تجاوز عجز موازنة المملكة 9 مليارات دولار مع تضرر إيرادات النفط بشدة جراء تراجع الأسعار العالمية والطلب وفائض العرض، في أعقاب أزمة جائحة فيروس كورونا.
وأقرت وزارة المالية في نظام آل سعود بأن عجز الميزانية في الربع الأول من عام 2020، بلغ 34.107 مليار ريال (9.09 مليارات دولار)، علما أن المملكة حققت فائضاً قيمته 7.04 مليارات دولار في الربع الأول من عام 2019.
وتوقعت المملكة عجزاً قدره 187 مليار ريال، أو 6.4% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، وهي زيادة حادة من 131 مليار ريال العام الماضي.
وقالت وزارة المالية، في بيان على موقعها الإلكتروني، إن إجمالي الإيرادات للربع الأول بلغ 192.072 مليار ريال بانخفاض 22% على أساس سنوي.
وتراجعت إيرادات النفط 24% إلى 128.771 مليار ريال في الفترة نفسها، مدفوعة بشكل رئيسي بتراجع الطلب العالمي على الخام وأسعاره، حيث أدى تفشي فيروس كورونا إلى شل أجزاء كبيرة من الاقتصاد العالمي.
واتفقت منظمة البلدان المصدرة للبترول “أوبك” ومنتجون كبار آخرون للنفط، بمن في ذلك روسيا، على خفض الإنتاج بنحو 10 ملايين برميل يومياً، أو 10% من إنتاج النفط العالمي، في الفترة من مايو/ أيار إلى يونيو/ حزيران، في محاولة لتحقيق التوازن في السوق.
ورغم أن حجم تخفيض الإنتاج لم يسبق له مثيل، فقد انخفض الطلب بشكل أكبر، كما أن مساحات التخزين للنفط غير المستخدم تتقلص بسرعة فيما أدت التدابير العالمية لمكافحة الوباء إلى توقف العديد من الاقتصادات. وسجلت السعودية، أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، أكثر من 20 ألف حالة إصابة بالفيروس حتى يوم الثلاثاء و152 حالة وفاة.
وقالت وزارة المالية إن الإيرادات غير النفطية تراجعت أيضاً 17% إلى 63.3 مليار ريال في تلك الفترة. وبلغ إجمالي النفقات 226.179 مليار ريال بارتفاع 4% عن العام الماضي.
وشرح وزير المالية محمد الجدعان، الأسبوع الماضي، أنه يتوقع أن يتسبب الوباء في تراجع النشاط في القطاع الخاص غير النفطي هذا العام. ولا تكشف المملكة العربية السعودية عن افتراضات أسعار النفط وراء ميزانيتها.
وقال مسؤول في صندوق النقد الدولي، لـ”رويترز”، العام الماضي، إن الدولة الخليجية ستحتاج لأسعار نفط تتراوح في المتوسط بين 85 و87 دولاراً للبرميل هذا العام لضبط ميزانيتها العامة. وقالت الوزارة إنها ستمول عجز الموازنة من خلال الاقتراض المحلي والدولي.
وصرح الجدعان، في وقت سابق من الشهر الجاري بأن المملكة يمكن أن تقترض نحو 26 مليار دولار أخرى هذا العام، وستسحب ما يصل إلى 32 مليار دولار من احتياطيها لتمويل العجز الحكومي.
وأضاف أيضاً أن الحكومة تتوقع أن تستمر أزمة مرض “كوفيد-19” لبضعة أشهر أخرى، لكن سيكون لها تأثير محدود على إيرادات الربع الأول.
وفي مارس/آذار الماضي، حذر صندوق النقد الدولي من اندثار ثروات المملكة في عام 2035، إذا لم تتخذ “إصلاحات جذرية في سياساتها المالية” التي ترتكز بشكل أساسي على عائدات النفط مثل باقي دول الخليج، التي توقع أن تندثر أيضاً ثرواتها في سنوات متفاوتة، لتكون البحرين الأقرب إلى هذا السيناريو عام 2024.
وتظهر الإحصائيات الرسمية أن المملكة فقدت أكثر من 873 مليار ريال سعودي (233 مليار دولار أمريكي) من احتياطاتها المالية التي تشكل صمام الأمان للاقتصاد المحلي، منذ وصول الملك سلمان إلى العرش في يناير 2015 وحتى نهاية العام الماضي، دون أن يتبين مصير هذه المبالغ الضخمة وكيف تم إنفاقها.
ولدى مراجعة البيانات الصادرة عن مؤسسة النقد العربي السعودي “ساما” منذ العام 2014، أي منذ ما قبل وفاة الملك عبد الله بن عبد العزيز، وحتى آخر البيانات التي صدرت عن المؤسسة، يتضح أن الاحتياطي السعودي على الرغم من أنه لا يزال رقماً ضخماً إلا أنه فقد مبلغاً فلكياً يقترب من تريليون ريال.
وتشير البيانات إلى أن “إجمالي الأصول الاحتياطية” لدى مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي) كانت في كانون أول/ ديسمبر 2014 عند مستوى 2746 مليار ريال (732 مليار دولار)، لكنها ظلت تتهاوى شيئاً فشيئاً منذ تولى الملك سلمان الحكم لتصل في كانون أول/ ديسمبر 2019 الى مستوى 1873 مليار ريال (499 مليار دولار).
ويعني ذلك أن خزائن الاحتياطيات السعودية فقدت خلال هذه الفترة 233 مليار دولار أمريكي، أو بلغة أخرى فان 46 ملياراً و600 مليون دولار تتبخر من خزائن الاحتياطي السعودي سنوياً منذ أن وصل الملك سلمان الى الحكم.
ولا تعلن المملكة أين تذهب هذه الأموال ولا كيف تتناقص ولا الأسباب التي تقف وراء هذا التراجع، لكن بعض المحللين يتحدثون عن خسائر ضخمة تتكبدها المملكة من جراء الحرب التي تشنها على اليمن منذ سنوات.
ويشكل هذا المبلغ المفقود اقتصادات وموازنات دول بأكملها، حيث يعادل موازنة بلد مثل الأردن أو تونس لمدة تزيد عن 18 عاما!!