نائب أميركي: الدولة التي قتلت خاشقجي لا يمكن الوثوق بها بسلاح نووي
هاجم النائب الديمقراطي في مجلس النواب الأمريكي براد شيرمان، سلطات آل سعود، داعيا بلاده إلى إفشال تعاقد المملكة مع الصين لتعزيز قدراتها على امتلاك سلاح نووي.
ووجّه النائب شيرمان رسالة إلى وزير الخارجية مايك بومبيو، طلب فيها إجابات على عدد من الأسئلة عن جهود الحكومة الأميركية في التعامل مع شراكة السعودية مع المؤسسة النووية المدنية الصينية، ومنعِ المملكة من القيام بأنشطة يمكن أن تعزز قدرتها على امتلاك سلاح نووي.
وقال شيرمان، النائب عن ولاية كاليفورنيا، في حسابه الرسمي بـ”تويتر”: إن “الحكومة التي قتلت الصحفي جمال خاشقجي بمنشار عظام لا ينبغي الوثوق بها بأسلحة نووية”.
ورأى أن على الولايات المتحدة أن تشعر بقلق عميق فيما يتعلق بالتقرير الأخير لصحيفة “وول ستريت جورنال” بهذا الشأن، لافتا إلى أنه يحاول منذ سنوات دق ناقوس الخطر حول البرنامج النووي السعودي، واحتمال أن تستخدم المملكة الطاقة النووية المدنية كغطاء لبرنامج أسلحة سري.
وكشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” في وقت سابق من هذا الشهر معلومات تفيد بأن المملكة أنشأت سرا، بمساعدة الصين، منشأة لاستخراج الكعكة الصفراء لليورانيوم من خام اليورانيوم.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول غربي أن المنشأة تقع في بلدة “العلا” النائية شمال غربي السعودية، في حين أكد مسؤولون غربيون آخرون أنها شُيدت بمساعدة شركتين صينيتين.
وأبرزت الصحيفة أن الخطوة السعودية أثارت مخاوف المسؤولين الأميركيين من إبقاء الرياض خيار تطوير الأسلحة النووية قائما.
ولفتت الصحيفة إلى أن مشرّعين من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، عبّروا عن قلقهم بشأن تعهد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عام 2018 بالحذو حذو إيران، في حال قيام طهران بتطوير قنبلة نووية.
وقالت الصحيفة إن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية رفض الحديث عما إذا كانت واشنطن قد أثارت القضية مع الرياض، لكنه قال إن واشنطن حذّرت شركاءها من خطر التعامل مع المؤسسة النووية المدنية الصينية.
من جهتها، نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” قبل أسبوع تقريرا يفيد بأن وكالات الاستخبارات الأميركية تقوم بتدقيق سري حول الجهود الجارية في السعودية -بالتعاون مع الصين- لبناء قدرة صناعية على إنتاج الوقود النووي.
ونقلت عن مسؤولين أميركيين أن هذا التدقيق أثار مخاوف من أنه قد تكون هناك جهود سعودية صينية سرية لمعالجة اليورانيوم الخام بشكل يمكن تخصيبه لاحقا وتحويله لوقود نووي.
وأشارت إلى أن وكالات الاستخبارات الأميركية حددت هيكلا مكتملا حديثا بالقرب من منطقة إنتاج الألواح الشمسية بالقرب من العاصمة السعودية الرياض، التي يشك بعض المحللين الحكوميين والخبراء الخارجيين في أنها قد تكون واحدة من عدد من المواقع النووية غير المعلنة.
وحذر مقال بالموقع الإلكتروني لقناة الجزيرة الإنجليزية من مغبة تحول شبه الجزيرة العربية إلى منطقة نووية في ظل سعي كل من المملكة والإمارات لبناء مفاعلات نووية، مما ينبئ باحتمال اندلاع سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط.
وورد في المقال الذي كتبته باتريسيا سابغا، مديرة التحرير والمشرفة على خدمة الجزيرة الإنجليزية الإخبارية المتخصصة في أخبار المال والأعمال، أن من شأن بروز مبادرات لإجراء عمليات انشطار نووي -في منطقة ذات تاريخ يتسم بانتهاج “السرية النووية” وحيث بات تبادل إطلاق الصواريخ بين الأعداء أمرا معتادا- قرع نواقيس الخطر.
وقد بدأت تلك المحاذير تلوح فوق شبه الجزيرة العربية عندما أقدمت دولة الإمارات على تحميل أولى حزم الوقود النووي في أول ٤ مفاعلات نووية بمحطة براكة.
أما السعودية، فهي تعكف على بناء أول مفاعل للأبحاث تابع لمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية في العاصمة الرياض.
وكانت الإمارات قد وافقت على عدم استخدام مفاعلاتها في تخصيب اليورانيوم أو إعادة معالجة الوقود المستنفد. كما وقعت على بروتوكولات عدم انتشار الأسلحة النووية المعززة. كما توصلت إلى 123 اتفاقية مع الولايات المتحدة تسمح بتبادل المكونات النووية المدنية والمواد والخبرات بين البلدين.
غير أن ذلك لم يُرض -بحسب باتريسيا سابغا- بعض المتمرسين في مجال الطاقة النووية الذين تساءلوا عن الأسباب التي دعت الإمارات للمضي قدما في عملية الانشطار النووي بهدف توليد الكهرباء بينما هناك خيارات متجددة أكثر أمانا وأرخص ثمنا تناسب طبيعة مناخها المشمس.
وتؤكد السعودية -شأنها في ذلك شأن الإمارات- أن طموحاتها النووية لا تتجاوز إقامة مشروعات للطاقة المدنية. لكن الرياض لم تحذ حذو جارتها الحليفة لها، إذ لم تعلن رسميا تخليها عن تطوير أسلحة نووية.
وكان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قد أعلن صراحة نيته الحصول على أسلحة نووية إذا امتلكتها إيران أولا. غير أن شبح تحول الحرب الباردة بين السعودية وإيران إلى سباق تسلح نووي -كما تقول كاتبة المقال- ليس أمرا بعيد الحدوث.
وهناك مخاوف متزايدة من تحويل شبه الجزيرة العربية والخليج والشرق الأوسط إلى منطقة نووية.
وتشير سابغا إلى أن الخبراء يحذرون من أن المنطقة “المضطربة” أصلا قد تصبح ساحة لمعارك نووية بالوكالة بين القوى العظمى.
وتعود طموحات السعودية النووية إلى عام 2006 على الأقل حين شرعت في البحث عن خيارات لتطوير الطاقة النووية في إطار برنامج مشترك مع دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى.
ووفقا لمقال الجزيرة الإنجليزية، فقد أدرجت السعودية خططها النووية ضمن “رؤية 2030” التي وضعها محمد بن سلمان بغية تنويع موارد اقتصاد بلاده بعيدا عن النفط.
وتنقل كاتبة المقال عن مايكل شنايدر، ناشر تقرير “وضع الصناعة النووية العالمية”، القول “إذا قررت دول ما بناء محطة للطاقة النووية، فسيتعين علينا النظر في قضايا أخرى تمثل في حقيقة الأمر محركات لتلك المشاريع”.
تجدر الإشارة إلى أن المملكة طرحت عطاءات على الشركات لتقديم عروضها لبناء مفاعلين للطاقة، لكنها لم تسند عقدا بعد لأي منها. ورغم أن تلك الخطط لا تزال على الأوراق، فإن المملكة تمضي في بناء أول مفاعل للبحوث النووية خاص بها.
بيد أن ثمة أمورا مزعجة تحيط بالمشروع السعودي، حسب تعبير المقال. فالمفاعل البحثي الذي بدأ السعوديون في بنائه أوائل عام 2018 قد تأخر إنجازه عن الموعد الزمني المحدد. لكن هناك مؤشرات قوية تدل على أن الرياض تسير الآن قدما نحو الهدف “بهمة متجددة”.
وكانت الرياض قد وقعت على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، التي تلزمها بإبرام “اتفاقية الضمانات الشاملة” مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية”. غير أن تلك الاتفاقيات لا تسمح لمفتشي الوكالة بفحص المواقع النووية متى شاؤوا وفي غضون مهلة زمنية قصيرة.
والحالة هذه، فإن السعودية ليست الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تتوخى السرية بخصوص مخططاتها النووية. فهناك العراق الذي تعرض برنامجه النووي السري إلى التفكيك عقب الغزو الأميركي إبان حرب الخليج عام 1991.
ومن دول الشرق الأوسط الأخرى التي تحرت السرية في برامجها النووية، ليبيا والجزائر وسوريا. وهناك أيضا إيران التي لم تفصح عن منشآتها النووية إلا في العام 2002 بعد اتهام الوكالة الدولية للطاقة الذرية لها بخرق مواثيق الحد من انتشار الأسلحة النووية وبروتوكولاتها.
وفي عام 2015 وقعت إيران مع الدول الكبرى خطة العمل الشامل المشترك -فيما يعرف إعلاميا بالاتفاق النووي- قبل أن تقرر إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب منها في عام 2018.
ومع أن واشنطن انتهجت مواقف متشددة إزاء برنامجي العراق وإيران النوويين، إلا أنها تجاهلت برفق برنامج إسرائيل النووي الذي وصفته الكاتبة بــ “جد” تلك البرامج في منطقة الشرق الأوسط.
ونوهت إلى أن إسرائيل لم توقع على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، كما لم تسمح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بزيارة مواقعها النووية.
وأضافت أن سياسة التعتيم التي طالما ظلت تنتهجها تل أبيب في هذا الصدد -بموافقة واشنطن- “تمثل سابقة وضيعة للشفافية النووية” المتبعة في دول الشرق الأوسط، بحسب الخبراء.
ووصفت الكاتبة ادعاء الأمير محمد بن سلمان أن بلاده ستسعى لامتلاك السلاح النووي إذا نجحت إيران في الحصول عليه، بأنه من قبيل نظرية الردع ضد العدو.
وهناك منتقدون كثر لنظرية الردع هذه، لأن من المستحيل إثبات نجاعتها. وثمة ما يدحض تلك النظرية هو أن الدول النووية -أو تلك التي يعتقد بامتلاكها للسلاح النووي- لا تزال تتعرض لهجمات بأسلحة تقليدية.
وضربت سابغا مثالا على ذلك بتعرض إسرائيل النووية لهجوم بصواريخ سكود من العراق في عام 1991. كما تعرض مركز التجارة العالمية في نيويورك إلى هجوم بالطائرات في 11 سبتمبر/أيلول 2001.
غير أن تطوير أسلحة نووية بذريعة الحاجة إلى قوة ردع تنطوي على احتمالات سلبية لدول الشرق الأوسط، لأنها قد تحيلها إلى “بيادق نووية” في حرب نووية بالوكالة عن القوى العظمى.