أكد موقع “أويل برايس” الأمريكي فشل سلطات آل سعود في تحقيق أي نوع من النجاح في الحرب الأولى لأسعار النفط التي استمرت ما بين 2014- 2016 ثم الحرب الثانية التي بدأتها في آذار/مارس حتى نهاية نيسان/إبريل من هذا العام.
وتوقع المحلل في شؤون النفط سايمون واتكينز، في مقال تحت عنوان “السعودية ترفض التعلم من المحاولتين الفاشلتين في حرب أسعار النفط”، أن تؤدي أي حرب ثالثة لأسعار النفط بانهيار الأسرة الحاكمة في المملكة.
وقال واتكينز: كان من المفترض أن تتعلم المملكة من دروس المحاولتين الفاشلتين ومخاطر المشاركة في حرب كهذه.
وأشار إلى أن المملكة وبناء على التصريحات الصادرة منها الأسبوع الماضي قد تقوم بحرب أسعار نفط جديدة ستخسرها مرة ثالثة وبآثار كارثية على أعضاء منظمة الدول المنتجة والمصدرة للنفط (أوبك).
وقال: في قلب المشكلة هو الوهم الجماعي لدى المسؤولين الكبار في الحكومة بشأن الأرقام الحكومية الرئيسية المتعلقة بصناعة النفط التي تثبت دعائم النظام.
وعلق واتكينز: هذه الأوهام لا يقوم أي مستشار أجنبي بارز بتبديدها نظرا لأنهم يحققون أرباحا هائلة لبنوكهم من حماقات السعودية المتعددة، خاصة حروب أسعار النفط.
ورأى الكاتب أن هذا مثال عن “ملابس الإمبراطور الجديدة” مع أن هذا لا ينطبق على ولي العهد فقط ولكن على المستشارين الذين يزينون له ويرتبطون بصناعة النفط السعودية.
واستدل بتصريحات أمين الناصر، كبير المدراء التنفيذيين في شركة أرامكو، بأن الشركة ستزيد من قدرتها المستدامة القصوى إلى 13 مليون برميل في اليوم من 12.1 مليون برميل في اليوم.
وعلق واتكينز “هذا التصريح وبعيدا عن هذا التباهي الذي لا معنى له فالعالم يسبح بالنفط نتيجة الطلب السلبي عليه بسبب كوفيد- 19، من الرجل الثالث في قطاع الطاقة السعودية (بعد محمد بن سلمان ووزير الطاقة عبد العزيز بن سلمان) مضللة جدا”.
وأضاف: الفهم الجمعي لسوق النفط منذ 2014- 2016 وهو أن أي شيء تقوله السعودية يجب عدم أخذه على محمله الحقيقي بدون فحصه.
فمن ناحية مصطلح “القدرة المستدامة القصوى”، هو ما تستخدمه المملكة منذ حربها النفطية الأولى الفاشلة ويغطي ما يقول الكاتب وهمين آخرين وهما المستوى الحقيقي لاحتياطات النفط الخام والمستوى الحقيقي للقدرة الإنتاجية الفائضة.
وكانت السعودية تؤكد قبل حرب أسعار النفط الأولى أن لديها قدرة إنتاج فائضة تتراوح ما بين 2.0- 2.5 مليون برميل في اليوم. وهو ما يعني أن السعودية ضخت على مدى السنوات الماضية 10 ملايين برميل في اليوم (وفي الحقيقة أنها ضخت 8.162 ملايين برميل في اليوم وفي الفترة ما بين 1973-2020).
وحتى في عز حرب النفط ما بين 2014- 2016 والتي أثرت على الاقتصاد السعودي وزملاء السعودية في أوبك لم تكن السعودية قادرة على ضخ أكثر من 10 ملايين برميل في اليوم.
وأكد أن المعطيات السابقة أثبتت أن المملكة لم تستطيع زيادة معدلات الإنتاج إلى 12.5 مليون برميل في اليوم.
وبحسب تعريف إدارة معلومات الطاقة للقدرة الفائضة فهي زيادة خط الإنتاج خلال 30 يوما والحفاظ عليه مدة 90 يوما. لكن السعودية تحتاج كما تقول إلى 90 يوما لتحريك الحفارات لحفر آبار جديدة وزيادة الإنتاج بما بين 2.0- 2.5 مليون برميل في اليوم.
وأشار واتكينز إلى أن المسؤولين السعوديين تلاعبوا في الكلام حيث تحدثوا عن “القدرة” و”إمداد السوق” بدلا من الناتج أو الإنتاج.
وأوضح أن هذه المصطلحات تختلف في معانيها. فالقدرة مثلا تعني الاستفادة من النفط الخام المخزون في أي وقت بالإضافة للإمدادات التي يمكن وقفها من العقود أو يتم توجيها إلى الإمدادات المخزنة.
ويمكن أن تعني أي إمدادات يمكن الحصول عليها بسرية من مصادر أخرى من العراق كما في حرب الأسعار الأخيرة وعبر سماسرة ويتم نقلها على أنها نفط سعودي.
وقال واتكينز إن نفس المصطلحات استخدمت للتعمية عن حجم الإنتاج الحقيقي بعد الهجمات على منشآت النفط في إبقيق وخريص في أيلول/سبتمبر 2019.
ويعتقد أن السبب الرئيسي وراء محاولات السعودية التعتيم على قدراتها الإنتاجية الحقيقية والفائضة لأن النفط حجر الأساس في قوتها الجيوسياسية منذ اكتشافه في ثلاثينات القرن الماضي، ولهذا السبب لا تقول المملكة الحقيقة حول احتياطاتها من النفط الخام.
فمنذ بداية 1989 قال السعوديون إن حجم الاحتياط من النفط الخام المثبت هو 170 مليار برميل ليرتفع بعد عام وبدون اكتشاف آبار جديدة بنسبة 51.2% إلى 257 مليار برميل.
وزاد بعد فترة قصيرة إلى 266 مليار برميل. وظل هذا المستوى بارتفاع حتى عام 2017 حيث وصل الرقم إلى 268 مليار برميل. وبدون اكتشاف آبار جديدة زادت الأرقام.
وما بين 1973- 2020 استخرجت السعودية 2.979 مليار برميل في العام، بمعدل 8.162 ملايين برميل في اليوم، أي ما مجموعه 137.04 مليار برميل من النفط الخام.
وقال الكاتب إنه في ظل عدم اكتشاف آبار جديدة وتراجع الإنتاج في آبار كبيرة مثل الغوار فمن الناحية الحسابية يصعب القول إن القدرة الاحتياطية للنفط الخام هي في أكثر من 120 مليار برميل وليس الرقم المستخدم 268 مليار برميل أو أكثر.
ونظرا للقوة الجيوسياسية والاقتصادية التي يمثلها النفط للسعودية، فإن حصة أرامكو من سوق النفط وفي الظروف العادية قد تكون متقلبة. ولهذا السبب حاول محمد بن سلمان ألا يفقد المصداقية من خلال عرض أسهم أرامكو للاكتتاب العام.
ومن أجل بيع 1.5 من أسهم الشركة بعد تخفيضها من 5% تم تشجيع البنوك لتقديم القروض للسعوديين وبأسعار محببة. فيما فتح الباب أمام الصناديق السيادية بالمنطقة للمشاركة في العروض المختلفة وكذا رجال الأعمال السعوديين البارزين الذين خافوا من تكرار مشهد ريتز كارلتون عام 2017.
وبناء على هذا أكدت ارامكو للمستثمرين أنها ستفي بالأرباح المتوقعة والتي قدمتها من أجل إنجاح بيع 1.5 من أسهمها حيث وعدت المستثمرين بتوزيع أرباح 75 مليار دولار. ولأن حصة أرامكو من الأسعار مرتبطة بوضع محمد بن سلمان في داخل البلاد، فهي لا تملك قرارا في هذا الموضوع مع أنها أعلنت في الأسبوع الماضي أن صافي الربح انخفض في الربعية الثانية من هذا العام بنسبة 73.4%.
وكان هذا وللمفارقة لإعلان السعودية حرب أسعار من أجل تدمير صناعة الزيت الصخري الأمريكية وأدت لانهيار الأسعار وضاعفت من إنتاجها في وقت تراجع فيه الطلب العالمي على النفط بسبب كوفيد-19.
وختم الكاتب مقاله في الموقع الأمريكي: ستصبح الأرقام التي تتحدث عنها السعودية بدون قيمة لو بدأت السعودية حرب أسعار جديدة، كما هو واضح من الحديث عن زيادة القدرات الإنتاجية القصوى من 12.1 مليون برميل في اليوم إلى 13 مليون برميل في اليوم. ولو شنت حرب ثالثة فربما سيؤدي ذلك إلى نهاية العائلة السعودية.