استنكر حزب التجمع الوطني المعارض إعلان السعودية ميزانية 2024 بعجز يُقدر بنحو تسعة وسبعين مليار ريال، وتبرير وزير المالية بأن ذلك ناتج عن زيادة الإنفاق على المشاريع التنموية.
وقال حزب التجمع في بيان تلقى “سعودي ليكس” نسخة منه، إن ادعاءات الحكومة السعودية بشأن عجز الميزانية لا يمكن التحقق منها في ظل غياب آليات الشفافية وإمكانيات التحقق من مدى دقة الأرقام المعلنة وأسباب العجز بعيدا عن البيانات الرسمية للسلطات.
وأعرب الحزب عن قلقه من الوضع الاقتصادي الحالي والمستقبلي للمملكة، حيث أثبتت السلطات عدم مصداقيتها وعدم جدارة وجدوى معظم سياساتها لإدارة الاقتصاد، خاصة في ملف الإنفاق وطبيعة المشاريع المنفق عليها، واستنزاف مقدرات البلد في حروب وصراعات عبثية.
وأكد الحزب أن سياسات السلطات الاقتصادية غير المسؤولة أثقلت كاهل المواطنين بالضرائب، وضغطت على مستواهم المعيشي.
كما استنكر غياب مؤسسات الرقابة والمحاسبة الشعبية التي يمكن من خلالها عرض ومناقشة الميزانية بشفافية ونزاهة أمام الشعب ويصوّت عليها ممثليه المنتخبين، ويراقب المجتمع تنفيذها.
وأوضح أن المجتمع أصبح مبعداً عن مناقشة طبيعة الإنفاق وجدوى المشاريع المعلن عنها، والتي تستهلك مقدرات البلاد وثرواتها بعيدا عن رقابة الشعب وممثليه، وتزايد الاقتراض والمديونية، مما يضع المستقبل الاقتصادي للدولة موضع القلق والشكوك، مجددا مطالبته بالمشاركة السياسية الشعبية والإصلاح الديمقراطي في البلاد.
وقال الحزب إن ذلك يضمن الحق في الشفافية وحرية الوصول وتداول المعلومات، ويرتبط بشكل مباشر بالوضع المعيشي والاقتصادي ولا يمكن فصله عنه.
وأضاف أنه لا تنمية أو نهضة أو إصلاح اقتصادي حقيقي دون نظام ديمقراطي يمكن مراقبة الحكومة فيه ومحاسبتها ودراسة جدوى مشاريع الانفاق بصورة علمية ودقيقة بحيث تكون الشفافية والنزاهة الضامن الأول لتنمية وتعزيز نمو الاقتصاد.
وتتواصل التقارير عن رصد تخبط اقتصادي مستمر في السعودية ما يكذب الدعاية الحكومية المستمرة عن نجاحات تحققها رؤية 2030 في ظل سياسات استثمارات فاشلة.
أبرز الشواهد على ذلك تراجع فائض الميزان التجاري في السعودية إلى 100 مليار ريال (26.6 مليار دولار) خلال الربع الثالث من العام 2023 وسط انخفاض الصادرات البترولية.
ووفق بيانات هيئة الإحصاء السعودية، تراجع فائض الميزان التجاري من يوليو/تموز وحتى سبتمبر/أيلول الماضيين، مقابل 102 مليار ريال في الربع الثاني، و216 مليار ريال في الربع الثالث من 2022.
وقد انخفضت الصادرات السلعية بنحو 24.9% إلى 299.8 مليار ريال في الربع الثالث، وسط انخفاض الصادرات البترولية بنسبة 27.8% عند 231.1 مليار ريال.
وتراجعت نسبة الصادرات البترولية من مجموع الصادرات الكلي إلى 77.1% مقارنة بـ80.2% في الربع الثالث لـ2022.
أما على مستوى الصادرات غير البترولية فانخفضت بنحو 13% على أساس سنوي إلى 68.7 مليار ريال، فيما ارتفعت الواردات في الربع الثالث بنسبة 9.4% على أساس سنوي إلى 200 مليار ريال.
وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كشفت الهيئة العامة للإحصاء السعودية، عن تراجع الناتج المحلي الإجمالي 4.5% في الربع الثالث على أساس سنوي، للمرة الأولى منذ العام 2021، نتيجة تراجع الأنشطة النفطية بنسبة 17.3%، وبالرغم من ارتفاع الأنشطة غير النفطية بنسبة 3.6%.
وتكشف الأرقام الأولية للناتج المحلي الإجمالي عن دخول اقتصاد المملكة مرحلة من “الركود الفني”، وفقًا لتقرير صادر عن شركة “كابيتال إيكونوميكس”، في لندن.
وهذا التراجع يعود إلى انخفاض إنتاج النفط على الرغم من مرونة الاقتصاد غير النفطي للمملكة، واصفا قرار السعودية بالتخفيض الطوعي لإنتاجها النفطي اليومي بمقدار مليون برميل يوميًا بأنه “كان عاملاً رئيسياً في الوضع الاقتصادي الحالي”.
وتوقعت شركة الاستشارات البريطانية استمرار خفض إنتاج النفط بعد اجتماع تكتل “أوبك+” الأخير، ولذا فمن المرجح أن يشهد الاقتصاد السعودي انكماشًا طوال العام الجاري.
وشهد الربع الثاني من العام انخفاضًا للناتج المحلي السعودي بنسبة 0.1% على أساس ربع سنوي، بعد انخفاض بنسبة 1.4 % في الربع الأول.
وإضافة لذلك، تباطأ نمو الاقتصاد السعودي على أساس سنوي بشكل ملحوظ من 3.8% في الربع الأول إلى 1.1% في الربع الثاني.
وكان قطاع النفط هو الأكثر تضررا، إذ انكمش بنسبة 1.4% على أساس فصلي بسبب تخفيضات إنتاج النفط في “أوبك +”
ورغم أن القطاع غير النفطي يُظهر نموًا واعدًا في السعودية بنسبة 2% على أساس فصلي، إلا أن الانخفاض في العائد النفطي طغى على هذا النمو.