أعادت محاولات ولي العهد محمد بن سلمان، للاستحواذ على نادي نيوكاسل يونايتد الإنجليزي، جرائم الأمير الشاب مجددا، وسط مطالبات سياسية وحقوقية وإعلامية لإفشال الصفقة.
وأوضحت صحيفة “التايمز” البريطانية، أن الاتفاق بين صندوق الاستثمار السعودي والمُلاك الحاليين لنادي نيوكاسل، وصل إلى مراحله النهائية، حيث تتم صفقة الاستحواذ على النادي مقابل نحو 300 مليون جنيه إسترليني.
وكانت الخطة أن يستحوذ صندوق الاستثمار على 80% من أسهم نيوكاسل، بينما ستحصل شركة “بي سي بي”، المملوكة للمموّلة أماندا ستافلي على 10% من الأسهم، أما عائلة “الأخوة روبنز” الُملاك الحاليين للنادي فستحتفظ بنسبة ال10% المتبقية.
لكن بمجرد الإعلان عن قرب إتمام صفقة الاستحواذ بدأت الاعتراضات تطفو إلى السطح، بسبب سجل المملكة في مجال حقوق الإنسان، والاتهامات التي تُطارد بن سلمان شخصيا ومساعيه من أجل التبييض الرياضي.
وسارعت منظمة العفو الدولية للتحذير من تضرر سمعة الدوري الإنجليزي حال صار النادي المُلقّب بـ “الماكبايس” تحت السيطرة السعودية.
وقالت مديرة المنظمة البريطانية كيت ألين في خطاب وجهته لمدير الدوري الإنجليزي ريتشارد ماسترز: “أعتقد أن هناك أسئلة صعبة وجدية يجب الحصول على إجابات لها لمعرفة ما إذا كان مالكو الصندوق الاستثماري الساعي لشراء نيوكاسل مناسبين للحفاظ على سمعة البطولة واللعبة”.
وأضافت: “بن سلمان بحكم سلطة الواقع وتحكمه في الاقتصاد السعودي وسيطرته على الصندوق السيادي الاستثماري سيصبح مالكاً ومتحكّماً في نادي نيوكاسل، فكيف يكون ذلك أمراً إيجابياً لسمعة البطولة وصورتها الذهنية؟”.
واعتبرت ألين أن الـ “بريميير ليغ” سيُغامر بسمعته لمصلحة ولي العهد السعودي “الساعي لاستخدام بريق الرياضة للتغطية على تصرفاته غير الأخلاقية والمخالفة للقوانين الدولية، سيضع البطولة ومبادئها وقيم لعبة كرة القدم العالمية في مهب الريح”.
وطالبت مجموعة beIN الرياضية القطرية، رابطة الدوري الإنجليزي لكرة القدم، بالتحقق من خلفية المالكين والمديرين لصفقة الاستحواذ المحتملة على نادي نيوكاسل يونايتد.
وجاء في الخطاب الذي وجّهته المجموعة: “beIN الإعلامية، إلى الرئيس التنفيذي لرابطة الدوري الإنجليزي، ريتشارد ماسترز: “تدعو رابطة الدوري الإنجليزي ورؤساء الأندية إلى التحقق من خلفية المالكين والمديرين لصفقة استحواذ محتملة على نادي نيوكاسل يونايتد، حيث بعثت المجموعة برسالتين تتعلقان بتقارير عن صفقة استحواذ محتملة على النادي من قبل نفس الأطراف المسؤولة عن سرقة حقوق beIN”.
وأضاف يوسف العبيدلي الرئيس التنفيذي لمجموعة beIN: “في حال ثبتت صحة التقارير بشأن الاستحواذ على نادي نيوكاسل يونايتد، فإننا نرى أنه من الضروري أن يجري الدوري الإنجليزي الممتاز تحقيقاً كاملاً لخلفية المشتري المحتمل للنادي يشمل جميع المديرين والمسؤولين وغيرهم من ممثلي صندوق الاستثمارات العامة السعودي أو الكيانات السعودية الأخرى المشاركة في الاستحواذ أو تقدم أي تمويل فيه”.
وتتهم شبكة beIN نظام آل سعود بالوقوف وراء شبكة “بي آوت كيو” للقرصنة، التي قامت ببث عدد كبير من المباريات والمنافسات الرياضية بشكل غير قانوني، لا سيما خلال منافسات بطولة كأس العالم 2018 التي أقيمت في روسيا.
ومن المقرر أن يدعو كارل مكارتني، النائب المحافظ البريطاني، الحكومة إلى “منع شراء نيوكاسل يونايتد”، في الوقت الذي دعا فيه جايلز واتلينغ، عضو اللجنة الرقمية والثقافية والإعلامية والرياضية المختارة، اللجنة إلى عقد جلسة أدلة ستكون أكثر أهمية في سياق الاستحواذ المحتمل لنيوكاسل يونايتد”.
وإزاء هذه التطورات، دعت خديجة جنكيز خطيبة الصحفي السعودي الراحل جمال خاشقجي جماهير فريق نيوكاسل يونايتد الإنجليزي إلى وقف استحواذ ولي العهد السعودي على الفريق.
وطالبت خديجة في رسالة مفتوحة إلى جماهير نادي نيوكسل، الجماهير بالتفكير فيما إذا كان استحواذ ولي العهد السعودي على النادي، الذي نافس في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم، هو القرار الصائب.
وقالت خديجة في رسالتها التي نشرتها على حسابها على تويتر: “أناشدكم بالتحرك والضغط من أجل ناديكم، حتى لا يقع في يد بن سلمان الذي يحكم شعبه بالقبضة الحديدية ويقتل معارضيه ويضطهد عائلته”.
وأضافت “لا تجعلوا كرة القدم تدنس بهؤلاء الأشخاص الذين يستخدمونها كغطاء لأفعالهم القبيحة، هذه هي اللحظة التي يجب أن تقفوا فيها من أجل ناديكم ومدينتكم وفريقكم والدفاع عنه والحفاظ على نقاء لعبة كرة القدم”.
ودعت خديجة، قبل ذلك، إدارة الدوري الإنجليزي إلى وقف استحواذ السعودية على الفريق.
وقالت في رسالة إلى الرئيس التنفيذي لرابطة الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم ريتشارد ماسترز إن مكانة الدوري ومكانة “كرة القدم الإنجليزية بشكل عام ستتعرض للتشويه لارتباطها بأولئك الذين يرتكبون أكثر الجرائم ترويعا ثم يسعون إلى تبييضها”.
وتعرض خاشقجي للقتل في أكتوبر/ تشرين الأول 2018، داخل القنصلية السعودية في إسطنبول حيث ذهب لاستخراج وثائق للزواج من جنكيز، وباتت قضيته من بين الأبرز والأكثر تداولاً في الأجندة الدولية منذ ذلك الحين.
وعقب 18 يوماً على الإنكار، قدمت خلالها الرياض تفسيرات متضاربة للحادث، أعلنت مقتل خاشقجي إثر “شجار مع سعوديين”، وتوقيف 18 مواطناً في إطار التحقيقات، دون الكشف عن مكان الجثة.
وبحسب لائحة الاتهام التركية، فإنها تشير إلى ضلوع ولي العهد محمد بن سلمان بجريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي.
وقال رودني ديكسون محامي خديجة جنكيز إن عملية الاستحواذ ليست مجرد “عمل تجاري” لولي العهد والسلطات السعودية، ولكنها محاولة للهروب من العدالة والمحاسبة الدولية.
وأضاف أن “السماح لولي العهد والسلطات السعودية باستخدام هذا الاستحواذ سعياً لإصلاح مكانتهم الدولية، أمر ضد المبادئ والقواعد الأساسية للدوري الإنجليزي الممتاز وسيدمر سمعته الجيدة”.
وعلى النقيض، تسعى رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز إتمام الصفقة، لما يشكّله ذلك من فائدة اقتصادية ورياضية، بينما تتطلع الإدارة الحالية للنادي لبيع غالبية أسهمها للتخلص من عبء كبير، جعلها على الدوام محط انتقادات لاذعة من جماهير النادي، التي ترغب بدورها في رؤية فريقها منافساً على البطولات.
وسبق أن حاول بن سلمان خلال 2019، شراء نادي مانشستر يونايتد، وقدم عرضاً ضخماً في سبيل ذلك، وصل إلى 4.9 مليار يورو، لكن العرض لم يقنع عائلة غليزرز الأمريكية مالكة النادي، ليوجّه بوصلته نحو نيوكاسل الأقل شهرة.