أصدرت منصة بثّ المحتوى الترفيهي والأفلام عبر الإنترنت، “نتفليكس”، تقريرها الأول عن الحوكمة الاجتماعية البيئية، أبرزت فيه حالات إزالة المحتوى بطلب من الحكومات.
وأفادت “نتفليكس” بأنها حذفت ما مجموعه 9 أفلام وبرامج تلفزيونية منذ إطلاق منصتها، مشيرة إلى أنها ستكشف عن الطلبات الحكومية سنوياً.
وفي العام 2019، حذفت المنصة حلقة واحدة من عرض “باتريوت آكت وذ حسن منهاج” في المملكة بعد تلقّي طلب خطي من “الهيئة السعودية للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات” في نظام آل سعود.
وقد أثارت هذه الخطوة الغضب في الولايات المتحدة وغيرها، وقال كثيرون إنها تهدّد حرية التعبير.
وفي الحلقة المعنية من البرنامج السياسي الفكاهي، وجّه الكوميدي الأميركي حسن منهاج، سهام النقد لنظام آل سعود بشأن مقتل الصحافي جمال خاشقجي، داخل قنصلية بلاده في مدينة إسطنبول التركية، في أكتوبر/تشرين الأول عام 2018.
وقال منهاج خلالها “حان الوقت الآن لإعادة تقييم علاقتنا مع السعودية. وأعني ذلك كمسلم وكأميركي”، وانتقد كذلك المملكة لضلوعها في حرب اليمن ووصفها بأنها دولة مستبدة.
ونددت “منظمة العفو الدولية” (أمنستي) بـ”رقابة السعودية على نتفليكس”، ووصفتها بأنها “دليل آخر على حملة لا هوادة فيها على حرية التعبير”.
وفي حين يشاهد البرنامج عدد لا يُحصى من المشاهدين حول جميع أنحاء العالم، لم يعد بإمكان المستخدمين في السعودية مشاهدة الحلقة على موقع “نتفليكس”.
وذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” في البداية، أن موقع “نتفليكس” أوقف بث الحلقة للمستخدمين في السعودية بناء على طلب الرياض.
ونقلت صحيفة “فاينانشيال تايمز” عن متحدث باسم الموقع قوله :”نحن ندعم بقوة الحرية الفنية في جميع أنحاء العالم ولم نقم بحذف هذه الحلقة في السعودية، إلا بعد أن تلقينا طلباً قانونياً رسميا من الحكومة – للالتزام بالقوانين المحلية للبلد”.
وكما صرحت الشركة للصحيفة، فقد اعتمدت وزارة الإعلام في نظام آل سعود على قانون مكافحة الجريمة الإلكترونية، والذي ينص على أن “المحتوى الذي من شأنه التأثير على النظام العام والقيم الدينية وعادات وخصوصية المواطنين عبر شبكة المعلومات أو الكمبيوتر” يشكل جريمة جنائية يُعاقب عليها القانون بالسجن لمدة قد تصل إلى خمس سنوات.
تستمر مشاهدة هذه الحلقة بالنسبة للمستخدمين في المملكة على القناة الخاصة بالبرنامج على موقع الفيديو يوتيوب – وفيما يبدو أن الرياض لم تطلب من الشريك التابع لشركة غوغل حذف الفيديو.
الغضب من حذف الحلقة من على موقع “نتفليكس” كان كبيرا، كما كتب أحد المستخدمين في تغريدة له على موقع تويتر: “العديد من العرب منا، كانوا متحمسين للغاية عندما أطلق موقع “نتفليكس” القسم الخاص به في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لأننا اعتقدنا أنها طريقة للالتفاف على الرقابة. لكن ما مع حدث الآن، أعتقد أن ذلك قد انتهى”.
أحد المغردين، يُدعى إيفان غرير، كتب عن التفاعل السريع لشركات التكنولوجيا في اتجاه إرضاء الحكومات، قال فيها إن “السرعة المتزايدة لاستعداد شركات التكنولوجيا إلى فعل أي شيء لإرضاء الحكومات الاستبدادية أمر مخيف، لكنه غير مفاجئ”.
من جهتها كتبت كارين عطية، المحررة بصحيفة واشنطن بوست، في تغريدة لها على موقع تويتر على أن حرية التعبير في العالم العربي، التي عمل عليها خاشقجي، لم تكن تتعلق بالصحفيين فحسب، بل أيضا بـ “الفنانين، الكوميديين، رسامي الكاريكاتير، الموسيقيين، الناشطين وأي شخص يريد التعبير وجهات نظره حول المجتمع “.
نشطاء حقوق الإنسان احتجوا أيضاً، وقالت متحدثة باسم منظمة “هيومن رايتس ووتش” لصحيفة الغارديان البريطانية: “أي فنان تظهر أعماله على موقع نتفليكس يجب أن يُظهر غضبه تجاه الشركة، التي وافقت على فرض رقابة على عرض كوميدي لأن العائلة المالكة في السعودية اشتكت من ذلك”.
ونقلت صحيفة “نيويورك تايمز” عن ممثل منظمة العفو الدولية قوله “إن (موقع) نتفليكس يُخاطر باستسهال سياسة عدم التسامح للمملكة فيما يتعلق بحرية التعبير ويعمل بذلك على مساعدة السلطات على منع الناس من الحق في حرية الوصول إلى المعلومات”.
وظهر أن المصالح الاقتصادية تلعب دوراً، إذ أن شركة نتفليكس، التي تقدر قيمتها السوقية الحالية بـ 142 مليار دولار، توسعت بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة. ففي عام 2016 وحده كانت برامج وأفلام الشركة متاحة في 130 دولة جديدة، بما في ذلك في السعودية.
ويرى مافي غودارزي أن هذه المصالح تتطلب من الشركات أن تتصالح مع القيم التي تدعيها، ويقول: “على الشركات الموازنة بين المصالح والقيم”. هناك إشكالية، لأن الأمر يتعلق أيضاً بتصدير السلع والمعتقدات الثقافية. موضوع أن الشركات، التي تتوسع حول العالم، عليها التكيف مع القانون الوطني، لم يُوضع محل شك حتى الآن ولم يُطرح للنقاش على نطاق واسع “.