وجهت منظمات حقوقية دولية دعوات إلى التنديد بانتهاكات نظام آل سعود لحقوق الإنسان وما يمارسه من تعسف عبر “رالي دكار”.
ويحاول نظام آل سعود تجميل صورته البشعة بعد جرائم القتل والاعتقالات وعمليات التجسس التي يمارسها النظام ضد المعارضين من خلال استغلال الرياض والفعاليات التي تنظمها المملكة وأحدثها “رالي دكار” المقرر غدا.
وقالت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، وجمعية “منَا لحقوق الإنسان”، و11 منظمة حقوقية دولية أخرى إن على ” أموري سبورت أورغانيزايشن” (أموري سبورت) استخدام قرارها بنقل “رالي داكار” إلى السعودية، إلى فرصة للتنديد باضطهاد المدافعين عن حقوق المرأة في البلاد.
وسينطلق رالي داكار 2020، الذي كان يُعرَف بـ”رالي باريس – داكار” سابقا غدا من جدة، وسينتهي بعد 9 آلاف كيلومتر، في 17 يناير/كانون الثاني 2020، في القدية.
ورالي داكار هو سباق تَحَمّل على الطرق الوعرة، تُنظمه شركة أموري سبورت الفرنسية سنويا. في إبريل/نيسان، أعلنت الشركة أن رالي 2020 سيُقام في السعودية في إطار شراكة لمدة 5 سنوات مع حكومة البلاد.
وقالت مينكي ووردن، مديرة المبادرات الدولية في هيومن ريتس ووتش: “على أموري سبورت والسائقين في رالي داكار التحدث عن سوء معاملة الحكومة السعودية لناشطات حقوق المرأة بسبب دفاعهن عن الحق في القيادة. ينبغي ألا ينبهر المشجعون، وجهات البث، والفرق المتسابقة بمجريات السباق، بينما تُساهم هذه المنافسة في تبييض صفحة احتجاز السعودية للمنتقدين السلميين”.
وقالت المنظمات إن الرعاة وجهات البث والرياضيين يتأثرون بخيارات المنظمات الرياضية بتنظيم الأحداث الكبرى في بلدان تنتهك حقوق الإنسان الأساسية. عبر الموافقة على علاقة لمدة خمس سنوات مع السعودية، يتعيّن على أموري سبورت أيضا تبني وتنفيذ سياسة حقوقية من شأنها تحديد المخاطر، والاستفادة من نفوذها لتعزيز احترام الحقوق في السعودية وفي جميع أنشطتها.
وتبنّى “الاتحاد الدولي لكرة القدم”(الفيفا)، وهي المنظمة العالمية لكرة القدم، ومنظمات رياضية كبرى أخرى سياسات مماثلة بما يتماشى مع “مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان”.
ومنذ مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، في أكتوبر/تشرين الأول 2018، واجهت السعودية انتقادات دولية مُتزايدة بسبب سجلها الحقوقي، لا سيما في ظل انعدام الشفافية بشأن التحقيق في مقتل خاشقجي، ودورها الرائد في التحالف العسكري المسؤول عن انتهاكات جسيمة لقوانين الحرب في اليمن.
ووفقاً للمنظمات، فإن المملكة خلقت أيضا واحدة من أكثر البيئات عداء للمدافعين الحقوقيين في السنوات الأخيرة، واعتقلت تعسفيا العشرات منهم. من بينهم لُجين الهذلول، وسمر بدوي، ونسيمة السادة، ونوف عبد العزيز، اللواتي دافَعْن عن حق المرأة في قيادة السيارات وإنهاء نظام ولاية الرجل التمييزي.
ورغم الإفراج مؤقتا عن بعض المدافعات الأخريات، لكنهن، والأربع اللواتي ما زلن محتجزات، ما زلن قيد المحاكمة بسبب نشاطهن السلمي.
وأكدت عدة ناشطات أنهن تعرضن للتعذيب أثناء الاحتجاز، بما في ذلك بالصدمات الكهربائية، والجلد، والتهديدات الجنسية، وغيرها من ضروب سوء المعاملة.
وقالت إيناس عصمان، مديرة منا لحقوق الإنسان: “أكثر من عشر سائقات سيشاركن في رالي داكار، بينما تقبع ناشطات سعوديات في السجن بسبب دعمهن للحق في القيادة. ينبغي ألا يُفتح المسار للسعودية بسبب استضافتها حدثا رياضيا بارزا مثل رالي داكار”.
ودعت هيومن رايتس ووتش، ومنا لحقوق الإنسان، وجماعات أخرى مختلفة، منظمي رالي دكار، والمتنافسين، وجهات البث الرسمية للضغط على السلطات السعودية للإفراج الفوري عن جميع المدافعات السعوديات عن حقوق المرأة، وإسقاط التهم ضدهن.
وقالت “يتعيّن على أموري الرياضية التواصل مع المدافعين الحقوقيين وتبني سياسة حقوقية لضمان أن عملياتها لا تساهم في انتهاكات الحقوق”.
وحدّدت “المبادئ التوجيهية للمؤسسات المتعددة الجنسيات” الصادرة عن “منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي” واجبات الشركات لمنع أو تخفيف الآثار الحقوقية السلبية الناجمة عن العمليات التجارية.
وتنص مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان على أن مؤسسات الأعمال تتحمل مسؤولية “أن تتجنب التسبب في الآثار الضارة بحقوق الإنسان أو المساهمة فيها”، و “أن تعالج هذه الآثار عند وقوعها”، و “أن تسعى إلى منعها”.
وقالت بينيديكت جانرو، مديرة مكتب هيومن رايتس ووتش في فرنسا: “لدى أموري سبورت فرصة للانضمام إلى الهيئات الرياضية الأخرى في تعزيز احترام حقوق الإنسان حيث تُنظم أنشطتها. اعتماد سياسة حقوقية والالتزام بها يعني تجنب الاضطرار إلى دعم السجل الحقوقي السيئ للدولة القمعية المُضيفة”.
وفي السياق ذاته دعت منظمة “مراسلون بلا حدود” الصحفيين والمنظمين والمشاركين في “رالي دكار” إلى أن لا يتحولوا إلى ممثلين في آلة دعاية لنظام آل سعود القمعي للتغطية على الحقيقة الأبشع عن المملكة وسجلها الحقوقي الأسود.
وحثت مراسلون بلا حدود” المشاركين والمنظمين والصحافيين على “عدم السماح لنظام آل سعود باستغلال حضورهم في آلة دعايته، ولا يجب على أولئك أن ينسوا، أو يساعدوا على أن ينسى غيرهم الطبيعة المرعبة لنظام يقوم على القمع السياسي والاجتماعي والثقافي والتحكُّم بالإعلام وسجن الصحافيين وغيرها من الإساءات.
وذكّرت: “قلائل نسوا المصير الذي كان من نصيب الصحافي خاشقجي، الذي تمّ قتله داخل مبنى القنصلية السعودية في مدينة إسطنبول التركية، في أكتوبر/تشرين الأول 2018، وتقطيع جثته لتسهيل نقلها”.
وقال الأمين العام للمنظمة كريستوف ديلوار: “ستُظهر الكاميرات الجمال الأصيل للصحراء السعودية، لكنها لا يجب أن تحوّل الانتباه بعيداً من الحقائق المرعبة للبلاد.
سيُشكل هذا السباق فرصة فريدة أمام الصحافيين للسفر في أرجاء المملكة الشاسعة، وهي أماكن عادة ما يكون من الصعوبة بمكان الوصول إليها. لكننا ندعوهم لتغطية أحداث السباق من دون التغاضي عن أنه عبارة عن حملة علاقات عامة أيضاً”.
يذكر أن عدد الصحافيين والمواطنين المعتقلين، في السنتين الماضيتين، ارتفع بمقدار ثلاثة أضعاف في المملكة، واحتجز معظمهم تعسّفيا.
والصحافيون عرضة للطرد من العمل أو الاعتقال بموجب أحكام القانون الجنائي أو قوانين مكافحة الإرهاب والجرائم الإلكترونية، بناء على تهم التجديف أو إهانة الدين أو التحريض على الفوضى أو تعريض الوحدة الوطنية للخطر أو “الإضرار بصورة وسمعة الملك والدولة”، وفقاً لـ”مراسلون بلا حدود”.
وتقبع المملكة في المرتبة 172 (من أصل 180 بلداً) على جدول التصنيف العالمي لحرية الصحافة الصادر عن “مراسلون بلا حدود” لعام 2019.
ويتصدر نظام آل سعود قائمة سوداء لأنظمة تورطت بقتل صحفيين وعدم محاسبة الجناة بحسب ما تؤكده منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو).
ووضعت لجنة دولية المملكة على رأس قائمة الدول المنتهكة لحقوق الصحفيين بفعل سياسات نظام آل سعود القمعية.
وأصدرت “لجنة حماية الصحافيين” Committee to Protect Journalists، قائمتها السنوية حول الصحافيين السجناء، واحتلت فيها المملكة المرتبة الثالثة.
وقالت اللجنة إن الصين وتركيا تتصدران الدول التي تسجن أكبر عدد من الصحافيين، وتتبعهما المملكة ومصر، ثم إريتريا وفيتنام وإيران.