واقع الاستبداد في السعودية: مشاريع لغسيل السمعة في ظل قمع شمولي
أبرز توثيق حقوقي واقع الاستبداد المستفحل في السعودية في ظل ما تطلقه السلطات من مشاريع لغسيل السمعة بهدف التغطية على قمع شمولي يحرم المواطنين من جميع حقوقهم.
وسلط التقرير السنوي لمنظمة القسط لحقوق الإنسان لعام 2023، الضوء على التناقض الصارخ المتزايد بين مشاريع ولي العهد محمد بن سلمان اللامعة التي لا طائل منها من ناحية، وانتهاك حقوق الإنسان وقمع الشعب السعودي، الذي فرت أعداد متزايدة منه من المملكة بحثًا عن الحرية والأمان، من ناحية أخرى.
وبحسب التقرير فقد شهد عام 2023 تكثيف القيادة الاستبدادية في السعودية جهودها لتعزيز سرد التحول الاجتماعي والاقتصادي المبتكر تقنيًا، ومواصلة السيطرة، من خلال عمليّات الشراء الطموحة، على الرياضات ذات الشعبيّة العالميّة مثل كرة القدم والغولف.
وقد تمثّل الواقع القاسي في استمرار الانتهاكات الشاملة لحقوق المواطنين والمقيمين السعوديين كما في السابق، وذلك على الرغم من التوقعات اللامعة للمدن الذكية الإلكترونية ومجال الترفيه.
وفي هجمات صفيقة وغير عقلانية متزايدة على حريّة التعبير، اعتُقل النشطاء والأفراد بشكل تعسفي وصُفعوا بإنزال أحكام بالسّجن المشدّد بحقّهم – وفي حالة واحدة بعقوبة الإعدام – بسبب نشاطهم السلمي على وسائل التواصل الاجتماعي.
وظل معتقلو الرأي، بمن فيهم بعض الذين كان من المقرر الإفراج عنهم، يتعرّضون للاختفاء القسري ويتعرضون للانتهاكات الفظيعة المتعمّدة. كما حُظر سفر الكثير من الأفراد الآخرين خارج البلاد بقسوة وبشكل تعسفي.
وعلى الرغم من الوعود بوقف العمل بعقوبة الإعدام، أعدمت السلطات السعودية ما لا يقل عن 172 شخصًا خلال عام 2023، بما في ذلك العشرات على خلفية تهم إرهاب والتي تضمّنت في بعض الحالات المشاركة في الاحتجاجات.
وفي الوقت نفسه، تم تأييد المزيد من عقوبات الإعدام على خلفيّة جرائم يُزعم أن القاصرين قد ارتكبوها، مما يعرّض العديد منهم لخطر الإعدام الوشيك ويدمّر ادعاءات السلطات بالتوقّف عن العمل بعقوبة الإعدام للقاصرين المدانين.
كما وظلّت النساء مواطنات من الدرجة الثانية، وذلك على الرغم من الإصلاحات المتبجح بها. واستمر استهداف نشطاء حقوق المرأة – وحتى الأفراد الذين يعبّرون ببساطة عن دعمهم لحقوق المرأة – للاعتقال والمحاكمة.
وفي ضوء استمرار القمع الشديد وإنكار حقوق الإنسان في السعودية، تدعو القسط المجتمع الدولي – السياسيين وقادة الأعمال والشخصيّات المحترمة في عالم الرياضة والترفيه، وكذلك عامة الناس – إلى اتخاذ إجراءات قائمة على المبادئ أينما استطاعوا للدفاع عن حقوق الإنسان، ومقاومة جهود القيادة السعوديّة لتبييض سجلّها المؤسف.
وتشمل النتائج الرئيسية من التقرير السنوي للقسط لعام 2023 ما يلي:
فعلى مدار عام 2023، نفّذت السلطات السعودية العديد من أعمال العقاب الجماعي والترهيب والانتقام في شكل مضايقة واعتقال أفراد عائلات النشطاء والمعارضين، والقمع العابر للحدود في شكل تسليم أو حظر سفر أو ترحيل
كما استمرت في الاعتقال التعسفي للأفراد الذين مارسوا حقهم في حرية التعبير وغيرها من الحقوق الأساسية بشكل سلمي
واصلت المحاكم السعودية إصدار أحكام بالسجن لفترات طويلة على النشطاء السلميين وحتى الأفراد الأقل شهرة بطريقة صفيقة وغير عقلانية على نحو متزايد، وخاصة على شبكة الإنترنت. وقد أُصدرت أول عقوبة إعدام معروفة في السعودية على خلفيّة نشاط وسائل التواصل الاجتماعي في يوليو 2023.
كما وثّقت القسط المزيد من الأمثلة في عام 2023 على تعامل السلطات السعودية الخطير والانتقامي مع بعض المعتقلين والسجناء الذين تعرّض حياتهم للخطر بشكل متهوّر، إن لم يكن متعمّد. شهد عام 2023 المزيد من الإضرابات عن الطعام من معتقلي الرأي الذين احتجوا بشجاعة على ظروف سجنهم القاسية وعلى تعرّضهم لضروب سوء المعاملة والمضايقات في السجن.
أُفرج عن العديد من معتقلي الرأي الآخرين في عام 2023 بعد انقضاء محكوميّاتهم، ولكن مرّة أخرى فقط بشروط صارمة تضمّنت بشكل روتيني حظرًا تعسفيًا على السفر والعمل ونشاط وسائل التواصل الاجتماعي.
كما واصلت السلطات السعودية فرض حظر السفر التعسفي على أفراد عائلات المعتقلين، في شكل من أشكال العقاب الجماعي الذي يتعارض مع كل من الاتفاقيّات الدوليّة وتشريعات السعودية نفسها. ولقيت النداءات الموجّهة إلى هيئة حقوق الإنسان السعودية الرسمية للمساعدة في رفع حظر السفر هذا آذانًا صماء.
وقد أعدمت السلطات السعودية ما لا يقل عن 172 شخصًا خلال عام 2023، بما في ذلك العشرات على خلفية تهم إرهاب والتي تضمّنت في بعض الحالات المشاركة في الاحتجاجات.
وفي الوقت نفسه، تم تأييد المزيد من عقوبات الإعدام على خلفيّة جرائم يُزعم أن القاصرين قد ارتكبوها، مما يعرّض العديد منهم لخطر الإعدام الوشيك بعد محاكمات بالغة الجور، ويدمّر ادعاءات السلطات بالتوقّف عن العمل بعقوبة الإعدام للقاصرين المدانين.
وخلال عام 2023، واصلت السلطات السعودية حملتها الشرسة من الاعتقالات والملاحقات القضائية ضد أفراد قبيلة الحويطات لاحتجاجهم على الإخلاء القسري من ديارهم، وذلك لإفساح المجال لإقامة مشروع مدينة نيوم العملاقة المخطّط له.
وفي فبراير 2023، نشرت القسط الجانب المظلم من مشروع نيوم: مصادرة أراضي سكان المنطقة وتهجيرهم ومتابعتهم قضائيا، وهو تقرير مفصّل والذي يعرض صورة مقلقة للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي تُرتكب فيما يتعلّق بمشروع نيوم.
واستمر تشكيل الإطار القانوني الذي يؤثّر على حياة المرأة في السعودية في عام 2023 من خلال قانون الأحوال الشخصية (أو قانون الأسرة)، والذي، على الرغم من وصف السلطات له بأنّه يشكّل إصلاحًا كبيرًا، إلا أنه يرسّخ في الواقع خصائص خبيثة لمنظومة ولاية الرجل على المرأة التقليدية.
كما استمر قانون الجنسية السعودية في التمييز ضد المرأة، وذلك على الرغم من التعديل الفني الطفيف في مطلع عام 2023.
وفي الوقت نفسه، استمرت السلطات في استهداف المدافعات عن حقوق الإنسان ونشطاء حقوق المرأة وحتى الأفراد الذين يعبّرون ببساطة عن دعمهم لحقوق المرأة للاعتقال والمحاكمة.
وعلى الرغم من بعض الإصلاحات المحدودة في السنوات الأخيرة، ظل نظام الكفالة سيئ السمعة في السعودية سليمًا إلى حدّ كبير في عام 2023، حيث لا يزال العمال المهاجرون والعاملات المنزليّات على وجه الخصوص يعانون من سوء المعاملة الروتينيّة.
وسيوفر قانون جديد للعاملات المنزليّات العديد من وسائل الحماية، إذا تمّ تنفيذه. وقد أُعلن عن هذا القانون في 2 أكتوبر 2023، ومن المقررّ أن يدخل حيّز التنفيذ في 21 سبتمبر 2024.
وفي الوقت نفسه، كثّفت السلطات حملتها على المهاجرين الإثيوبيين، مع عمليات القتل الجماعي على الحدود السعودية اليمنية.