منظمة حقوقية: في بلد الاستبداد.. حقوق الإنسان في السعودية في مهب الريح
وصفت منظمة سند لحقوق الإنسان السعودية بأنها “بلد الاستبداد”، مؤكدة أن حقوق الإنسان في المملكة في مهب الريح وذلك في رصد للحالة الحقوقية للعام 2021.
وأبرزت المنظمة التقارير الدولية العديدة بوحشية وقمع النظام السعودي، ونداءات المنظمات الحقوقية العالمية للسعودية بتحسين سجلها الحقوقي والمضي قدما في خطوات للإصلاح الحقيقي.
كما لفتت إلى محاولات النظام السعودي تحسين صورته أمام المجتمع الغربي بادعاءات شكلية للإصلاح وترويج إعلامي خادع لحفظ الحقوق.
لكن المنظمة أكدت أنه رغم ذلك فإن ممارسات النظام السعودي اليومية وانتهاكاته المتكررة تؤكد أن السجل الحقوقي للنظام السعودي في عام 2021 ما زال متأخراً وأن انتهاكاته تتنامى وأن تجاوزاته تكبر وتزداد.
وبحسب المنظمة يبدو أن السلطة السعودية لم تدرك بعد مخاطر استمرارها في سياسات القمع الوحشية التي تمارسها ضد الأكاديميين والمفكرين والناشطين والحقوقيين والصحفيين.
وذلك رغم التحذيرات التي تطلقها المنظمات الحقوقية، وسط مخاوف من تزايد حدة القمع الوحشي وتدهور ملف حقوق الإنسان في البلاد أكثر مما هو عليه.
وجاء في التقرير: إن الممارسات المستمرة والشنيعة لانتهاك حقوق الإنسان، والاستمرار بسياسة الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الوحشي داخل السجون تؤكد استمرار النظام السعودي بانتهاج هذا السياسة في إدارة البلاد.
هذا بالإضافة إلى حرمان المعتقلين من حقوقهم الأساسية، ناهيك عما يتعرضون له من إهمال طبي متعمد داخل المعتقلات.
فضلاً عن الخلل القانوني الواضح في التعامل مع قضايا المعتقلين، بدءً من اعتقالهم بطريقة تعسفية ودون مذكرة توقيف أو أمر قضائي، مروراً بظروف احتجازهم وإخفائهم قسرياً.
وانتهاء بالمحاكمات الصورية التي تفتقد لأبسط معايير العدالة، إضافة إلى الأحكام الجائرة والمطولة التي تصدر ضد البعض أو تطالب النيابة العامة بإيقاعها على آخرين لمجرد ممارسة حقهم الطبيعي في التعبير عن الرأي.
كما أن القضاء السعودي ما يزال يفتقر لأدنى المعايير القانونية والجنائية في تعامله مع ملف معتقلي الرأي في السعودية، ورغم دعاوى ولي العهد السعودي مطلع فبراير 2021 من تطوير المنظومة التشريعية وتحسين النظام الجزائي، إلا أن هذا الادعاء لم ير النور.
وما تزال تجاوزات القضاء في السعودية تطال معتقلي الرأي وغيرهم بين أحكام جائرة أو مماطلة في الجلسات أو تأجيل غير مبرر، فضلاً عن صورية المحاكمات وافتقارها لأبسط معايير العدالة.
كما تماطل السلطات السعودية في محاكمة عدد كبير من معتقلي الرأي، وتؤجل محاكمات البعض دون ذكر أسباب أو مبررات.
فقد تم المماطلة وتأجيل محاكمة د. سلمان العودة لقرابة ثلاث سنوات. كما هو الأمر ذاته مع المعتقل د.حسن فرحان المالكي، والإعلامي زهير كتبي.
لقد طالبت النيابة العامة بعقوبة الإعدام لعدد من العلماء والمفكرين أمثال د. سلمان العودة و د. عوض القرني و د. علي العمري و د. حسن فرحان المالكي، كما أصدرت المحكمة أحكاماً قاسية تمتد لعشرات السنوات ضد آخرين.
فهذا عبد الرحمن السدحان قد حُكم عليه من قبل المحكمة الجزائية المتخصصة بالسجن لعشرين سنة لتهم تتعلق بالتعبير عن الرأي.
وذات الحال حصل مع الحقوقي خالد العمير بالسجن ٩ سنوات، والإعلامي خالد المهاوش ١٠ سنوات لذات التهم وغيرهم كثير.
إن حالات الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري كانت مستمرة خلال عام 2021. فقد رصدت “سند” ما يزيد عن 30 حالة اعتقال تعسفي في السعودية خلال 2021، حيث تعرض ما يزيد عن ٨٠٪ منهم للإخفاء القسري لمدة تتراوح بين أسبوعين وخمسة أشهر.
ويظهر أن النظام السعودي مستمر في حجب كل الأصوات المطالبة بالحقوق والحريات من خلال المداهمة والاعتقال والخطف والإخفاء القسري لكل صوت أو قلم لا يروق لمزاج النظام.
في عام 2021، ما زالت حالة السجون في السعودية في وضع مأساوي مليء بقصص التعذيب والإهمال والتجاهل ضد معتقلي الرأي في السعودية.
فهم بين مهمل طبي يصارع الآلام ثم يترك ليلقى حتفه، أو معتقل واقع تحت مطارق التعذيب أو الاعتداء الجسدي حتى الموت.
ويبدو أن الحكومة السعودية بمؤسساتها الأمنية والعدلية معاً تنتهج سياسة تضييق ممنهج ضد المعتقلين لتزيد من معاناتهم داخل السجون، ومن بينها الإهمال الصحي المتعمد وعدم منح الرعاية الطبية اللازمة للمعتقلين مما يعرضهم لخطر الموت البطيء، والذي يعتقد النظام أنه أقل كلفة أمام المجتمع الدولي.
ويبقى ملف الإعدامات ملفاً شائكا في السعودية، فالنظام يستغله سياسياً لتصفية خصومه ويستعمله عصا لردع المخالفين، كما أنه طال عام 2021 حتى الأطفال الذين اتهموا بالمشاركة في مظاهرات للدفاع عن الحقوق وهم في أعمار صغيرة أمثال مصطفى آل درويش.
في عام 2021، لم تزل تطارد لعنة السجان وبطش النظام المفرج عنهم من المعتقلين، كما أن حريتهم منقوصة وإن أطلق سراحهم وأصواتهم ما تزال مكبوتة.
إنهم لا يستطيعون الحديث أو التعبير عن آرائهم، فضلاً عن تقييد حرية حركتهم من خلال منعهم من السفر والتجسس على تحركاتهم وتتبعها.
وما زال ملف التهجير القسري وعمليات الهدم وإزالة الممتلكات مستمراً، فبعد حادثة مصادرة أراضي أبناء الحويطات في 2020، شهد عام 2021 عدة عمليات تهجير في مختلف مناطق المملكة، في الرياض وعسير، وأخيراً عمليات الهدم الرهيبة التي تتعرض لها محافظة جدة حالياً.
إن ما يمارسه النظام السعودي ضد المواطنين هو تعدٍ سافر على أهم حقوق الإنسان وهو المسكن. فبدلاً من توفير السكن للمواطنين قامت الحكومة بهدم المنازل وتهجير ساكنيها بحجج واهية.
وفي عام 2021، لم تشهد قضية البدون تحسناً رغم المطالبات المنظمات الحقوقية للسعودية بإصلاح وإغلاق هذا الملف المتراكم وإيقاف “كرة الثلج” من التضخم.
وبالرغم من منح الجنسية السعودية لعدد من الشخصيات، إلا أن ملف المواطنين عديمي الجنسية ما زال مفتوحاً دون حل قريب يلوح في الأفق، مع تفاقم الانتهاكات بحقهم وعدم حصولهم على الحقوق الأساسية للفرد كالتعليم والصحة، فضلاً عن الحقوق الأخرى.