أبرزت منظمة القسط لحقوق الإنسان الجانب المظلم من مشروع نيوم في السعودية بما يتضمنه من مصادرة أراضي سكان المنطقة وتهجيرهم ومتابعتهم قضائيا.
وتناولت المنظمة في تقرير لها تلقى “سعودي ليكس” نسخة منه، حملة السلطات السعودية الشرسة من المتابعات القضائية ضد أبناء قبيلة الحويطات الذين عارضوا الإخلاء القسري في عام 2020 لبناء مدينة نيوم المستقبلية العملاقة.
ويعد نيوم أحد المشاريع الرئيسية في رؤية 2030 التي يقودها ولي العهد محمد بن سلمان في إطار برنامجٍ يهدف إلى تنويع اقتصاد السعودية وتقليل اعتمادها على عائدات النفط. ونيوم هي مدينة مستقبلية عملاقة يجري بناؤها على ساحل البحر الأحمر في السعودية.
وتسعى السلطات السعودية إلى الحصول على مليارات الدولارات من الاستثمار الأجنبي والخبرة التقنية لتطوير المشروع.
ولكن عند بدء العمل في المشروع، ارتكبت السلطات السعودية بالفعل مجموعةً واسعةً من الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان التي ينبغي أن يدركها كل الشركاء والمستثمرين والمستشارين المحتملين بحسب منظمة القسط.
وأجرت منظمة القسط تحقيقًا مفصلًا في تلك الانتهاكات، بناءً على شهادات مباشرة من الضحايا والشهود وأيضا بيانات مفتوحة المصدر.
وحثت المنظمة الشركاتِ المشاركة، أو التي تفكر في المشارَكة، على النظر عن كثب في مسؤولياتها المؤسسية وألا تصبح متواطئة في انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها السلطات السعودية.
وعلى الرغم من الادعاءات الرسمية بخلاف ذلك، فإن المنطقة المخصصة لمشروع نيوم، التي تبلغ مساحتها الإجمالية 26,500 كيلومتر مربع، ليست أرضا غير مأهولة؛ فهي مأهولة في الأصل بأفراد قبيلة الحويطات وغيرها منذ زمن.
وتابعت القسط ما تقوم به السلطات السعودية من انتهاكات متكررة في سعيها إلى مواصلة أعمال البناء في مشروع نيوم.
وخلص تحقيق منظمة القسط إلى أن السلطات السعودية هجّرت بصورة غير قانونية سكان المنطقة بهدف إنجاز المشروع، دون تقديم تعويضٍ كافٍ أو منح سكنٍ بديلٍ، وقمعت بعنفٍ أفراد القبيلة الذين اعترضوا أو قاوموا الإجلاء سلميا.
ومنذ القتل البشع لعبد الرحيم الحويطي، وهو أحد سكان المنطقة، في مداهمة لمنزله قامت بها القوات الخاصة في عام 2020، وثّقت القسط الاعتقالات التعسفية والمحاكمات الجائرة لأفراد آخرين من القبيلة، والذين صدرت في حق العديد منهم مؤخرا أحكام بالسجن لفترات طويلة أو حتى الإعدام.
وتُعد الكثير من المعلومات الواردة في هذا التقرير جديدةً، وترسم صورة مقلقة للغاية عن المتابعات القضائية الجارية والعقوبات الصادرة في حق عشراتٍ من أفراد قبيلة الحويطات بسبب معارضتهم السلمية.
وتمكنت القسط من التحقق من الأحكام الصادرة في حق 14 فردًا من أفراد القبيلة حتى اليوم، بمن فيهم امرأة، بالسجن لمددٍ تتراوح ما بين 15 و50 عامًا.
وحُكم على ثلاثة آخرين على الأقل بالإعدام بسبب المقاومة السلمية للتهجير القسري لقبيلتهم والتعبير عن رفضهم لحالات الظلم التي تعرضوا لها من السلطات السعودية.
وعلاوةً على ذلك، فإن مسألة مصادرة الأراضي والتهجير القسري تتجاوز مشروع مدينة نيوم العملاقة. فهي ممارسات سائدة تقوم بها السلطات السعودية منذ فترة طويلة، ونرى عمليات مماثلة لمصادرة الأراضي مع ما يرافقها من انتهاكات حقوق الإنسان في أماكن أخرى في المملكة، ولاسيما في جدة، في إطار رؤية 2030 التي يقودها محمد بن سلمان.