أبرز المحلل في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى سايمون هندرسون، احتمال أن الأزمة اليمنية ستؤذي الشراكة نظام آل سعود ودولة الإمارات أو بالأحرى بين محمد بن سلمان ومحمد بن زايد.
وقال هندرسون في مقال نشره موقع الكونغرس الأمريكي “ذا هيل” إن من الأشياء التي أصبحت معروفة في الشرق الأوسط الجديد وبرزت خلال السنوات الأربع الماضية هي الشراكة القريبة بين السعودية وجارتها الخليجية الصغيرة، الإمارات، وكانت العلاقة شخصية بين حاكمين فعليين للبلدين: بن زايد وبن سلمان.
كلاهما شخصيتان رئيستان في دراما النزاعات الإقليمية اليوم، وآراءهما من التهديد الإيراني وبشكل أقل العملية السلمية بين الفلسطينيين وإسرائيل تتداخل مع تلك الخاصة بالبيت الأبيض. إلا أن الأمور تتغير وتتعرض العلاقة بين الحليفين لامتحان، ويقوم الكثير من اللاعبين والمراقبين أيضا بمراقبة الوضع. وسيتردد صدى الخلاف بينهما من رمال ليبيا إلى مضيق هرمز، والنفط هو النقطة الجامعة.
وكان التركيز هذا الأسبوع على اليمن، حيث كان الطرفان يحاولان إعادة الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا إلى العاصمة صنعاء التي احتلها المتمردون الحوثيون عام 2014.
واضطرت الحكومة الشرعية ومنذ عام 2015 إلى العمل من ميناء عدن في جنوب البلاد. إلا أن الانفصاليين الجنوبيين سيطروا على المدينة واحتلوا القواعد العسكرية التابعة للحكومة الشرعية، وأجبرت هذه القوات التي تدعمها الإمارات ما تبقى من حكومة عبد ربه منصور هادي على الفرار إلى الرياض. وهو ما يظهر أن السعودية والإمارات لم تعودا تدعمان الفريق أو الهدف نفسه.
ويشير هندرسون إلى أن اهتماما حظيت به زيارة ولي عهد أبو ظبي إلى مكة، حيث يلتقي الملك سلمان بالزوار الكبار الذين زاروا المدينة المقدسة وأدوا شعائر الحج.
وتم الترحيب بولي عهد أبو ظبي بحرارة، واستقبل حسب البروتوكول، وتم أخذه للقاء الملك السعودي، ويقال إنه عقد لقاء منفصلا مع ولي العهد محمد بن سلمان. ويقوم الموقف السعودي علنا على الدعوة للحوار “ونزع فتيل الأزمة”، ونحن بانتظار تفاصيل عما يعنيه هذا الكلام.
وعلى ما يبدو، فقد تم تشجيع هادي على التحاور مع الذين طردوا قواته من اليمن، وهذا لا يعني بأي حال التحاور مع الحوثيين الذين تتعامل السعودية والإمارات معهم كوكلاء لإيران في اليمن. وبالتأكيد فطهران تدعم الحوثيين، ولكن مساعدتها لهم أو تزويدها لهم بالسلاح والمال هو محل نقاش دبلوماسي وصحافي.
ويقول هندرسون: “من الصعب تقييم تعبيرات وجه بن زايد لأن الكوفية حجبت وجهه. ولكن الصورة التي نشرتها “أرب نيوز”، الصحيفة السعودية الرئيسة الناطقة بالإنكليزية على الصفحة الأولى، ظهر فيها بن زايد بوجه جدي وهو يحاول توضيح نقطة لبن سلمان الذي كان ينظر للأرض. وسواء كانت هذه الصورة جديدة أم أنها قديمة فهذا أمر غير واضح، ولكنها تلخص الطريقة التي تأرجحت فيها الأزمة اليمنية.
والحقائق الظاهرة تشير إلى خلافات في الأساليب أدت لخلق نكسة استراتيجية. ومن هنا فالرواية التي طلب منا تصديقها هي أن بن سلمان وبن زايد وبلديهما في موقف واحد، وعلاقتيهما أوثق من السابق. فبن زايد الحذر والمنضبط يعتبر من المؤيدين المهمين لبن سلمان.
ومنذ صعود الملك سلمان إلى العرش السعودي عام 2015 بدأ بعده بن سلمان صعوده السريع كوزير للدفاع ونائب لولي العهد وولي للعهد الآن، وبالضرورة الحاكم الفعلي للمملكة. وفي الطريق لتحقيق هذا الطموح كانت هناك حملة اعتقالات ريتز- كارلتون، وقتل وتقطيع الصحافي جمال خاشقجي، ونفقات غير محدودة على يخت وقصر تاريخي ولوحة لليوناردو دافنشي أهداها لمحمد بن زايد.
وفي مرحلة ما، وصف محمد بن زايد كمعلم لمحمد بن سلمان، أو أن العلاقة بينهما صداقة وحب، ولكن بن سلمان في الوقت الحالي بات محصنا ولا يريد الاستماع للنصيحة أو الإرشاد.
ويظل اليمن عرضا جانبيا في دراما الشرق الأوسط، ولكن الإمارات وقبل الأحداث الأخيرة بدأت بسحب قواتها، ولم تعد تركز على طرد الحوثيين من صنعاء. ويبدو أن محمد بن زايد راض عن دولة منفصلة في الجنوب، وسواء كان هذا من ضمن رؤية محمد بن سلمان أم لا فهذا هو السؤال.