تحولت موانئ بحر العرب إلى نقطة التقاء مصالح بين نظام آل سعود وإسرائيل التي ترى في تنافس الدول القوى الدولية والاقليمية على هذه الموانئ فرصاً لها للتمدد والنفوذ.
ويعتبر “مركز أبحاث الأمن القومي” الإسرائيلي في دراسة له أن توجه دول خليجية خاصة المملكة السعودية لتدشين موانئ على بحر العرب، ولا سيما على سواحل القرن الأفريقي وشرق أفريقيا والبحر الأحمر، يمنح إسرائيل فرصة للمشاركة في تدشين مشاريع اقتصادية ضخمة، تخطط هذه الدول لبنائها في هذه الموانئ.
وأشار المركز إلى أنه نظراً لأن كلاً من المملكة والإمارات, تعكفان حالياً على تدشين موانئ خاصة بها في جيبوتي وإريتريا واليمن، فإن هذا قد يمكّن إسرائيل من الإسهام في تدشين مشاريع البنية التحتية في هذه الموانئ، وخاصة أن الدول الخليجية تخطط لتدشين مناطق صناعية ومرافق تكرير نفط ومصانع بتروكيماويات ومخازن ومناطق تجارة حرة داخل هذه الموانئ.
واستدرك التقدير، الذي أعدّه كل من يوئيل جوزنسكي، مدير برنامج دراسات الخليج في المركز وجيل هورفيتش، الذي يعمل باحثاً في وزارة الاستخبارات، أنه في حال تمكنت إسرائيل من الإسهام في هذه المشاريع، فإن هذا الدور يجب أن يتم بدون ضجيج.
وأشار إلى أن الدول الخليجية وتحديداً المملكة، عمدت مؤخراً إلى محاولة تقليص ارتباطها بمضيق “هرمز”، لضمان عدم تأثر حركة تجارتها بالتهديدات الأمنية التي يتعرض لها هذا المضيق، عبر تدشين موانئ خاصة بها على سواحل شرق أفريقيا والقرن الأفريقي.
ونبه إلى أن المملكة دشّنت أول ميناء لها خارج حدودها في جيبوتي، بالقرب من مضيق “باب المندب”، وأن الإمارات إلى جانب تدشينها ميناءً في جيبوتي، تحافظ على وجود عسكري في إريتريا، إلى جانب استغلالها وجودها العسكري في اليمن في تدشين مهابط لطائراتها وموانئ صغيرة على أرخبيل سقطرى.
ويعتبر المركز إلى أنه من الصعب التنبؤ بتداعيات تقليص الإمارات وجودها العسكري في اليمن على مستقبل احتفاظها بمواطئ قدم على سواحل هذا البلد.
من ناحية ثانية، حذر التقدير من أن مخاطر قد تهدد المصالح الإسرائيلية، بسبب تنافس العديد من القوى الدولية والإقليمية على السيطرة على موانئ البحر الأحمر وشرق أفريقيا.
وأوضح أن وجود عدد كبير من القوى الدولية والإقليمية التي تتنافس على السيطرة على موانئ البحر الأحمر وشرق أفريقيا، يمكن أن يهدد خطوط التجارة الإسرائيلية التي تنطلق من خليج إيلات باتجاه قناة السويس ومروراً بالبحر الأحمر.
ونوّه التقدير بأن الصين هي التي أطلقت رصاصة البدء في هذا التنافس، من خلال سعيها للحصول على مواطئ قدم استراتيجية في موانئ مهمة تطلّ على بحر العرب.
ولفت المركز إلى أن الصين دشّنت في جيبوتي قاعدة بحرية عسكرية، مشيراً إلى أن القاعدة الصينية تقع قبالة القواعد العسكرية الأميركية والفرنسية واليابانية, إلى جانب تدشينها ميناءً على ساحل مدينة “جوادر” الباكستانية، لتحسين قدرتها على الوجود عسكرياً بالقرب من ممرات التجارة العالمية.
وحسب التقدير، فقد توصلت الصين إلى اتفاق مع سلطنة عمان يسمح لسفنها بالرسوّ في ميناء “الدقم”.
وحسب معدي التقدير فإن النشاط الصيني أثار قلق الهند، إلى جانب أنه أقنع الولايات المتحدة بضرورة الاهتمام بهذه المنطقة، مشيراً إلى أن حرب الموانئ مع الصين، دفعت الولايات المتحدة والهند وبريطانيا إلى التوقيع على اتفاقات أمنية مع عمان تسمح للقطع البحرية لهذه الدول بالرسوّ في موانئ السلطنة، ولا سيما في ميناء “صلالة”، وأن حرص الأميركيين على توسيع نفوذهم في الموانئ مرتبط أيضاً بالتصعيد مع إيران.
وحسب المركز، فإن حرب الموانئ دفعت الهند لتدشين ميناء في مياه عميقة على ساحل مدينة “بوشار” الإيرانية، لتمكينها من الارتباط بروسيا وأفغانستان ووسط آسيا، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة سمحت للهند بمواصلة تدشين مشروع الميناء في “بوشار”، رغم العقوبات القاسية التي فرضتها على إيران لأنها ترى في الوجود الهندي هناك وسيلة لمواجهة التمدد الصيني في المنطقة.
وأشار إلى أن حرص الصين على الحصول على مواطئ قدم في بحر العرب والمحيط الهندي، من خلال تدشين المزيد من الموانئ، يندرج في إطار مشروعها العملاق (حزام واحد طريق واحد).
ولفت إلى أن الولايات المتحدة تتعاون مع الهند وبريطانيا في محاولة احتواء التمدد الصيني، كما يعكس ذلك الاتفاقات العسكرية التي وقعتها هذه الدول مع عمان، بهدف السماح لسفنها بالرسوّ والحفاظ على وجود عسكري في الموانئ العمانية.
وأشار إلى أن تركيا عمدت إلى تعزيز وجودها على سواحل القرن الأفريقي، من خلال بناء قاعدة كبيرة على ساحل مقديشو.