب الصحراء”.