شجعت مقررة أممية إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن على المضي بنشر التقرير السري بشأن جريمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي.
وأشادت أغنيس كالامارد مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بعمليات القتل خارج نطاق القانون، بعزم إدارة بايدن نشر تقرير قتل خاشقجي.
وقالت إن المعلومات المقررة في التقرير الأمريكي ستوفر “القطعة الأساسية المفقودة في أحجية إعدام خاشقجي”.
وأضافت أنها تأمل في أن تظهر معلومات أخرى أيضاً، مثل أي تفاصيل جديدة حول مكان رفات خاشقجي.
كما أشارت كالامارد، إلى التهديدات الأخرى التي ورد أن عملاء السعودية وجههوها ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والمسؤولين السعوديين السابقين في كندا والنرويج.
ونبهت إلى أنه “إذا كانت لدى المخابرات الأمريكية معلومات عن هؤلاء العملاء، فأعتقد أنه ينبغي عليهم حقاً إتاحة هذه المعلومات للجمهور”.
وسترفع إدارة بايدن السرية عن تقرير استخباراتي حول اغتيال جمال خاشقجي وفقاً لأفريل هينز، مديرة المخابرات الوطنية الأمريكية الجديدة.
وهو ما قد يلقي بظلال كثيفة على العلاقات الأمريكية السعودية.
ويعني القرار أنه من المرجح أن تلقي الولايات المتحدة اللوم رسمياً على اغتيال جمال خاشقجي الوحشي على ولي العهد محمد بن سلمان، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.
وذكرت تقارير إعلامية أن أجهزة المخابرات الأمريكية حددت بدرجة متوسطة إلى عالية من الثقة أن بن سلمان أمر بالقتل.
وسينشَر التقرير وهو ملخص غير سري للنتائج أصدره مدير الاستخبارات الوطنية عبر مجتمع الاستخبارات، في وقتٍ مبكِّرٍ من الأسبوع المقبل، وفقاً لما نقله تقرير لصحيفة Washington Post الأمريكية.
وقتل خاشقجي بوحشية في أكتوبر/تشرين الأول 2018، بعد استدراجه إلى القنصلية السعودية في إسطنبول للحصول على أوراق لازمة له.
وتعرض خاشقجي للتخدير وتمزيق أوصاله على يد عملاء سعوديين، وفقاً لتحقيقات الحكومة التركية والأمم المتحدة.
وخلصت وكالة الاستخبارات المركزية إلى أن ولي العهد هو من أمر بالاغتيال.
لكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي كان حليفاً قوياً لبن سلمان أصّ على استبعاد استنتاجات جهاز الاستخبارات الخاص به، واصفاً الجريمة بأنها “عملية مارقة”، واستمرَّ في حماية وليّ العهد السعودي.
وفي حديثه عنه، تفاخَرَ في مقابلةٍ مع الصحفي الاستقصائي الأمريكي بوب وودوارد بأنه “أنقذ مؤخرة بن سلمان” من محاولات الكونغرس لتحميله المسؤولية عن القتل.
وفي أوائل العام 2019 أقرَّ الكونغرس قانوناً يمنح إدارة ترامب 30 يوماً لتقديم تقرير غير سري من مكتب مدير الاستخبارات الوطنية مع “تحديدٍ ودليلٍ فيما يتعلَّق بالمعرفة السابقة ودور أيِّ مسؤولٍ حالي أو سابق في المملكة السعودية.. على التوجيه أو الأمر أو التلاعب بالأدلة في الخاصة بعملية اغتيال جمال خاشقجي”.
وتجاهَلَ ترامب هذا القرار، وفي فبراير/شباط 2020 أبلغ مدير مكتب الاستخبارات الوطنية التابع له قادة الكونغرس بأنه “غير قادر على تقديم معلومات إضافية على المستوى غير السري”.
وفي يوليو/تموز من العام نفسه، أخبرهم مدير الاستخبارات الوطنية جون راتكليف، رداً على طلبات إضافة من المشرِعين، بأنه لن يقدَم أي شيء.
وكان قد خلص بعد مراجعةٍ إضافية، كما كتب لهم، إلا أن “الكشف عن التفاصيل الإضافية المتعلِّقة بمقتل خاشقجي من شأنه أن يقوِض مصادر وأساليب الاستخبارات الأمريكية”.
في الوقت نفسه، كتب راتكليف: “لقد قررت أنه لا يوجد سوى حجة هامشية حول “المصلحة العامة” لرفع السرية.
ولكن بعد وصول بايدن الذي طالما انتقد السياسات السعودية للحكم تغير الأمر.
خلال الحملة الانتخابية لعام 2020، شن بايدن هجمات لاذعة ضد ولي العهد، قائلاً إن المملكة العربية السعودية بحاجة إلى أن تُعامل على أنها “منبوذة”.
من المتوقع أن تسعى إدارة بايدن إلى الحد من مبيعات الأسلحة للسعودية، لكنها قد تتخذ أيضاً إجراءات أكثر استهدافاً ضد بن سلمان بما في ذلك العقوبات المالية.
وفي جلسة استماع أفريل هاينز لتولي منصب مديرة الاستخبارات الوطنية لبايدن، سأل السناتور رون وايدن (ديمقراطية) عمَّا إذا كانت هاينز ستصدر التقرير، فأجابت هاينز: “نعم. في الواقع سوف نتبع القانون”.
وتأتي خطط إصدار التقرير في الوقت الذي تراجعت فيه العلاقات الأمريكية السعودية إلى مستوى متدنٍّ جديد في الأسابيع الأخيرة.
وذلك مع إلغاء الإدارة الأمريكية لمبيعات الأسلحة، وانتقاد انتهاكات حقوق الإنسان وملاحقة المعارضين في المملكة، وتعهُّد الإدارة الأمريكية بـ”إعادة ضبط” العلاقات مع المملكة.
وقالت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض جين بساكي، إن الرئيس بايدن، الذي لم يتواصل مباشرةً مع حكَّام السعودية، لن يتحدَث مع ولي العهد.
وقد يضيف تقرير خاشقجي إلى التوتر البادي في العلاقات.
قال ديفيد أوتاواي، الخبير في الشأن السعودي في مركز ويلسون الدولي في واشنطن: “أعتقد أن ذلك سيجعل بايدن يصل إلى مقصده. سيتعيَّن عليه تحديد علاقته بالقيادة السعودية وكذلك الخطوات التي سيتَّخذها بناءً على ذلك”.
وأضاف: “هناك أشياء كثيرة تؤثِّر على العلاقة، وأشعر أنها تتدهور”.
وإشارة التقرير الاستخباراتي إلى بن سلمان باعتباره مسؤولاً عن جريمة القتل، فإنه سيثير سؤالاً عما سيفعله بايدن لمحاسبته، حسبما يتساءل بروس ريدل، محلل سابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ومدير في معهد بروكينغز في حديثه لصحيفة The Guardian.
وحتى بدون ضغوط الكونغرس، كانت الجهود لفرض إصدار التقرير تتحرَّك بسرعةٍ من خلال المحكمة الفيدرالية في المنطقة الجنوبية من نيويورك، حسب صحيفة Washington Post.
وكانت أول قضيتين رفعتهما مبادرة “عدالة المجتمع المفتوح”، بموجب قانون حرية المعلومات، هي طلباً عام 2019 لـ”جميع السجلات” المتعلِّقة بالقتل والمسؤول عنه، بما في ذلك تقرير وكالة الاستخبارات المركزية السري.
وطلبت إدارة ترامب في ديسمبر/كانون الأول، بأمرٍ من المحكمة، تمديد الموعد النهائي، فيما طلبت إدارة بايدن الآن تمديداً إضافياً حتى الشهر المقبل.
وطلبت قضيةٌ منفصلة رفِعَت في الصيف الماضي إصدار وثيقة مدير الاستخبارات الوطنية، المُكوَّنة من صفحتين.
والأربعاء الماضي طلبت وزارة العدل تمديداً لمدة أسبوعين، حتى 3 مارس/آذار، للردِّ على طلبات مبادرة عدالة المجتمع المفتوح لإصدار حكم موجز.
وقالت الإدارة إنها بحاجةٍ إلى مزيدٍ من الوقت لـ”تقييم القضايا التي قد تؤثِّر على موقف الحكومة في هذه الأمور”.
وردَّت مبادرة عدالة المجتمع المفتوح بالموافقة على تمديدٍ لمدة أسبوع واحد، قائلةً إنه “بحلول 24 فبراير/شباط، يجب على الحكومة الأمريكية تقديم تحديث موضوعي للمحكمة فيما يتعلَّق بالخطوات التالية في هذه الحالة، بما في ذلك على وجه الخصوص ما إذا كانت الحكومة تنوي الاستمرار في حجب تقرير مدير الاستخبارات الوطنية عن خاشقجي بالكامل”.