يستخدم نظام آل سعود وسائل التواصل الاجتماعي بهدف تكريس سيطرته على الشعب السعودي من خلال تبنيه ظاهرة الذباب الالكتروني ومؤامراته للتغطية على جرائمه.
وبعد أن كان يتم النظر إلى وسائل التواصل الاجتماعي على أنها أداة مركزية في إسقاط الأنظمة المتهالكة، فإن أنظمة قمعية أبرزها نظام آل سعود خولها إلى أداة طيعة لتكريس السيطرة على الشعب.
خلق آل سعود جيشاً إلكترونيا من الحسابات الوهمية التي تنجح بكفاءة في خلق قضايا رأي عام بعيدة كل البعد عن القضايا الحقيقية ليطوع ذلك في تصعيد إلهاء المجتمع السعودي والانشغال بقضايا ثانوية بعيدا عن معاناتهم تحت نير الدكتاتورية والاستبداد والتفقير والتجهيل.
كما يستخدم آل سعود جيشه الالكتروني لنسف أي حراك وطني من خلال حسابات بمئات آلاف المتابعين ولكن لا أحد يعرف صاحبها، ولا شأن لها إلا فضح الفساد ونشر الفضائح وكشف المستور.
وبالصدفة البحتة فإن هذا المستور لا يكون إلا في معسكر المعارضة أو الشخصيات الوطنية، وكأن الأنظمة حمائم سلام. وما الحسابات التي نسمع عن حذفها بالمئات بين فينة وأخرى من منصات متعددة إلا رأس دبوس صغير لجبل الجليد العملاق الذي بات اليوم حاكماً للرأي العام ومحركاً له وصانعاً لقضاياه.
استفاد آل سعود من شركات تتعامل بالدولار لا بالأخلاق في عالم لا تعنيه الأخلاق عادة، فاشترى أنظمة تجسس على الاتصالات وبيانات مواطنيها ووظّفت محللي بيانات لمعرفة الأهواء والميول، ووضع رجل الأمن هراوته جانباً وبات يستخدم جهاز لابتوب حديث، واستغنى عن المخبرين للحصول على المعلومة وبات يحصل على أكثر مما يتخيل وهو جالس وراء حسابه على فيسبوك، وراح ينفذ بنجاح كبير مشاريعه في زرع الفتنة بين مكونات المجتمع وطحن أحلام شبابه وإفقادهم أي إحساس بالانتماء أو بالمستقبل من دون أن تسيل في الشوارع قطرة دم.
أما ثوار الربيع العربي ومنهم النشطاء في المملكة فمتقوقعون في مجموعات مغلقة “غروبات” مخترقة أمنياً على فيسبوك أو واتساب، معزولون عن بعضهم بعضاً في بقية الدول العربية، بل عن إخوتهم في مدن أخرى في معظم الأحيان.
ورغم ذلك كله، فإن بعض القضايا ما زالت تفلت من قبضة الجيوش الإلكترونية العربية، ما زالت هذه الشعوب الجامحة تنجح في فرض قواعدها الخاصة باللعب حتى حين، فكيف يتم التعامل معها؟
ببساطة يتم التعامل معها بالنكتة، بالسخرية والتسخيف، والتركيز على القشور دون اللباب، ما عليك إلا إشعال عود كبريت واحد ليحترق جبل من القش الشعبي المتلهّف للانشغال بتوافه الأمور مدعوماً بآلاف الحسابات الوهمية التي ستخلق له توجهاً عاماً يشعر معه بالقصور والخجل من عدم اللحاق به، وما هي إلا سويعات حتى تمتلك حركة التتفيه محركاً ذاتياً وتنطلق بمعزل عن الدوائر الأمنية لتتوسع وتتطور وتأتي على جوانب ما كانت تخطر في بال صانعيها.
من الأمثلة على ذلك إقرار نظام آل سعود قانون السماح للمرأة بالقيادة، حينها ما كان عليك أن تبذل أي جهد لتجد مئات النكات وربما الآلاف حول قيادة المرأة، كانت كلها تسخّف المرأة وتركّز على عدم أهليتها وغبائها وكيف ستقع في مواقف مضحكة وترتكب أخطاء بدهية، بل إن كثيراً من الحسابات لم تتوقف عند حد النكتة وراحت تختلق قصصاً لأشخاص من لحم ودم وبأسماء تبدو حقيقية، تعرض لما فعلته المرأة التي تجرأت على القيادة، وكيف تسبب صنيعها في دمار أسرتها وتفكك عائلتها.
والواقع أن نظام آل سعود الذي يعتقل ويعذب ويعتدي جنسيا على عشرات الناشطات من أجل حقوقهن، استغل بعض الإصلاحات الجزائية للتسويق الدعائي وفي الوقت نفسه التحريض على حقوق المرأة والتقليل منها.