فضحت منظمتان حقوقيتان محاولات السلطات السعودية المكشوفة من أجل تبييض أوضاع السجون في المملكة من خلال إجبار معتقلي الرأي على الإدلاء بتصريحات لا تمت للواقع بصلة.
وذكرت منظمة Freedom Initiative لحقوق الإنسان أن ظهور عدد من معتقلي الرأي على التلفزيون التابع للدولة السعودية، عبارة عن جهد متعمد من السلطات لتبييض أوضاع السجون المتردية.
وأشارت المنظمة إلى أنه بعد أكثر من عام من الاختفاء القسري، ظهرت الناشطة أسماء السبيعي في برنامج إخباري تديره الدولة حول أوضاع السجون في السعودية.
ونبهت إلى أن السلطات السعودية لا تسجن وتعذب النساء فقط، بل تجبرهن أيضاً على التستر على انتهاكات الدولة.
وأبرزت المنظمة أنه للمفارقة فإن سجن الحائر الذي تحاول الحكومة السعودية تلميع سمعتها من خلاله، هو نفس السجن الذي توفي فيه رمز حقوق الإنسان عبد الله الحامد العام الماضي نتيجة الإهمال الطبي المتعمد.
وقد أجبرت السلطات السعودية الناشط راكان العسيري لأول مرة بعد سنتين من اعتقاله التعسفي، كما أجبرت أسماء السبيعي ونور الشمري على الظهور في أحد برامج MBC، لتلميع صورة الحياة داخل سجن الحائر.
في السياق شددت منظمة Grant Liberty لحقوق الإنسان على أنه من الضروري توعية الناس بالوحشية المطلقة للنظام السعودي، وجرائم القتل والاعتداء الجنسي التي تحدث لسجناء الرأي في المملكة.
وقالت المنظمة “لن نتوقف حتى يتم إطلاق سراح كل معتقلي الرأي، وبأن نكشف المملكة على حقيقتها؛ منبوذة من الديمقراطية وحقوق الإنسان”.
وجاء في تقرير للمنظمة نشرته صحيفة الـ Independent البريطانية، أن المعتقلين السياسيين المعارضين للسلطات السعودية يتعرضون للقتل والاعتداء الجنسي والتعرض بوحشية “محضة”، وتتعرض النساء لانتهاكات مستمرة ووحشية بدون حقوق الإنسان الأساسية.
وأكدت المنظمة أنه “من المؤسف أن إساءة معاملة معتقلي الرأي مستمرة في السعودية، وبينما يراقب العالم ذلك، تتعرض النساء لانتهاكات مستمرة ووحشية دون حقوق الإنسان الأساسية”.
وطالبت منظمات حقوقية دولية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على دعم العمل المشترك في الدورة الحالية لمجلس حقوق الإنسان التابع للمنظمة الدولية لإلزام السعودية بالتزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان.
وأشارت المنظمات في بيان مشترك إلى في 12 مارس 2022 أعدمت السلطات السعودية 81 رجلًا في أكبر إعدام جماعي يسجل في العقود الأخيرة.
وينتمي 41 منهم على الأقل إلى الأقلية الشيعية التي تعاني منذ زمنٍ طويل من قمع السلطات السعودية، وكانت هذه الحادثة آخر شاهد على استخدام السلطات لعقوبة الإعدام لتكميم أفواه المعارضة في المنطقة الشرقية.
ونفذت السلطات السعودية هذه الإعدامات بموجب دعاوى مختلفة، منها المعني بجرائم “الإرهاب”، وأخرى بالقتل، والسطو المسلح، وتهريب السلاح.
وعددٌ ممن أعدموا أدينَ بدعاوى مثل “زعزعة النسيج الاجتماعي وإضعاف اللحمة الوطنية” و”التحريض على المظاهرات والاعتصامات”، ما يشير إلى أعمال محمية بموجب الحق في حرية التعبير والحق في التجمع والارتباط السلميين.
وقد نتجت خطوات إيجابية عن البيانات المشتركة في الجلسات الأربعين والإثنين والأربعين والخمسة والأربعين لمجلس حقوق الإنسان التي أدلت بها آيسلندا وأستراليا والدنمارك على التوالي.
من ذلك الإفراج المشروط عن عدد من المدافعات عن حقوق الإنسان، وتخفيف بعض أحكام الإعدام المنزلة على أشخاص أدينوا بموجب جرائم يزعم ارتكابهم إياها عندما كانوا قاصرين، منهم علي النمر وداوود المرهون وعبدالله الزاهر، وذلك إثر أمرٍ ملكي.
ولكن السلطات السعودية لم تعالج جملةً من القضايا المقلقة التي أثيرت في هذه البيانات، فمنذ البيان المشترك الأخير في سبتمبر 2020، تدهور الوضع الحقوقي في السعودية.
وقد وثقت المنظمات جملةً من الانتهاكات الحقوقية التي مارستها السلطات السعودية.
منها اعتقالات تعسفية على خلفية الممارسة السلمية للحقوق الأساسية، والاستخدام التعسفي لمنع السفر ضد النشطاء الذين أفرج عنهم أو أنهوا محكومياتهم بالسجن، وطال المنع عوائلهم أيضًا.
كذلك الإهمال الصحي والإداري المتعمد ما أدى إلى وفيات في السجن، واحتجاز العمال المهاجرين وعائلاتهم في ظروف غير إنسانية، وإنزال أحكام مطولة بالسجن على عدد من النقاد السلميين بعد محاكمات جائرة.
وبعد ادعاء السلطات السعودية توقفها عن استخدام عقوبة الإعدام ضد الأطفال، اتضحت كثرة الثغرات القانونية لهذا الإعلان.
منها ما وظفته السلطات السعودية 7 مارس 2022 لتعيد إنزال حكم الإعدام على عبدالله الحويطي على خلفية جرائم يزعم ارتكابه إياها عندما كان عمره 14 عامًا.
وذلك إثر محاكمة تخللها عدد من الانتهاكات لضمانات المحاكمة العادلة، مثل الاعتماد على “اعترافات” صرح عبدالله الحويطي ومتهمون آخرون معه للمحكمة أنها انتزعت منهم بالتعذيب.
وبينما تدعي السلطات أنها وضعت الأسس لتكريس عدد من حقوق الإنسان للنساء بالسعودية، بما في ذلك الحق في التقديم على جواز، و – نظريًا – السفر دون تصريح من ولي الأمر الرجل.
فما زالت السلطات تسمح لأولياء الأمور برفع قضايا عقوق عليهن، ونظام الأحوال الشخصية الجديد الذي وضع في مارس 2022 يقنن التمييز ضد النساء، بما في ذلك ولاية الرجال على النساء، ويعطي الرجال ولاية على تزويج النساء، وبعد الزواج يلزم النساء بطاعة الأزواج.
وأما المدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان المعروفين الذين أفرج عنهم فما يزالون تحت قيود غليظة، منها ما يقيد حرياتهم في التعبير والحركة.
كذلك العدد الكبير من النشطاء المعتقلين أو الممنوعين من السفر تعسفيًّا في السعودية شاهد على رفض السلطات السعودية إتاحة المجال لنمو المجتمع المدني.
وأكدت المنظمات الحقوقية أنه لن يحصل التقدم الفعلي نحو احترام الحقوق والحريات في السعودية إلا بضغطٍ دولي مستدام على السلطات.
وشددت على أنه من الضروري على المجلس زيادة مراقبته للوضع، ودعوة كل الدول إلى العمل في الجلسة الخمسين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، فصاعدًا، لضمان استمرار المراقبة على الوضع الحقوقي في السعودية ونشر تفاصيل.
الموقعون:
القسط لحقوق الإنسان
منظمة العفو الدولية
مركز الخليج لحقوق الإنسان
هيومن رايتس ووتش