لم يعد لمسئولي المملكة من تركيز سوى النفي المتكرر للفضائح المتتالية لولي العهد محمد بن سلمان ومحاولة ترميم صورة المملكة المتلطخة خارجيا.
وأصبحت مواقف المملكة من التطورات الداخلية والخارجية المتلاحقة تتلاشي في ظل طغيان فضائح بن سلمان وانشغال الإعلام الغربي بها.
ويتجند كبار المسئولين في نظام آل سعود في محاولة الدفاع عن ولي العهد من دون أن يتمكنوا من تقديم أي أدلة تدحض فضائح بن سلمان المثبتة بالتقارير الأممية.
وحاول وزير الدولة للشئون الخارجية عادل الجبير في لقاء مع قناة “CNBC” الأمريكية نفى اتهامات تورط بن سلمان في قرصنة مالك موقع أمازون جيف بيزوس.
وعاد الجبير لممارسة الكذب علنا من أجل الدفاع عن محمد بن سلمان وتجميل صورته بإنكار ما كشفه خبراء الأمم المتحدة أن ولي العهد اخترق هاتف جيف بيزوس.
في السياق ذاته انشغل وزير الخارجية فيصل بن فرحان خلال مشاركته في منتدى دافوس الاقتصادي بإنكار أن بن سلمان ضالع في مؤامرة اختراق هاتف جيف بيزوس.
وقال بن فرحان إن فكرة أن ولي العهد يخترق هاتف جيف بيزوس فكرة سخيفة بالتأكيد، لكنه لم كالعادة لم يقدم أي أدلة على أقواله.
وانشغل مسئولو المملكة مجبرين على مدار عامين في محاولة إنكار فضائح بن سلمان المتتالية وعلى رأسها ضلوعه المباشر بقتل الصحفي البارز جمال خاشقجي مطلع تشرين أول/أكتوبر 2018 داخل قنصلية المملكة في إسطنبول التركية.
وأضعفت فضائح بن سلمان المتتالية مكانة المملكة ولطخت سمعتها فضلا عن إضرارها بثقة المستثمرين في المملكة.
وأعلن خبيران مستقلان في مجال حقوق الانسان في الامم المتحدة قبل أيام تلقيهما معلومات أن هاتف جيف بيزوس جرى اختراقه من خلال حساب في تطبيق واتسآب يعود إلى بن سلمان.
وقال المقرران الخاصان في الأمم المتحدة أغنيس كالامار وديفيد كاي في بيان في جنيف إن “القرصنة المزعومة لهاتف السيد بيزوس وهواتف آخرين تستدعي إجراء تحقيق فوري من قبل السلطات الأميركية وغيرها من السلطات المعنية”.
وأضافا أن أي تحقيق في الواقعة المزعومة التي حدثت في أيار/مايو 2018 يجب أن ينظر ايضا في “المشاركة المستمرة والمباشرة والشخصية على مدى سنوات لولي العهد في الجهود الرامية إلى استهداف معارضين”.
وأعربت كالامار، المقررة الخاصة المعنية بالإعدامات التعسفية والمنفذة خارج نطاق القضاء، وكاي، الخبير في شؤون حرية التعبير، عن “قلقهما الشديد”.
وكتبا “تشير المعلومات التي تلقيناها إلى احتمال تورط ولي العهد في مراقبة السيد بيزوس في محاولة للتأثير إن لم يكن لاسكات واشنطن بوست ووقف تغطيتها حول المملكة”.
ويملك بيزوس صحيفة واشنطن بوست التي تعامل معها ككاتب رأي الصحفي خاشقجي.
وقال المقرران الأمميان الخاصان ان ظروف وتوقيت الاختراق يوفران أرضية لتحقيق موسع في “مزاعم بأن ولي العهد أمر وحرض او على أقل تقدير كان على دراية بالتخطيط” لعملية قتل خاشقجي.
وقادت كالامار العام الماضي تحقيقا خاصا توصل الى “أدلة موثوق بها” تربط بين ولي العهد السعودي ومقتل خاشقجي، وهي تهمة تنفيها المملكة بشدة.
وقال الخبيران الامميان انهما باتا على علم بنتيجة فحص هاتف “الآيفون” الخاص ببيزوس الذي جرى عام 2019، والذي توصل الى أن اختراق الهاتف تم في 1 ايار/مايو 2018 بواسطة ملف فيديو “ام بي 4” أرسل من حساب يستخدمه ولي العهد السعودي.
وأشارا الى أن بيزوس وولي العهد تبادلا رقمي هاتفيهما قبل شهر من عملية الاختراق.
وكشفت التحليلات انه بعد ساعات من تلقي بيزوس ملف الفيديو تم رصد “سرقة غير مسبوقة” ل128 ميغابايت من البيانات من هاتف بيزوس.
واستمر الأمر على هذا المنوال ل”عدة اشهر” بمعدلات أعلى تصل الى 4,6 غيغابايت بدون أن يتم اكتشافه.
وأظهرت التحليلات الجنائية التي نقلها خبيرا الامم المتحدة أن ولي العهد السعودي بعث برسائل عبر واتسآب الى بيزوس في تشرين الثاني/نوفمبر عام 2018 وشباط/فبراير 2019 كشف فيها معلومات عن حياة بيزوس الخاصة لا تتوفر عبر مصادر عامة.
وأشارت التحليلات الى ان القراصنة قد يكونون استعانوا ببرمجية تجسس استخدمت في قضايا تعقب سعودية أخرى مثل “برمجية بيغاسوس 3 الخبيثة” التابعة لمجموعة “ان اس او”.
وقالت صحيفة غاردين البريطانية إن اختراق هاتف بيزوس تم عن طريق برمجية خبيثة أرسلت إليه عبر أحد هواتف بن سلمان قبل خمسة أشهر من اغتيال الصحفي جمال خاشقجي.
وربطت المقررة الأممية لحالات القتل خارج القانون أنييس كالامار ظروف عملية قرصنة هاتف بيزوس بالتحقيقات المستمرة في اغتيال خاشقجي، خصوصا أنها تمت عندما كان خاشقجي يكتب في واشنطن بوست.
كما هدد السيناتور الديمقراطي رون وايدن بنشر معلومات سرية تتعلق بمقتل خاشقجي إذا استمرت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في رفض تسليم الكونغرس نسخة من تقرير يحدد المسؤولين عن مقتل خاشقجي.
وكشف موقع ديلي بيست الأميركي أن عميلا تشتبه في صلته بنظام آل سعود حاول اختطاف الكوميدي السعودي المعارض عبد الرحمن المطيري على الأراضي الأميركية.
ونقل الموقع عن المطيري تلقيه تهديدات مستمرة تحتوي على صور لقطع رؤوس وعبارات تقول “ستأكل رصاصا” وأن إقامته بولاية كاليفورنيا الأميركية لن تحميه من التصفية.
ونشرت صحيفة غاردين البريطانية خبرا يفيد بتحذير الاستخبارات الأميركية نظيرتها البريطانية من متابعة مخابرات آل سعود لخديجة جنكيز خطيبة خاشقجي لمتابعتها في بريطانيا.
وبالتزامن مع الحديث عن اختراق هاتف بيوزس، نشر مدير مكتب صحيفة نيويورك تايمز في العاصمة اللبنانية بيروت أن المملكة حاولت اختراق هاتفه المحمول بعد شهر من اختراق هاتف بيزوس.
وأضاف أنه سيكشف أسرار هذه المحاولة في كتابه القادم بعنوان “صعود محمد بن سلمان إلى السلطة”.
وتحولت جريمة اغتيال خاشقجي إلى حدث سينمائي كبير تتوقع الأوسط السينمائية في هوليود أن يثير عاصفة جديدة في العلاقات الأميركية السعودية، وقال المخرج الأميركي الحاصل على جائزة أوسكار بريان فوغل إنه أعدّ فيلما وثائقيا دراميا عن جريمة الاغتيال بعنوان “المنشق”.