تخطط شركة أرامكو الحكومية لخفض إنفاقها الرأسمالي (الأموال المستخدمة للحصول على الأصول والتطوير والصيانة) إلى ما بين 20 و25 مليار دولار هذا العام 2020 من أجل دفع توزيعات الأرباح التي تبلغ 75 مليار دولار تعهدت بها للمستثمرين خلال طرحها العام الأولي، 2019.
جاء ذلك حسبما نقلت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية عن مصادر مطلعة، وقالت إن المستوى الجديد من الإنفاق الرأسمالي مكرس بدرجة كبيرة لأعمال التنقيب والإنتاج ولن يتغير على مدى الأعوام الثلاثة المقبلة، ومن المتوقع أن يستمر في 2021 و2022 و2023 إذا ظلت أسعار النفط عند المستويات الحالية.
وشهد الإنفاق تخفيضات واسعة لصيانة السيولة في وقت تكابد فيه صناعة النفط تداعيات انخفاض أسعار الخام الذي قد يصبح وضعا طبيعيا جديدا لفترة طويلة بعد جائحة فيروس كورونا التي عصفت بالطلب.
والأحد، قالت أرامكو إنها تتوقع أن يكون الإنفاق الرأسمالي للعام 2020 عند الحد الأدنى للنطاق الأصلي البالغ 25 إلى 30 مليار دولار وذلك في معرض إعلان الشركة المملوكة للدولة عن انخفاض أرباح الربع الثاني من العام 73%.
وقال “جسون جاميل” المحلل في “جيفريز”: “أرامكو مثل أي شركة نفط أخري تواجه ضغوطا في الميزانية، لكن الحكومة السعودية تعتمد على تدفقاتها النقدية”.
وتعتمد الرياض على مبيعات النفط فيما يصل إلي 64% من إيراداتها، وقد أقرت أنها تواجه أزمة شديدة بعد أن هوت أسعار النفط من 70 دولارا للبرميل في يناير/كانون الثاني إلي 20 دولارا في أبريل/نيسان.
وتراجعت أرباح شركة أرامكو بنسبة 73.4 في المئة خلال الربع الثاني من العام 2020، إلى 24.6 مليار ريال (5.6 مليارات دولار).
كما تراجعت أرباح الشركة بنسبة 50.5 في المئة خلال النصف الأول من العام الحالي، إلى 87.1 مليار ريال (23.2 مليار دولار).
وحسب إفصاح للشركة على موقع البورصة السعودية، سجلت أرامكو أرباحا بقيمة 175.9 مليار ريال (46.9 مليار دولار) في الفترة المناظرة من 2019.
وأرجعت الشركة سبب تراجع الأرباح إلى انخفاض الأسعار وخسائر إعادة تقييم المخزون، وتدني هوامش الربح في أعمال التكرير والكيميائيات على صافي الدخل خلال 2020.
وشهد النصف الأول من العام الجاري تفشي فيروس “كورونا” الذي أثر بدوره على أسعار العديد من أسعار السلع والخدمات ومنها النفط، عدا عن حرب الأسعار التي أشعلها ولى العهد مع روسيا في مارس/ آذار المنصرم.
وسجلت أسعار النفط أسوأ أداء فصلي في تاريخها خلال الربع الأول، بسبب تدهور الطلب على الخام بفعل “كورونا” التي أدت لشبه توقف لحركة الانتاج عالميا.
وتأثرت أرباح الشركة أيضا بتسجيل “سابك” السعودية العملاقة للصناعات البتروكيميائية، التي استحوذت عليها أرامكو، خسائر في الربع الثاني لعام 2020 وذلك للفصل الثالث على التوالي.
وعام 2019، أعلنت أرامكو تراجع أرباحها السنوية بنسبة 20.6 في المئة لتصل إلى 88.2 مليار دولار بسبب انخفاض أسعار الخام ومستويات الإنتاج.
وفي ظل انخفاض أسعار الخام، تتطلع أرامكو إلى خفض ميزانيتها لعام 2021 بنسبة 8 إلى 10 في المئة، حسبما أفادت مجموعة “إنيرجي إنتليجنس” الشهر الماضي.
وقالت أرامكو إنها تتوقع أن تكون النفقات الرأسمالية بين 25 مليار دولار إلى 30 مليار دولار هذا العام، في تراجع عن مستوى 32.8 مليار دولار عام 2019.
وواجهت الشركة منذ إدراجها في السوق المالية المحلية في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، تحدّيات كبرى في الأسواق العالمية مع خسارة الخام نحو ثلثي قيمته.
ويتوقّع صندوق النقد الدولي أن ينكمش إجمالي الناتج المحلي للسعودية بنسبة 6.8 في المئة هذا العام، في أسوأ أداء له منذ ثمانينيات القرن الماضي.
وسبق أن قالت وكالة بلومبيرغ الأمريكية إن وعود شركة أرامكو السعودية بضمان مستوى مرتفع من العائدات السنوية خلال السنوات الخمس المقبلة، يعد “تصويتا لمنح للثقة” على الشركة في سوق نفط مليئة بالتقلبات والشكوك، سيما بعد تقرير سعودي يفيد بانكماش اقتصاد البلاد واحدا بالمئة في الربع الأول من العام.
وحذرت الوكالة في تقرير لها من أن الخطر بالنسبة لشركة أرامكو يتمثل في أن تمسّكها بهذا الوعد الطويل المدى لمساهميها سيغير طبيعة عملها بالكامل، في الوقت الذي يجب فيه أن تتحلى بالفطنة خاصة في ظل تباطؤ الطلب على النفط واتخاذه مسارا عكسيا.