كشفت مصادر متطابقة أن ولي العهد محمد بن سلمان قدم مصالحه الشخصية في جهود حل الأزمة بين المملكة ولبنان وكسب ذلك في تسجيل نقاط لكسر عزلته الخارجية.
وذكرت المصادر ل”سعودي ليكس”، أن بن سلمان اشترط إشادة الحكومة اللبنانية وكبار المسئولين اللبنانيين به علنا من أجل دفع العلاقات مجددا مع بيروت.
وأوضحت المصادر أن بن سلمان يريد سماع الاحتفاء به من كافة وسائل الإعلام اللبنانية والتعظيم بشخصيته من أجل إعادة توجيه الدعم المالي ورفع العقوبات المتخذة ضد لبنان.
من جهتها أوردت صحيفة Financial Times البريطانية أن “السعودية اشترطت الموافقة على إعادة العلاقة مع لبنان مقابل زيارة يقوم بها زعيم غربي رفيع المستوى للقاء بن سلمان، كون القادة الغربيون يتجنبون الاجتماع بولي العهد منذ عدة أعوام”.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون توسط في مكالمة يوم السبت بين المملكة وقادة لبنان في محاولة لإنهاء نزاع دبلوماسي أدى إلى فرض عقوبات على بيروت من قبل دول الخليج.
وكان الرئيس الفرنسي، وهو أول زعيم غربي يزور المملكة منذ مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي عام 2018، قد ضغط من أجل هذه الدعوة خلال اجتماع مع ولي عهد محمد بن سلمان في جدة، خلال جولة تهدف إلى التأكيد على نفوذ فرنسا في المنطقة.
استدعت السعودية سفيرها وطردت المبعوث اللبناني في أكتوبر/تشرين الأول بعد أن انتقد وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي حرب التحالف الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين في اليمن.
كما حظرت المملكة الواردات من لبنان، الذي يعاني من أسوأ أزمة اقتصادية منذ عقود. وحذت دول خليجية أخرى حذوها في استدعاء مبعوثيهم من بيروت.
وقال ماكرون إنه تم اتخاذ خطوة مهمة مع استعداد السعودية لإعادة الانخراط ماليا مع لبنان بعد الجولة الأولى من المحادثات الثلاثية.
وعلى الرغم من أن تعليقات قرداحي أثارتها، إلا أن جذور نزاع دول الخليج هي نفوذ حزب الله المدعوم من إيران، على الرغم من المليارات من المساعدات المالية السعودية لبيروت على مدى العقود الأخيرة.
واستقال قرداحي يوم الجمعة، قائلا إن فرنسا طلبت منه التنحي قبل زيارة ماكرون. وقال مسؤولون فرنسيون ان السعودية وافقت على اعادة سفيرها الى بيروت الا انه لم يتضح بعد انهم سيفعلون ذلك.
وصرح قرداحي أنه سأل رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي عما اذا كانت استقالته ستعيد العلاقات الدبلوماسية. وقال إن ميقاتي رد قائلا “بصراحة، لا يوجد شيء”، لكنه قرر التنحي بسبب قلق الجاليات اللبنانية في دول الخليج.
ورفض اقتراح فرنسي بزيارة ميقاتي إلى جدة لحضور اجتماع ثلاثي مع ماكرون ومحمد بن سلمان.
الا ان بيانا سعوديا فرنسيا مشتركا قال انهما اتفقا على “آلية مشتركة” للمساعدات الانسانية الشفافة للبنان وكذلك على ضرورة قصر الأسلحة على مؤسسات الدولة الشرعية في اشارة مبطنة إلى حزب الله.
وقد تجنب القادة الغربيون الزيارات إلى المملكة العربية السعودية منذ مقتل خاشقجي على يد عملاء سعوديين في قنصلية المملكة في اسطنبول.
وخلصت وكالة المخابرات المركزية إلى أن الأمير محمد يجب أن يكون قد أذن بالعملية.
من جهتها أشارت صحيفة وول ستريت جورنال البريطانية إلى أنه يتم تجاهل بن سلمان بشكل كبير من قبل قادة الغرب، فهو لم يستطع زيارة أوروبا وأمريكا منذ مقتل خاشقجي.
وذكرت الصحيفة أن بن سلمان يكافح لإصلاح الأضرار التي لحقت بمكانته الدولية، لذا جاءت زيارة ماكرون للسعودية كعلامة فارقة في حياته السياسية.
فيما أبرزت وكالة Bloomberg الأمريكية أن ماكرون أعلن أن السعودية ستعاود الانخراط مالياً في لبنان، وقال إن بن سلمان تعهد له بهذا الالتزام أمام فرنسا كمبادرة سعودية لحل الأزمة مع لبنان”.
وذكرت الوكالة أن التغير السريع في الموقف السعودي على خلفية زيارة ماكرون للمملكة يؤكد أن القرار السعودي كان عبثياً منذ بداية الأزمة.
وأشارت الوكالة إلى أن ماكرون أنهى جولته الخليجية في السعودية، بصفقة عسكرية ضخمة في جيبه، وغيرُ مكترثٍ بشأن الانتقادات حول حقوق الإنسان في المملكة، ويأتي ذلك بالتزامن مع الاحتفالات التي يقيمها بن سلمان لإعادة بناء صورته المتضررة دولياً.