قالت مؤسسة القسط لحقوق الإنسان إن سلطات آل سعود تتعمد تصعيد قمعها بحق ناشطات حقوق المرأة ومعتقلات الرأي في السجون.
وأشارت المؤسسة في بيان لها إلى عقد محكمة تابعة لسلطات آل سعود أول أمس الأربعاء بعد شهور من التأخير والاحتجاز المطول دون أي جلسة، محاكمة لناشطات حقوق المرأة لجين الهذلول ونسيمة السادة وسمر بدوي ونوف عبد العزيز عند المحكمة الجزائية بالرياض.
واعتبرت المؤسسة انعقاد جلسة المحاكمة تصعيد متعمد من سلطات آل سعود للقمع بحق ناشطات حقوق المرأة على إثر اختتام قمة مجموعة العشرين الدولية التي انعقدت برئاسة المملكة افتراضيا.
وفي جلسة لجين الهذلول نقلت قضيتها من المحكمة الجزائية إلى المحكمة الجزائية المتخصصة بعد أن خلصت الأولى إلى أن القضية “خارج اختصاصها”.
وفي بداية القضية في مارس 2019 وبعد قرابة السنة من الاحتجاز التعسفي كانت السلطات تنوي محاكمتها هي وبقية الناشطات عند المحكمة الجزائية المتخصصة التي أنشئت في 2008 لمحاكمة قضايا الإرهاب وأكثرت السلطات استخدامها لمحاكمة نشطاء حقوق الإنسان.
لكنها تراجعت عن ذلك بسبب الضغط الدولي ونقلت القضية إلى المحكمة الجزائية بالرياض، والآن بعد أن أعيدت الهذلول إلى الجزائية المتخصصة صرحت الأخيرة بأنها ستفتح تحقيقًا في ادعاءات التعذيب الذي تعرضت له الهذلول أثناء الاحتجاز.
وقد علمت القسط أن الهذلول دخلت إضرابًا عن الطعام في يوم 26 أكتوبر احتجاجًا على ظروف الاحتجاز وحرمانها من التواصل مع العالم الخارجي، بما في ذلك أسرتها، وبعد أسبوعين تعرضت للمضايقات من سلطات السجن التي تعمدت إيقاظها من النوم كل الساعتين في الليل والنهار، ما دفعها لإيقاف إضرابها عن الطعام بسبب الإنهاك النفسي.
وصرحت المديرة المكلفة للقسط صفاء الأحمد: “هذا التصعيد بالمضايقات وتحويل قضية لجين إلى الجزائية المتخصصة يبين عدم اكتراث السلطات السعودية بحقوق الإنسان الأساسية”.
وقالت الأحمد “يبدو أن السلطات بعد اختتام قمة مجموعة العشرين تعتقد أنها يمكن أن تواصل القمع دون رادع أو رقيب، ولذلك نحث المجتمع الدولي على مواصلة دعوته السلطات للإفراج عن النساء المعتقلات فورًا ودون شروط”.
وأضافت “يجب على السلطات السعودية إسقاط كل التهم عن المدافعات عن حقوق المرأة والإفراج الفوري وغير المشروط عن الناشطات المعتقلات ومعهن كل شخص معتقل لتعبيره السلمي عن رأيه أو لنشاطه الحقوقي السلمي، ويجب عليها السماح بتحقيق عاجل ونزيه ومستقل وفعال في ادعاءات التعذيب في السجون ومحاسبة المسؤولين”.
وفي 15 مايو 2018 ابتدأت السلطات السعودية حملة اعتقالات استهدفت عددًا من أبرز الناشطات الحقوقيات في السعودية، إلى جانب بعض الرجال المناصرين لحقوق المرأة، وتبعتها موجات اعتقال أخرى في شهريّ مايو ويوليو، وكان ذلك قبل بضعة أسابيع من السماح للمرأة بقيادة السيارة في السعودية في 24 يونيو.
وقد ورد للقسط في الأشهر التالية لحملة الاعتقالات معلومات تفيد بتعرّض الناشطات للتحرش الجنسي والتعذيب وغيرها من ضروب المعاملة القاسية أثناء التحقيقات، بما في ذلك التعرية واللمس في الأماكن الحساسة والضرب والصعق بالكهرباء.
بدأت محاكمة الناشطات في الرياض في مارس 2019، وقد ناقضت لائحة تهم الادعاء العام مزاعم السلطات السعودية وحملتها الإعلامية التي وصفتهن بالخائنات واتهمتهن بالتواصل مع استخبارات أجنبية، فاقتصرت على تهم متعلقة بالعمل السلمي الحقوقي والتوعوي مثل المطالبة بإلغاء نظام الولاية ومشاركة المعلومات مع الصحافة والدبلوماسيين ومنظمات حقوق الإنسان الدولية.
ومع تزايد الضغط الدولي بقرار من البرلمان الأوروبي وبيانين مشتركين من مجموعات من الدول العضوة في الأمم المتحدة، أفرجت السلطات في 2019 عن هتون الفاسي وأمل الحربي وميساء المانع ورقية المحارب وعبير نمنكاني وشدن العنزي وعزيزة اليوسف وإيمان النفجان، لكن الإفراج مؤقت والمحاكمة ما زالت مستمرة ولم يسمح لأي منهن مزاولة عملها، في حين ظلت في السجن حتى اليوم لجين الهذلول وسمر بدوي ونسيمة السادة ونوف عبد العزيز ومياء الزهراني.