وصلت العلاقة الثنائية بين النظام السعودي وباكستان إلى “طريق مسدود” بعد رفض ولي العهد الأمير محمد بن سلمان جميع الوساطات الدبلوماسية لتسوية الخلافات وإعادة العلاقات وتعزيز التعاون في عدة مجالات.
وأشارت مصادر دبلوماسية لـ”ويكليكس السعودية” إلى أن بن سلمان رفض جميع الحلول الدبلوماسية الرسمية وغير الرسمية لإعادة العلاقات مع باكستان، والتي طالبها بسداد القروض المالية المترتبة عليها سابقا.
ورجحت المصادر أن تكون الأزمة المالية والانهيار الاقتصادي داخل المملكة جراء حرب أسعار النفط العام، وأزمة كورونا، وسياسات ولي العهد الطائشة، قد دفعت الأخير “للتعنت رغبة بالحصول على أموال القروض السابقة”.
وبالفعل، أعادت باكستان مليار دولار للنظام السعودي، كدفعة ثانية من قرض مالي قيمته 3 مليارات دولار في إشارة إلى وصول العلاقة مع الرياض إلى طريق مسدود.
وأضافت المصادر الدبلوماسية أن باكستان تحاول حاليا الحصول على قرض من الصين لتوفير مليار دولار أخرى لسدادها للرياض الشهر المقبل، في ظل توتر العلاقات بين البلدين.
كما قال مسؤولون إن باكستان تتواصل مع الصين للحصول على قرض تجاري لمساعدتها في تخفيف الضغط لسداد القرض السعودي، رغم أن “إسلام أباد” ستواجه مشكلة في ميزان المدفوعات الشهر المقبل، في ظل الاحتياطي النقدي الأجنبي المتدني بالبنك المركزي الذي يبلغ 13.3 مليارات دولار فقط.
ويقول محللون إنه من غير المعتاد أن تضغط الرياض من أجل إعادة الأموال، لكن العلاقة توترت بين الصديقتين التاريخيتين مؤخرا.
وقال مسؤول في وزارة المالية الباكستانية إن البنك المركزي الباكستاني يجري بالفعل محادثات مع البنوك التجارية الصينية.
وأضاف أن بلاده دفعت مليار دولار للسعودية، مشيرا إلى أن هذه الدفعة كانت الثانية حيث تم إرسال المليار دولار الأولى في الأول من يوليو/تموز الماضي.
وكانت السعودية قد منحت باكستان قرضا بقيمة 3 مليارات دولار، وتسهيل ائتماني نفطي بقيمة 3.2 مليار دولار في أواخر عام 2018، وبعد أن طلبت إسلام أباد دعم الرياض بشأن انتهاكات حقوق الإنسان المزعومة من قبل الهند في إقليم كشمير المتنازع عليه، طالبت الرياض إسلام أباد برد القرض.
والتقى قائد الجيش الباكستاني الجنرال “قمر جاويد باجوا”، الذي زار الرياض في أغسطس/آب الماضي، بالسفير السعودي في إسلام أباد، لتخفيف التوتر.
وجاءت زيارة قائد الجيش الباكستاني، للمملكة بعد انتقاد إسلام آباد الرياض لعدم دعوتها إلى جلسة طارئة لمنظمة المؤتمر الإسلامي لمناقشة قضية كشمير.
ولم يلتق “باجوا” خلال الزيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان واجتمع مع شقيقه الأصغر نائب وزير الدفاع خالد بن سلمان.
وقدم الجنرال الباكستاني للشاب “بن سلمان” اعتذارًا شخصيًا من رئيس الوزراء عمران خان عن انتقادات باكستان للسعودية.
والأسبوع الماضي، زار قائد الجيش الهندي “إم إم نارافاني”، السعودية، وهو ما اعتبرته صحيفة “ميدل إيست آي” البريطانية، دليلا على أن خلاف إسلام آباد مع الرياض قد أتاح فرصة للهند لتوثيق علاقتها مع دول الخليج، خاصة مع تقارب باكستان مع ماليزيا وتركيا.
وتأتي الزيارة في الوقت الذي وصلت فيه العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وباكستان، الحليف التقليدي، إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق.
التوتر في العلاقات بين السعودية وباكستان، لا يقف خلفه الموقف من قضية كشمير فقط، ولكن يبدو أن التطبيع مع (إسرائيل)، كان أحد محاور هذا الخلاف.
ففي إشارة واضحة للسعودية، كشف رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، الشهر الماضي، أن دولا صديقة ضغطت بقوة على إسلام آباد من أجل دفعها إلى تطبيع العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي.
وكشفت التصريحات أن السعودية ضغطت على باكستان لركوب قطار التطبيع مقابل تسهيلات مالية، وفق مراقبين، لكن يبدو أن الأخيرة رفضت الصفقة، وهو ما أوصل الأمور إلى طريق مسدود.