تفاصيل صادمة عن مؤامرة السعودية على أول رئيس منتخب في مصر

ربما تكون هذه المرة الأولى التي يتفق فيها أنصار النظام السعودي مع أنصار تنظيم داعش على مهاجمة شخصية سياسية.
ففي واقعة لافتة اتفقت اللجان الإلكترونية التابعة للنظام السعودي مع انصار تنظيم داعش على مهاجمة الرئيس الراحل محمد مرسي الذي توفي أثناء جلسة محاكمته في 17 يونيو 2019.
وكان موقف السلطات السعودية من وفاة الرئيس محمد مرسي بعيداً كل البعد عن المشاعر الانسانية ومنافياً مع الاعراف والقواعد الدبلوماسية الدولية.
وزعمت السعودية أن الاخوان تعتمد العنف لتحقيق مكاسب سياسية, وتدعي كذبا بأنها تمثل الاسلام المعتدل, وعملت على بناء ك تنظيمات تنفذ الإرهاب, وأضافت ان جماعة الاخوان المسلمين “تحرف تفسيرات النصوص, وابتدعت فكرة الحاكمية, وتعاونت مع انظمة متطرفة.
كما اتهمت وزارة الخارجية السعودية جماعة الاخوان باستباحة دماء جميع من يخالفها, وسعيها إلى تنفيذ عمليات اغتيال, وعمليات انتحارية.
وتطرقت وزارة الخارجية إلى ما يسمى ب”النظرية الإخوانية”, وأكدت أن الجماعة تؤمن بالوصول إلى الحكم عبر اتباعها تنفيذ كل السبل المشروعة وغير المشروعة, وتبيح العمليات الانتحارية وتنفذ اغتيالات بكل من يعارض فكرهم, وتؤمن بالعمل السري وزرع العناصر المستترة, إضافة إلى التعاون وتبادل المعلومات بين الأتباع من خلال تنظيم دولي يجمعهم.
ورد ناشطون على بيان وزارة الخارجية السعودية, قائلين إن الرياض وبدلا من التعزية في رئيس مصري سابق, تقوم بالتلميح إلى وصف مرسي بالإرهابي, نظرا لكونه أحد قيادات جماعة الإخوان المسلمين.
في الوقت الذي شهدت فيه مواقع التواصل الاجتماعي تعاطفا واسعا وواضحا مع مرسي, هاجمت وزارة الخارجية السعودية جماعة الإخوان المسلمين بعد ساعات قليلة من إعلان خبر وفاته, واتهمتها بالإرهاب وتقويض الاستقرار في المنطقة, دون مناسبة تستدعي الهجوم, ما يعد تأكيدا على موقفها من الرئيس الراحل محمد مرسي.
ولم يفوت أبواق النظام السعودي الحدث الخطير للشماتة في وفاة الرئيس الراحل, وانتقد كتاب مقربون من الديوان الملكي السعودي دولة قطر باعتبارها الدولة العربية الوحيدة التي قامت بالتعزية في وفاة الرئيس الذي لقي ربه يوم 17 يونيو/حزيران أثناء محاكمته.
ودشنت ما يبدو أنها لجان إلكترونية تابعة للنظام السعودي -أو ما يعرف بـ “الذباب الإلكتروني” وسما بعنوان (محمد_مرسي_عميل) تضمن هجوما لاذعا على الرئيس الراحل، واتهامه بالعمالة لإيران تارة ولإسرائيل تارة أخرى، وتصدر الوسم مواقع التواصل الاجتماعي وشارك فيه نشطاء سعوديون من مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي، كما شاركت فيه ما يبدو أنها لجان إلكترونية مناصرة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
جاء الهجوم المشترك بين الذباب الإلكتروني للطرفين في ظل موجة تعاطف واسعة مع مرسي على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تصدرت عدة وسوم مواقع التواصل على مدار يومين متتاليين، تضمنت حزنا على وفاة مرسي وغضبا بسبب الإهمال الطبي الذي تعرض له، فيما حمّل آخرون النظام المصري مسؤولية وفاته، وقال بعضهم إن النظام تعمد قتله، بحسب وصفهم.
وبدأ واضح موقف السعودية من وفاة مرسي يذكر بدورها الخطير في التجهيز والإعداد والتمويل للانقلاب عليه.
وبعد إذاعة الجنرال عبد الفتاح السيسي بيان انقلاب الثالث من يوليو/ تموز مباشرة، كشفت السعودية عن دعمها لإنجاح مشروع الانقلاب بكل قوة من خلال حل أزمات المواطن الحادة وتلبية حاجاته الآنية الملحة خاصة عجز السولار والبنزين وانقطاع الكهرباء كرشوة سياسية لضمان تقبل الانقلاب وعدم مقاومته وتثبيت أركانه.
فتبرع العاهل السعودي في حينه، عبد الله بن عبد العزيز، فورًا بالسولار والبنزين والغاز بكميات ضخمة تجاوزت قيمتها في الأيام الأولى للانقلاب 2 مليار دولار، ضمن حزمة مساعدات فورية نقدية وعينية بقيمة 5 مليارات دولار، وما زال البترول السعودي يتدفق في شرايين الاقتصاد المصري بدون سداد قيمته أو بالمجان تقريبًا.
وإذا كان سعي الرئيس الراحل مرسي لاستقلال القرار السياسي المصري والتوقف عن التبعية، من خلال إنتاج الغذاء وتصنيع الدواء والسلاح، وكذلك قراره بتنمية سيناء وتعميرها وتغيير خريطتها الديموغرافية، على نحو تزعم إسرائيل أنه يهدد أمنها، كل ذلك كان سببًا لاستنفار الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والانقلاب على حكمه، فإن أسبابا أخرى يمكن أن تفسر الحقد السياسي والتدخل السعودي والإماراتي في الشأن الداخلي المصري والكيد لحكم مرسي وتمويل الانقلاب عليه.
أثارت شعبية مرسي القلق لدى حكام السعودية على وجه الخصوص، وأحرج شرعيتهم وهو يعلن أنه كرئيس عليه واجبات وليس له حقوق، وهو تصريح غريب على المنطقة يمكن أن يلفت الشعوب للمطالبة بحقوقها المسلوبة من الملوك المتحكمين في رقابها بسلطان القهر. وكانت فوبيا الربيع العربي وتصدير الثورة المصرية إلى بلادهم التي يحكمونها بالحديد والنار هاجسا يشغلهم بشدة.
وعلى الرغم من تعمد مرسي زيارة المملكة في أول زيارة خارجية له، وإظهاره احترام الملك وتأكيده آفاق التعاون المتبادل في الماضي والمستقبل، وتطمينهم بعدم سعيه لتصدير الثورة، على عكس ما فعل جمال عبد الناصر في الستينيات من القرن الماضي، لكن هاجس الخوف من الثورة المصرية التي قطعت شوطًا كبيرًا في النجاح وإمكانية انتشارها في المحيط العربي رغمًا عن الجميع كان قويًا عند آل سعود، حيث تشكل فئة الشباب تحت سن الأربعين 65% من سكان المملكة.
وكذلك رصدت زيارة مرسي لباكستان، الحليف الاستراتيجي للسعودية وكيف ارتفعت صوره في كل أنحاء باكستان دون توجيه من الحكومة الباكستانية، الأمر الذي يزيد قلق السعودية من اهتزاز مكانتها الدينية بين حكومات الدول الإسلامية.
طلب مرسي من الملك عبد الله تسهيلات ائتمانية لشراء منتجات بترولية سعودية آجلة الدفع، للتغلب على أزمة السولار والبنزين التي تستغلها المخابرات ورجال الدولة العميقة في تذمر الشارع المصري من حكمه، لكن الطلب رُفض، لتتوالى فصول الكيد للتجربة الديمقراطية المصرية حتى تنتهي بالانقلاب العسكري الدموي عليها، والخلاص من الرئيس محمد مرسي للأبد، في اليوم نفسه الذي جرى انتخابه فيه قبل ست سنوات رئيسًا لمصر.
ومن جهتها فقد سلطت صحيفة “نيويورك تايمز” الضوء على الانقلاب العسكري الذي جرى بمصر وانتهى بعزل الرئيس محمد مرسي من منصبه, كاشفة عن تواطئ ضمني جرى بين الإدارة الأمريكية في عهد باراك أوباما, وأنظمة عربية تعتبر الاسلام السياسي خطراً يهدد استمرارها في مقدمتها السعودية.