كشفت تقارير عبرية عن مساعي لترتيب زيارة علنيّة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية بغرض بحث التقدم نحو التطبيع بين البلدين.
وانتهت الانتخابات الأمريكيّة بهزيمة نكراء للرئيس دونالد ترامب، وفوز منافسه الديمقراطيّ جو بايدن، الذي كان قد بارك اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل وعدد من الدول العربيّة، ومن المتوقّع أن تستمّر سياسة إبرام المعاهدات بين إسرائيل ودول عربيّة.
لكنّ الأنظار تتجّه إلى السعوديّة، بصفتها المرشحة الأوفر حظا لإخراج العلاقات السريّة بينها وبين إسرائيل إلى العلن، وذلك تزامنا مع التقارير الإسرائيليّة التي تؤكّد وجود مساعي لترتيب زيارة نتنياهو إلى الرياض علما أنّ أنباء كثيرة أكّدت قيام رئيس (الموساد) بزيارة الرياض.
ونظرا لأهمية الموضوع نستعرض فيما يلي أهّم المحطّات التي ستقود قطار التطبيع مع إسرائيل إلى السعوديّة: اعتبر معهد واشنطن لدراسة الشرق الأدنى، أنّ إخراج العلاقات السريّة بين إسرائيل والسعوديّة إلى العلن في صيف العام 2015، هو من أهّم الأحداث التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط في 2014.
واليوم في ظلّ الأحاديث عن مشاورات سريّة لترتيب زيارة نتنياهو للمملكة، غدا واضحا أنّ التناغم والتكامل ووحدة الأهداف بين السعودية وإسرائيل ليست بحاجة أو ضرورة للاستدلال عليها.
ويمكن القول إنّ نظرة الرياض إلى تل أبيب تطورّت من كيان غير عدوّ إلى كيان حليف: شركاء في المصالح وشركاء في المصير. الدولتان تؤكّدان على أنّ الخطر الأكبر على منطقة الشرق الأوسط، وعليهما بشكل خاصّ، يتمثل في التوسّع الإيرانيّ وتغلغل طهران في الوطن العربيّ، بحسب المصادر الرسميّة الرفيعة في تل أبيب.
وفي هذا السياق من المهّم الإشارة إلى أنّ د. دوري غولد، المدير العّام السابق لوزارة الخارجيّة الإسرائيليّة، كان قد أصدر كتابا باللغة الإنجليزيّة،:”مملكة الكراهية-السعوديّة هي الدفيئة للإرهاب العالميّ الجديد”، وذلك في العام 2005، حيث كشف النقاب بالأدلّة القاطعة، ليس فقط عن أنّ المملكة كانت مرتبطة بالإرهاب، بل أكثر من ذلك، فإنّها هي التي أنتجت الموجة الحاليّة من الإرهاب العالميّ.
غولد أكّد أنّه يستند إلى وثائق استخباراتية غير منشورة لإقامة الصلات بين الإرهاب العالميّ وأيديولوجيا الكراهية التي يجري تشرّبها في المدارس والجوامع في السعوديّة، على حدّ تعبيره.
مضافا إلى ذك، إذا كانت العادة المتبعّة حتى الأمس القريب أن تتولّى إسرائيل تظهير تطور العلاقة وتناميها بين الجانبين، مع التزام سعوديّ بالصمت المؤشر على الإقرار، فإنّ تنامي المصالح والعلاقات بين الشريكين بات يظهر أيضا من السعودية التي لم تعد ترى حرجا في حلفها مع إسرائيل.
وللتذكير فقط، سعى ضابط الاستخبارات السعوديّ السابق أنور عشقي، جاهدا خلال تصريحه لقناة “العالم” على تبرير زيارته إلى إسرائيل، مؤكّدا على ضرورة تعميق العلاقات مع تل أبيب، معتبرا أنّ مقاومة إسرائيل معناها أننّا ندمّر أنفسنا، على حد تعبيره.
وزعم عشقي خلال مشاركته في برنامج تحت الضوء الذي بثته قناة “العالم”، أنّ المقاومة التي تمدها إيران بالسلاح ما قتلت ذبابة، مضيفا: هؤلاء يتاجرون بالدماء الفلسطينية، كفى دماء فلسطينيّة، على حد قوله.
علاوة على ذلك، تعمل السعوديّة على التطبيع الإعلاميّ، الأمر الذي يشير إلى منحى تصاعديّ يمهّد لخطوات لاحقة.
وكشف الإعلام العبريّ مؤخرا عن رفع الحظر والرقابة المفروضين على دخول السعوديين إلى المواقع الإخباريّة الإسرائيليّة، وذلك بعد حظر دام سنوات.
كما كشف القياديّ، يتسحاق هرتسوغ، عن أنّ الدول العربيّة التي جرى التواصل معها للدفع قدما بما أسماها بالعملية السلميّة الإقليميّة، هي مصر والأردن والسعودية والكويت والإمارات والبحرين والمغرب.
وقال إيهود يعاري، محلل الشؤون العربيّة في القناة الـ12 بالتلفزيون الإسرائيليّ، إنّ عدّة دول عربيّة، وفي مقدّمتها الإمارات ومصر تسعيان إلى تغيير رئيس السلطة الفلسطينيّة، محمود عبّاس.
ونقل المستشرق، المعروف بصلاته الوطيدة مع الأجهزة الأمنيّة في تل أبيب، عن المصادر العربيّة والإسرائيليّة، قولها إنّ مبعوثين من الإمارات، السعوديّة مصر والأردن، كانوا قد وصلوا إلى مدينة رام الله واجتمعوا إلى رئيس السلطة عبّاس في مقرّه بالمقاطعة، وحثّوه على إجراء انتخابات لتحديد وريث له في رئاسة السلطة الفلسطينيّة.
وشدّدّ المبعوثون العرب، كما قالت المصادر، على أنّ نقل سلس للسلطة، هدفه الأساسيّ منع انتشار الفوضى العارمة في مناطق السلطة الفلسطينيّة، فيما إذا لم يتّم انتخاب الوريث، بشكل ديمقراطيّ.
وأكتوبر الماضي، دعا مؤسّس اللوبي السعوديّ في الولايات المتحدة، سلمان الأنصاري، إلى ما نعته بالتحالف التعاونيّ مع الدولة العبريّة، وشدّدّ على أنّه يتحتّم عدم تفويت الفرصة التاريخيّة لإنشاء علاقات دائمة وتعزيز السلام والازدهار بين الرياض وتل أبيب.
وتابع: يعتبر كثيرون أنّ مهندس هذا التغيير هو نائب ولي العهد محمد بن سلمان، وهو شخصية براغماتية ومنفتحة، مستعد لنسج علاقات حقيقية ودائمة مع إسرائيل.
وبما أنّ تل أبيب تعلم بأنّ الرياض هي التي بحاجة لتل أبيب، وليس العكس، فإنّه من المتوقّع، أن تستغّل حكومة بنيامين نتنياهو هذا “الصيد الثمين” لتوظيفه سياسيا واقتصاديا.
يشار هنا إلى أنّ القائد السابق لقسم العمليات بجيش الاحتلال، الجنرال نيتسان ألون، كان أكّد في مقابلة مع صحيفة “إسرائيل اليوم”، (13.10.2016) تطور العلاقات مع عدد من الدول السنيّة في المنطقة، وتأصّل وترسّخ العداء في المقابل بين إسرائيل وإيران وحلفائها.
ولفت إلى أنّ هناك الكثير من الأمور التي من الأسهل فعلها سرا، عوضا عن القيام بها بشكل علنيّ، وضمن هذا النطاق، تابع، على تل أبيب أن تعمل بذكاء، ومن المحبّذ أن يكون هذا الأمر بعيدا عن الأضواء، بحسب تعبيره.