أبرم ولي العهد محمد بن سلمان صفقات عسكرية بمليارات الدولارات واستعان بقوات أجنبية من عديد الدول لكن كل ذلك فشل في توفير الحد الأدنى من حماية منشآت المملكة.
وخلال السنوات الأربعة الماضية (عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب) أنفق بن سلمان أكثر من 350 مليار دولار أمريكي على صفقات أسلحة عسكرية من الولايات المتحدة وحدها فقط بحجة الحاجة للدفاع عن منشآت المملكة.
وتحتل المملكة المركز الأول بين دول العالم الأكثر استيراداً للسلاح، في حين أن الولايات المتحدة تتصدر الدول المصدرة للسلاح.
وجاء الاختبار الأول سبتمبر 2019 لصفقات السلاح العسكرية السعودية، والتي فشلت بحماية منشأة النفط الأضخم في العالم “أرامكو” بعد هجوم بالمسيرات نفذته جماعة الحوثي اليمنية.
وفي ضربة جديدة تستهدف الأمن القومي السعودي وليس قطاع الطاقة والنفط فحسب، أعلنت شركة هافنيا السنغافورية للشحن تعرّض إحدى ناقلاتها إلى ضربة من «مصدر خارجي» مجهول أثناء تفريغ حمولتها قبالة ميناء جدّة، مما أسفر عن نشوب حريق ووقوع انفجار واحتمال تسرّب كميات من 60 ألف طن من البنزين كانت الناقلة قد حملتها من ميناء ينبع السعودي قبل نحو أسبوع.
وتأتي هذه الضربة بعد سوابق عديدة وقعت مؤخراً واستهدفت قطاع الطاقة السعودي على وجه التحديد، إذ تعرضت ناقلة يونانية إلى انفجار في ميناء الشقيق السعودي أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، سبقه قصف صاروخي على محطة توزيع للمنتجات البترولية تابعة لشركة أرامكو شمال مدينة جدة.
وإذا كانت سلطات آل سعود قد سارعت إلى اتهام الحوثيين بالوقوف خلف هاتين الحادثتين، فإنها بصدد الضربة التي تعرضت لها الناقلة السنغافورية التزمت الصمت المطبق حتى ساعة إعداد هذا التعليق، وتركت أمر الإخبار عن الواقعة إلى شركة هافنيا ومصادر البحرية البريطانية وشركات الأمن والاستخبارات الخاصة العاملة في المنطقة.
وإذا كانت جماعات الحوثي قد اقتفت أثر السلطات السعودية وامتنعت عن إعلان المسؤولية عن الضربة الأخيرة، فإن المنطق السليم يشير بكل وضوح إلى أن الحرب التي تقودها السعودية في اليمن منذ سنة 2015 هي الخلفية الأولى لهذه الوقائع والسبب الأبرز وراء مختلف مظاهر التوتر والضربات الصاروخية التي طالت الأهداف الحيوية السعودية والمطارات ومنشآت أرامكو وقطاع النفط بصفة خاصة.
والسؤال الأول الذي يُطرح بصفة فورية ومشروعة هو التالي: إلى متى يواصل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مغامرته العسكرية العاثرة في اليمن، الآن وقد أخذت عناصر فشلها تتعاقب كل يوم وتتراكم أكثر فأكثر؟
وإلى متى، وقد أخذ التناقض بين الشريكين في المغامرة، السعودي والإماراتي، يتجلى على أصعدة سياسية وعسكرية ودبلوماسية، ويتفاقم بين الميليشيات التي تحشدها أبو ظبي في الجنوب وتلك التي تساندها الرياض في الشمال؟
السؤال الثاني الذي يُطرح بقوة أيضاً، ولا يرتبط بالمغامرة العاثرة إياها بل بسياسات بن سلمان وخياراته الطائشة في إهدار أموال الشعب السعودي وثرواته، هو التالي: أين صفقات الأسلحة بمليارات الدولارات مع الولايات المتحدة إذا كانت عاجزة عن صدّ «مصدر مجهول» يستهدف أحد أضخم موانئ السعودية على البحر الأحمر؟
وأين ضمانات الحماية التي لم يكف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن ابتزاز حكام السعودية بها علانية، إذا كان الأسطول الخامس الأمريكي لا يملك أي تعليق على استهداف الناقلات على امتداد شواطئ المملكة، بل يبدو عاجزاً تماماً عن تفسير السهولة التي تُنفّذ بها تلك العمليات؟
السؤال ثالث أيضا الذي يخص إمعان السلطات السعودية في التكتم على هذه الأخبار وكأنها لا تقع على أراضي المملكة أو على شواطئها من جهة أولى، أو كأنها من جهة ثانية لا تدخل ضمن نطاق وعود بن سلمان بالشفافية والانفتاح ومصارحة الشعب حول وقائع تخص أمن المملكة القومي والاقتصادي والعسكري.
ويبقى السؤال الرابع: إذا كانت إيران، عبر ذراعها الحوثي، تسعى إلى شراء أوراق الضغط والتفاوض مع الإدارة الأمريكية المقبلة، فما الذي تشتريه مليارات بن سلمان سوى العجز والفشل والتخبط؟