اعتبر الصحفي الأمريكي “بان هوبارد” مؤلف السيرة الذاتية لولى العهد محمد بن سلمان، الصادرة في خريف 2020، أن عنوان مكافحة الفساد ليس سوى تكأة الأمير الطائش لإقصاء خصومه السياسيين ومنافسيه على السلطة.
وذكر “هوبارد”، في سيرته، أن إقالة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز لابن أخيه الأمير “فهد بن تركي عبد العزيز آل سعود”، قائد القوات المقاتلة في اليمن التابعة للتحالف العسكري الذي تقوده السعودية، جاء بإيعاز من “بن سلمان”.
وتحت ذات اللافتة التي صفى بها العديد من خصومه منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2017، وتحديدا عندما اعتقل نحو 350 عضوا من النخبة الحاكمة (بينهم أمراء) وحبسهم في فندق ريتز كارلتون في الرياض، ثم أطلق سراح غالبيتهم عقب 15 أسبوعا، ولكن بعد دفع مبالغ مالية ضخمة.
وأشار إلى أن قرار إقالة الأمير فهد بن تركي استند إلى ما أُحيل من “بن سلمان” إلى هيئة الرقابة ومكافحة الفساد للتحقيق فيما وصف بأنه “تعاملات مالية مشبوهة في وزارة الدفاع” السعودية، وهو ما يمكن أن يكون له ظل من الحقيقة.
وقال هوبارد: إن الفساد مستشر بين أفراد العائلة المالكة.
وضرب الصحفي الأمريكي مثالا باستعارة العديد من أعضاء العائلة الحاكمة أموالا من بنوك سعودية دون إعادة دفعها، واستيلاء أمراء – كمستشارين لمستثمرين أجانب – على قطع أرض مع المعرفة المسبقة بترخيصها كمساحات بناء، ثم بيعها بعد ارتفاع أسعارها والاستفادة من أرباحها.
ولفت إلى عمل أمراء آخرين كعرابين قانونيين لعمال أجانب، يأخذون منهم رواتب دون تقديم أية خدمات في المقابل.
ورغم تأكيد هوبارد أن سياسة “بن سلمان” في مكافحة الفساد لها قدر من النجاح، ساهم في تحسين صورة المملكة، وتقدمها على مؤشر رصد الفساد لمنظمة الشفافية الدولية (من المرتبة 75 عام 2017 إلى المرتبة 51 عام 2019)، إلا أنه أشار إلى تناقضين يشككان في مصداقيتها.
ويتمثل التناقض الأول، حسبما يرى الصحفي الأمريكي، في عدم شمول اعتقالات السلطات السعودية جميع أعضاء النخبة السياسية والاقتصادية المشتبه بهم بالفساد، فيما يتمثل الثاني في علامات الاستفهام العديدة حول مصادر ثروة “بن سلمان” نفسه.
وتساءل هوبارد: “من أين أتت الأموال لاقتناء يخته الذي يساوي نحو 500 مليون دولار؟ ومن أين أتت الأموال لشراء قصر لويس 14 الذي كلف 300 مليون دولار بالقرب من باريس؟ ومن أين أتت 450 مليون دولار صرفها محمد بن سلمان لشراء لوحة ليوناردو دا فينتشي؟”.
ويجيب مؤلف سيرة “بن سلمان” على الأسئلة بخلاصة مفادها أن ولي العهد السعودي الشاب “لا يتحمل وجود خصوم في محيطه”، ويستخدم عنوان مكافحة الفساد كعصا غليظة بحربه ضدهم.
وأكد أن هذه السياسية من أجل أن يكون الملك الأول “للجيل الجديد” في قمة هرم الدولة، وهو جيل الأحفاد الذي سيتبع جيل أبناء مؤسس الدولة “عبد العزيز بن آل سعود”.
وفي هذا الإطار، كانت اعتقالات مارس/آذار من العام الجاري، حيث احتجزت السلطات السعودية بتعليمات من ولى العهد العديد من الأمراء المرموقين بتهمة الخيانة العظمى، بينهم أقارب لولي العهد ولوالده.
وأثار قرار الديوان الملكي، قبل أيام، إقالة قائد القوات المشتركة في اليمن الأمير فهد بن تركي بن عبد العزيز، وإحالته للتحقيق بتهمة الفساد، صدمة واسعة في العائلة المالكة والشارع السعودي.
وبحسب قرار الديوان الملكي، أعفت الأوامر أيضا نجل قائد القوات المشتركة الأمير عبدالعزيز بن فهد بن تركي بن عبدالعزيز آل سعود، نائب أمير منطقة الجوف من منصبه، وأحالته للتحقيق.
وأحالت أيضا الأوامر الملكية “يوسف بن راكان بن هندي العتيبي”، و”محمد بن عبدالكريم بن محمد الحسن”، و”فيصل بن عبدالرحمن بن محمد العجلان”، و”محمد بن علي بن محمد الخليفه” وضباط آخرين للتحقيق.
ورجح مصدر سعودي لـ”ويكليكس السعودية” أن اتساع نفوذ الأمير فهد بن تركي وتأثيره على رجال القوات السعودية المسلحة، وتمتين علاقاته الودية مع قبائل يمنية واسعة، دفع ولى العهد محمد بن سلمان للخوف من “القائد العسكري”.
وذكر المصدر أن بن سلمان أحس بنفوذ الأمير فهد في القوات المسلحة ودوره أيضا المؤثر على القبائل اليمنية التي تدعمها السعودية في قتالها ضد الحوثيين.
وقلل من مزاعم القرار الملكي بأن إحالة الأمير ونجله وضباط آخرين للتحقيق والاعتقال بتهمة الفساد، مؤكدا أن الأمير فهد طيلة السنوات الماضية عرف بنزاهته وإدارته الناجحة لجميع مناصبه.
وأكد أن القرار الأساسي الذى دفع ولى العهد لاعتقال القائد والضباط الآخرين هو خشيته من “ثورة مضادة في العائلة المالكة أو حدوث انقلاب عسكري داخل ضد منصبه كونه يترقب وفاة والده المريض لتولى منصب كرسي الملك”