منظمات حقوقية تدين حكم إعدام على مواطنين بحرينيين في السعودية
دانت 11 منظمة حقوقية دولية حكم إعدام على مواطنين بحرينيين في السعودية، مؤكدة أنه تعسّفي وتجاوز لتطبيق القانون المحلي.
واعتبرت المنظمات في بيان مشترك أنَ حكم الإعدام الصادر عن المحكمة الجنائية السعودية ضد المواطنين البحرينيين جعفر محمد علي محمد جمعة سلطان، وصادق مجيد عبد الرحيم إبراهيم ثامر هو تجاوز لاختصاص المكاني للقضاء السعودي.
كما أنه تعسف وتجاوز في تطبيق القوانين المحلية السعودية لا سيما قانون مكافحة الجرائم الإرهابية وتمويله ونظام المتفجرات والمفرقعات لجهة التحقق من أركان الجريمة وتقدير العقوبة.
وفي 8 مايو 2015 أعتقل الشابان في منفذ جسر الملك فهد بين البحرين والسعودية، ووجهت لهم النيابة العامة 7 تهم، 6 منها وقعت داخل البحرين.
وبتاريخ 7 أكتوبر 2021، حكمت عليهما المحكمة الجزائية المتخصصة (السعودية) بالإعدام (القتل تعزيراً) على هذه التهم التي كان قد تم الفصل في بعضٍ منها من قِبَل القضاء البحريني سابقاً وأصدرت بحقهما حكماً بالسجن المؤبد.
وقد بنيَ حكم المحكمة الجزائية المتخصصة (السعودية) بالإعدام على أدلة غير كافية واقوال كان قد أنكرها الشابان أمام المحكمة، دون الأخذ بهذا الإنكار.
وفي 11 يناير 2022، أيدت محكمة الاستئناف حكم الإعدام، ولم يبقى أمام الشابان إلا فرصة الطعن في الحكم أمام المحكمة العليا السعودية في مدة لا تتجاوز شهراً، والتي تعتبر قراراتها نهائية وباتّة.
وأوصت المنظمات السلطات القضائية السعودية باتخاذ إجراءات سريعة لإبطال حكم الإعدام الجائر والمخالف للشرعة والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان وكذلك للقوانين المحلية المعمول بها في السعودية.
وطالبت بإعادة المحاكمة، على أن يتم النظر فقط في تهمة تهريب مواد متفجرة دون التهم الأخرى الخارجة عن اختصاص القضاء السعودي، ودون أي تجاوز لحدود القوانين المعمول بها لاسيما لجهة تقدير العقوبة، وبناء الحكم على أدلة صحيحة وقانونية كافية للإدانة.
وبتاريخ 19 رجب 1436 هجرية الموافق ليوم الجمعة 8 مايو 2015 تم القبض على الشابين، جعفر محمد علي محمد جمعة سلطان المولود بتاريخ 10-2-1992م – مواطن بحريني وطالب جامعي، وصادق مجيد عبدالرحيم إبراهيم ثامر المولود بتاريخ 7-11-1989م – مواطن بحريني وطالب جامعي، أثناء دخولهما حدود المملكة عند معبر جسر الملك فهد بسيارة (فورد فيوجن) كانت بها أحد عشر كيساً بلاستيكياً مغلّف بالقصدير وتحتوي على مادة عجينية كانت مخبأة خلف المرتبة الخلفية واتضح أنها تزن ثلاثين كيلو وسبعمائة وثمانين جراماً من مادة (DRX) وخمسين كبسولة تستخدم للتفجير وسلك بطول ستة أمتار يستخدم للمتفجرات، وتم حبسهما في سجن المباحث العامة (السعودية).
وقد حكمت عليهما المحكمة الجزائية المتخصصة (السعودية) بالإعدام (القتل تعزيراً) بتاريخ 1 ربيع الأول 1443 هجرية الموافق ليوم الخميس 7 أكتوبر 2021، بعد أن تم توجيه لهما الاتهامات التالية من النيابة العامة السعودية:
الانضمام لخلية إرهابية يتزعمها محمد المؤمن تلقت التدريب في معسكرات تابعة لإيران بهدف زعزعة أمن السعودية والبحرين.
المشاركة في تهريب مواد متفجرة بقصد الإخلال بأمن السعودية والتواصل مع إرهابيين داخل السعودية.
المشاركة في تهريب مادة (DRX) وخمسين كبسولة للتفجير وأسلاك للتفجير.
المشاركة في المظاهرات التي تحدث في البحرين.
التستر على أماكن تخزين المواد المتفجرة في البحرين.
تضليل جهات التحقيق السعودية.
حيازة ثلاث فلاشات ميموري كارد تحتوي على دروس امنية واستخباراتية وأنواع الأسلحة وفكها وتركيبها والرماية ودروس للصواعق والقنابل والمواد المتفجرة.
كما أن المحكمة الكبرى الجنائية الرابعة (البحرينية) قد حكمت عليهما بالسجن المؤبد عن التهم التالية: (1- الانضمام لجماعة إرهابية،2- استيراد وحيازة مواد متفجرة،3- الاتفاق والمساعدة في تدريب اشخاص على اعمال إرهابية) وكان الحكم صادر بتاريخ 31 مايو 2016.
الملاحظات على الحكم:
أولا: تجاوز الاختصاص المكاني في 6 تهم:
لما كان المقبوض عليهما من الجنسية البحرينية فأن الأصل في الاختصاص القضائي في المحاكمات الجنائية يعود للقضاء البحريني عن التهم التي تقع داخل البحرين.
ولكن وبما أن المقبوض عليهما تم توجيه لهما تهمة تهريب مواد متفجرة وهي تهمة مجرّمة بنظام مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله في المادة الحادية والثلاثون ومجرّمة بالمادة الخامسة عشرة من نظام المتفجرات والمفرقعات السعودي.
وحيث كان القبض عليهما اثناء دخولهما إلى السعودية عبر جسر الملك فهد فيكون الاختصاص للقضاء السعودي محصور في الأفعال المجرّمة بقوانين وأنظمة السعودية، فالمبادئ والقواعد الجنائية في الاختصاص المكاني تقرر حق الدولة بمحاكمة الأشخاص الذين يرتكبون الجرائم داخل اقليم الدولة.
وبما أن النيابة العامة السعودية قد وجّهت مجموعة من التهم إلى المقبوض عليهما وهي تهم غير مرتبطة بالتهمة الثالثة (تهريب مواد متفجرة) فإن القضاء قد أخطأ في إصدار الحكم على تهم لا تقع في حدود اختصاصه، بالإضافة إلى أن هذه التهم قد تم الفصل فيها من قبل القضاء البحريني ولا يجوز قانونا محاكمة الشخص مرتين عن ذات التهم.
ثانياً: المحكمة أخطأت في الاستدلال:
تقوم الجريمة على ثلاثة اركان (القانوني والمادي والمعنوي)، نص يجرّم السلوك وسلوك أو فعل صدر من شخص ونية مقصودة من الشخص لتحقيق النتيجة المجرّمة، ومن الثابت في لائحة الاتهام التي قدمتها النيابة العامة للمحكمة أن المقبوض عليهما قد نسب لهما أقوال قد انكروها امام المحكمة ولكن لم يؤخذ بهذا الانكار الذي كان وليد الإكراه.
ومن الواضح أن في مجموع التهم لم تلتزم المحكمة بنص المادة (91) من نظام مكافحة الجرائم الإرهابية وتمويله (السعودي) ينص على: “يتحقق من القصد أو العلم أو الغرض في ارتكاب جريمة إرهابية أو جريمة تمويل إرهاب من خلال ظروف وملابسات ارتكاب الفعل الجرمي”، ولم يفتح المشرع السعودي الفرصة لتعسف الأمن والقضاء في اثبات القصد من خلال اعترافات المتهم بما فيها الإقرار غير المكره عليه.
ثالثا: الخطأ في تقدير العقوبة:
نظام المتفجرات والمفرقعات السعودي لم ينص في كل عقوباته على عقوبة القتل (لا حداً ولا تعزيراً) فمن أين أتت المحكمة بالحكم قتل تعزيرا على المقبوض عليهما؟ فنص المادة الخامسة عشرة من نظام المتفجرات والمفرقعات واضح وجلي:” يعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز عشرين سنة…..، كل من ثبت قيامه – بقصد الاخلال بأمن المملكة – بأي فعل من الأفعال، ….. تهريب متفجرات إلى داخل المملكة.
كما أن نظام مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله أيضا لا يوجد فيها عقوبة القتل إلا إذا نتج عن الفعل موت أحد، وهنا نحن أمام وقائع غير متعلقة بموت أحد، ولهذا نرى بأن المحكمة قد تجاوزت حدود النصوص بشكل جلي.