رؤية 2030 “تتبخر” والمملكة تعيش أصعب فترات الحكم
قالت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية إن مشاريع رؤية 2030 تصطدم بجدار وباء فيروس كورونا التاجي وتراجع أسعار النفط ما سحب السجادة من تحت خطط التطوير التي وضعها ولي العهد محمد بن سلمان وكبح جماح الحكومة.
ولا يعيد الفيروس التاجي تعريف الحياة اليومية للسعوديين فحسب، بل إن أسعار النفط الهابطة تحرم المملكة من الثروة الهائلة التي كانت مضمونة للمملكة الجديدة بحسب الصحيفة الأمريكية.
وتهدد الضربتان التوأمتان بإغراق الأجندة الاجتماعية والاقتصادية الشاملة لولي العهد محمد بن سلمان، وقد قلصت بالفعل دولة الرفاهية الشاسعة التي أعطت معظم السعوديين حياة مدعومة بشكل مريح.
وتشير الصحيفة إلى خطط ولي العهد لتنويع الاقتصاد تحت فرضية أن السعودية لا يمكنها الاعتماد على النفط وللأبد. بالإضافة إلى تطوير السياحة والترفيه إصلاحات اجتماعية تحت ما صارت تعرف برؤية 2030.
والآن أصبحت السياحة والترفيه خارج المعادلة، حسب الصحيفة، إلا أن انهيار أسعار النفط، جعل المملكة التي كانت قبل عدة أشهر تعيش حالة من النشوة المترقبة، تعيش مستقبلا مختلفا عن ذلك الذي وعد به محمد بن سلمان.
وقال مايكل ستيفنز، محلل الشرق الأوسط في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن: “أعتقد أن رؤية 2030 انتهت أكثر أو أقل .. أعتقد أنه انتهى”.
وأضاف ستيفنز أن المملكة تواجه “أصعب الأوقات التي مرت بها، وبالتأكيد أصعب فترة حكم محمد بن سلمان”.
ولم يعط ولي العهد أي إشارة إلى خدش أي خطط محددة، وأبلغ وزير المالية محمد الجدعان أن مشاريع مثل مدينة نيوم الذكية ستتأخر ببساطة.
ورغم ذلك، اعتاد السعوديون منذ فترة طويلة على دعم سخى للوقود والكهرباء، وقد تعمل الوظائف الحكومية المريحة والتعليم المجاني والرعاية الصحية بشكل أقل راحة مما كانت عليه الأجيال السابقة، مما أعاد كتابة العلاقة بين السعوديين وحكامهم.
وأعلنت الجدعان الاثنين الماضي، أن المملكة ستضاعف ثلاثة أضعاف ضريبة القيمة المضافة على السلع والخدمات في البلاد من 5 إلى 15 في المائة ، وتجريد بدلًا شهريًا يبلغ 266 دولارًا تقريبًا للعاملين في الدولة ومراجعة المزايا المالية الأخرى المدفوعة للموظفين والمقاولين.
وقال الجدعان في بيان “إننا نواجه أزمة لم يشهدها العالم من قبل في التاريخ الحديث”.
وأبدى عبد الرحمن، تاجر يبلغ من العمر 52 عامًا في قطع غيار السيارات ومواد البناء في الرياض، مثل كثير من السعوديين، لم يتم تحديد اسمه بالاسم الأول فقط للتحدث بصراحة عن سياسة الحكومة، تخوفه قائلا “نحن قلقون حقًا”.
وأضاف عبد الرحمن “المعاناة القصوى ستكون للمستخدمين النهائيين. الطبقة الوسطى والطبقة الدنيا ستعاني الكثير من هذا”.
وكانت المملكة تعتمد على النفط لتمويل المرحلة الانتقالية، وعائداتها تدفع للمطربين الأجانب والفعاليات الرياضية، وتعليم الشباب السعوديين في الخارج، وتشجيع صانعي الأفلام السعوديين، وتطوير مواقع السياحة الصحراوية والمزيد.
لكن سعر النفط الخام هبط بأكثر من النصف في مارس المنصرم بعد أن جمد الطلب الوبائي وبدأ الأمير محمد حرب أسعار مع روسيا. وهي الآن أقل بكثير مما تحتاجه الحكومة لموازنة ميزانيتها.
وأعلنت شركة أرامكو السعودية أن أرباحها في الربع الأول انخفضت بنسبة 25 في المائة مقارنة بالعام الماضي.
وقالت كريستين سميث ديوان، المحللة في معهد دول الخليج العربية في واشنطن: “الكثير من الأشياء المجانية قد لا تكون مجانية بعد الآن، إنه اختبار القومية الجديدة. سيكون أكثر، أنت جزء من هذه الأمة، يجب عليك المساهمة في الأمة”.
وقالت كارين يونغ، الزميلة بمعهد دول الخليج العربي في واشنطن، إن أسعار النفط الحالية ومستويات الإنفاق الحكومي الحالية، ستنفد السعودية من الأموال في غضون ثلاث إلى خمس سنوات، مما سيجبرها على تحمل ديون إضافية.
وعلق السعودي علي شهابي إنه من خلال زيادة الضريبة بمقدار ثلاثة أضعاف، تعمل المملكة على تسريع التحول من دولة الرفاهية. وقال إن الرواتب العامة الضخمة في المملكة، التي توفر وظائف مستقرة ومدفوعة بشكل جيد لغالبية السعوديين في القوى العاملة، ستخفف من تأثير الضرائب، وكان من الممكن أن يمنع الفيروس التاجي الناس من إنفاق الكثير هذا العام على أي حال.
ووجد محللون آخرون أن هذه الخطوة تأتي بنتائج عكسية. قال السيد ستيفنز، بدلاً من مساعدة الشركات والمستهلكين في تحفيز الاقتصاد، فإن الحكومة تضع عبء التقشف على الأشخاص الأقل استعداداً لتحمله.
ورد بعض السعوديين في مواقع التواصل الاجتماعي، باستقالة أو حب الوطن. وتساءل آخرون عن سبب قيام صندوق الثروة السيادية السعودي بتمويل استحواذ على فريق نيوكاسل يونايتد لكرة القدم الإنجليزي لكرة القدم بقيمة 370 مليون دولار، بينما خفضت الحكومة الإنفاق في الداخل.
وختمت الصحيفة الأميركية لو استمرت الحكومة بالإنفاق على المشاريع البراقة والحفلات الموسيقية، فسيكون هناك تذمر شعبي، ولكن ليس أكثر، فالحكومة لم تتردد في الإنفاق أثناء الأزمات العامة في البلاد أو مواجهة من ينتقدها وقمعه.
وسبق أن وافق توقعات صحيفة “نيويورك تايمز”، خبراء ألمانيون، لانهيار، “رؤية 2030”.
ومن هذه الأسباب، بحسب المراقبين الألمان، فيروس “كورونا” والانهيار التاريخي لأسعار النفط والحرب في اليمن والاحتقان داخل الأسرة الحاكمة، والصراع مع إيران، وقالوا إنها “تهدد بتبخر هذه الأحلام في سراب الصحراء”.