تجند المملكة العربية السعودية أطفالا في حربها الإجرامية على اليمن المستمرة منذ أكثر من أربعة أعوام ورائح ضحيتها آلاف المدنيين منهم أطفال بحسب ما اكدت منظمة حقوقية يمنية غير حكومية.
وأكدت منظمة “مواطَنة لحقوق الإنسان” اليمنية أن الحرب السعودية في اليمن “لا تدمر يمن الحاضر فحسب، بل كذلك مستقبله”، منددة بعواقب النزاع على الأطفال الذين يتم تجنيدهم بصورة متزايدة للمشاركة في القتال.
وشددت رئيسة المنظمة رضية المتوكل خلال مؤتمر صحفي في باريس لعرض تقريرها السنوي بعنوان “حياة المدنيين في اليمن تذوي: حالة حقوق الإنسان في اليمن للعام 2018″، على ضرورة تشكيل بعثة تحقيق بشكل عاجل ومنحها “تفويضا قويا” لإلقاء الضوء على التجاوزات الجارية في اليمن، متهمة جميع أطراف النزاع بارتكابها.
وقالت خلال مؤتمر صحافي إن “الكثير من الأولاد يلتحقون بخط الجبهة في أحياء كثيرة، حتى بين شريحة السكان الأكثر تعليما، لدينا صور أطفال قتلوا في معارك لا تعود منها سوى الجثث بعد أسبوع أو أسبوعين”.
وبررت اختيار باريس لعرض تقرير منظمتها بالقول إن فرنسا تواصل بيع أسلحة إلى التحالف بقيادة السعودية الذي يتدخل عسكريا في اليمن ضد المتمردين الحوثيين دعما لحكومة الرئيس المعترف به عبد ربه منصور هادي، بالرغم من الانتهاكات التي يرتكبها.
وقالت “تجد العائلات صعوبة متزايدة في منع (الأطفال) من الانضمام إلى القتال: ليس من أجل المال فحسب بل كذلك بسبب تلك البيئة العاطفية، لأن رفاقهم قتلوا… وجميع الأطراف، وخصوصا الحوثيين، يتهافتون لتجنيدهم”.
وشددت المتوكل التي اختارتها مجلة تايم بين المئة شخصية الأكثر نفوذا في 2018، على أنه “كلما طال انتظار المجتمع الدولي من أجل محاسبة مجرمي الحرب السعوديين، والإماراتيين، واليمنيين من الطرفين: الحوثيين وهادي، زادت صعوبة إعادة بناء اليمن”.
وأضافت “يُشجع الإفلات الفعلي من العقاب الذي تتمتع به حاليًا الأطراف المتحاربة على الاستمرار في ارتكاب انتهاكات فظيعة، وتدمير اليمن في هذا الوضع”.
ونددت رئيسة المنظمة غير الحكومية بـ”الدول الكثيرة التي تدعم الإمارات العربية المتحدة والسعودية لأسباب اقتصادية مثل فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا، فهي تعارض إجراء تحقيق جدي لمجرّد أنها تبيع أسلحة”.
ووثقت المنظمة على الأقل “1117 حالة لأطفال جُندوا أو استخدموا لأغراض عسكرية في عام 2018″، بينهم “72 في المائة من قبل جماعة أنصار الله (الحوثيون)”، وبينهم فتيات.
لكن جميع المجموعات المقاتلة مسؤولة عن هذه الانتهاكات للقانون الدولي، وفقًا للمنظمة غير الحكومية التي تقول إن 17% من حالات تجنيد الأطفال قامت بها قوات موالية للإمارات العربية المتحدة و11% قوات موالية لحكومة هادي.
وهذه أول مرة توثق فيها منظمة “مواطنة لحقوق الإنسان” التي تحظى بالتقدير، حالات تجنيد قاصرين وفتيات في النزاع المستمر منذ عام 2014 وتسبب بأسوأ أزمة إنسانية في العالم وفق الأمم المتحدة.
وجاء في التقرير أن “جميع أطراف النزاع يستخدمون الأطفال للقتال وحراسة الحواجز العسكرية وتوفير الدعم اللوجستي للعمليات العسكرية”.
واستشهدت المنظمة بالعديد من الحالات بما في ذلك حالة 16 شابًا “جميعهم دون سن 17 عامًا” تلقوا تدريبات في القتال في أيلول/سبتمبر 2018 من قبل جماعة أنصار الله في مديرية حورة في محافظة حضرموت، كما أشارت إلى سبعة اعتداءات جنسية كان بين ضحاياها ثمانية أطفال.
ووثقت حوالى ألفي هجوم على مدارس في اليمن منذ اندلاع النزاع، بينها ستون تعرضت لهجمات عام 2018، ما يحرم الأطفال من التعليم. ونددت أيضا بالألغام التي يزرعها المقاتلون.
وأحصت 16 هجوماً على مستشفيات ومرافق طبية وما لا يقل عن 74 حالة عرقلة إيصال المساعدات ومواد الإغاثة الإنسانية، عزت “83% منها” إلى الحوثيين.
وسيطر الحوثيون على العاصمة صنعاء في كانون الأول/ديسمبر 2014 وهم يسيطرون على حوالى 20% من أراضي اليمن حيث تقيم غالبية السكان، وفق ما أشار التقرير.
لكن في “الـ80% من الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة والتحالف السعودي، بدل البدء بترميم الدولة، عمدوا إلى تعزيز الجماعات المسلحة. لدينا ميليشيات من الجانبين ترتكب انتهاكات فظيعة” لحقوق الإنسان.
ومن الصعب برأي المتوكل الحكم على إعلان الإمارات مؤخرا عن خطة “إعادة انتشار” وحفض لعديد قواتها في اليمن، وقالت “الإمارات العربية المتحدة تبدأ بالانسحاب، لكنها تعزز المجموعات المسلحة خلفها”.
ولفتت المنظمة إلى أن الانتهاكات أوسع نطاقا وأكثر كثافة من التجاوزات التي أحصتها، غير أنها لم تعرض سوى الحالات التي تمكنت من توثيقها بالكامل على الأرض من خلال إجراء 2065 مقابلة بالعربية مع الضحايا وأقاربهم ومع شهود وعاملين في المجال الطبي والإنساني.
ويشهد اليمن منذ 2014 نزاعاً بين المتمرّدين الحوثيين والقوّات الموالية للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، تصاعد مع تدخّل التحالف العسكري بقيادة السعودية في آذار/مارس 2015.
أوقعت الحرب حوالى 10 آلاف قتيل وأكثر من 56 ألف جريح منذ 2015 بحسب منظمة الصحة العالمية. ويعتبر مسؤولون في المجال الانساني أن الحصيلة أعلى بكثير.