أكدت وكالة أمريكية أن نظام آل سعود يجرى مباحثات غير مباشرة مع جماعة “أنصار الله” (الحوثيين) المدعومة من إيران في اليمن في سلطة عٌمان.
ونقلت وكالة “أسوشيتد برس” للأنباء عن تواصل الجانبان عبر اتصالات الدوائر المغلقة خلال الشهرين الماضيين، وفقا لما كشفه للوكالة مفاوض الحوثيين جمال عامر. كما أجرت الرياض محادثات مع الحوثيين عبر وسطاء أوروبيين، وفقا لما أوضحه ثلاثة مسؤولين حوثيين.
يأتي ذلك في ظل الحديث عن تحرك عجلة الجهود السياسية السعودية في الملف اليمني، من بوابة سلطنة عُمان، الجار الشرقي لليمن، والوسيط المعروف منذ تصاعد الحرب في عام 2019 بين المجتمع الدولي والحوثيين.
وكانت زيارة نائب وزير الدفاع خالد بن سلمان يوم الإثنين الماضي إلى سلطنة عُمان، محور حديث الأوساط السياسية اليمنية، حيث وصفته مصادر حكومية بأنه “عراب اتفاق الرياض”، وتسلّم مسؤولية اليمن في حكومة بلاده، منذ شهور.
وعقد خالد بن سلمان لقاءات في مسقط مع كلٍ من السلطان قابوس بن سعيد ووزير الدفاع في سلطنة عمان بدر البورسعيدي ومسؤولين آخرين.
وفي وقت لم يُعلن أيٌّ من الجانبين السعودي أو العماني المزيد من التفاصيل بشأن ما تناولته المحادثات، كان واضحاً أن الملف اليمني محور أجندة الزيارة، سواء بحضور خالد بن سلمان أو على صعيد أعضاء وفده، والذي ضم أيضاً السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر.
ويحضر وفد الحوثيين المفاوض برئاسة المتحدث الرسمي للجماعة، محمد عبد السلام، في مسقط منذ شهور طويلة، وعلى مدى السنوات الماضية، كانت السلطنة بمثابة بوابة الجهود الدبلوماسية الدولية مع الحوثيين.
وفي التفاصيل، ذكرت “أسوشييتد برس” أن الطرفين تواصلا على امتداد الشهرين الماضيين عبر تقنية “الفيديو كونفيرنس”، بحسب المفاوض جمال عمر، وتواصلا كذلك عبر وسطاء أوروبيين، وفق تصريحات ثلاثة مسؤولين حوثيين.
وبدأت المحادثات التي توسطت فيها مسقط شهر سبتمبر/ أيلول، بعدما تبنى الحوثيون ضربات بطائرات مسيرة استهدفت منشآت “أرامكو” النفطية، وأدت لتعطيل إنتاجها، فيما اتهمت واشنطن إيران بالوقوف خلفها، وهو ما نفته الأخيرة.
وجاءت الزيارة بالترافق مع التسريبات المثارة بشأن حوارٍ جارٍ بين الحوثيين، الذين يوجد وفدهم المفاوض برئاسة المتحدث الرسمي للجماعة، محمد عبدالسلام، في مسقط منذ شهور طويلة، وبين آل سعود؛ وعلى مدى السنوات الماضية، كانت السلطنة بمثابة بوابة الجهود الدبلوماسية الدولية مع الحوثيين، إذ شهدت على سبيل المثال، في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، لقاءً شهيراً بين وفد الجماعة ووزير الخارجية الأميركي الأسبق جون كيري، بالإضافة إلى جملة لقاءات دبلوماسية وشبه أمنية، غير معلنة بالغالب، لم يغب عنها السعوديون.
وتزامن التطور، مع تراجع في حدة المواجهات الحدودية والعمليات الجوية التي تنفذها طائرات التحالف، بعد أن توقفت إلى حدّ كبير، على عدد من المحافظات، منذ إعلان الحوثيين في الـ20 من سبتمبر/أيلول الماضي، وقف هجماتهم ضد المملكة، وهو الإعلان الذي قابلته الرياض باعتباره خطوة إيجابية، إلا أن هذا الترحيب لم يرقَ إلى التجاوب مع الشروط الواردة من الحوثيين، لاستمرار وقف عملياتهم، وتتمثل في توقف مماثل لعمليات التحالف.
من زاوية أخرى، فإن مسقط بالنسبة للسعوديين على الأقل، لا تقود مباشرة إلى الحديث عن المفاوضات مع الحوثيين، بقدر ما تتصل أيضاً بالوضع في محافظة المهرة اليمنية، وهي المحافظة التي يعتبرها العُمانيون جزءاً من أمنهم القومي، في حين عززت السعودية من وجودها العسكري في هذه المحافظة، وواجهت معارضة محلية قوية من شخصيات، بعضها يُحسب على مسقط.
ووفقاً للمعارضة المحلية في المهرة للوجود السعودي، تسعى الرياض إلى مد أنبوب نفط، عبر المحافظة، لتصديره إلى البحر العربي، وشرعت بتعزيز نفوذها منذ ما يقرب من عامين، الأمر الذي مثل تطوراً مقلقاً بالنسبة لمسقط، وتحولت الأزمة التي تشهدها المحافظة، بنظر بعض المتابعين، إلى صراع بالوكالة بين الرياض ومسقط.
والجدير بالذكر أن الرياض واجهت معارضة محلية قوية في المهرة، كان أحدث تطوراتها في أكتوبر/تشرين الأول المنصرم، من خلال الإعلان عن تأسيس “مجلس الإنقاذ الجنوبي”، وهو هيئة سياسية انضوى فيها العديد من الشخصيات المعروفة بمعارضتها لوجود آل سعود في المهرة، التي يرتبط سكانها بعلاقات إيجابية مع مسقط، بفعل الموقع الحدودي والدور الذي تلعبه عمان بدعم المحافظة على الصعيد التنموي، وحتى على مستوى التسهيلات المقدمة للسكان.