منعت السلطات السعودية مراقبين دوليين من حضور جلسة محاكمة معتقلتي الرأي سلمى الشهاب ونورة القحطاني في إصرار منها على حظر الجلسات العلنية في إطار نهج القمع والاستبداد الذي تفرضه في المملكة.
وذكرت منظمة القسط لحقوق الإنسان أنه تم منع المراقبين الدوليين من الدخول مرة أخرى إلى جلسة محاكمة كل من الشهاب والقحطاني، حيث استندت وزارة الخارجية إلى “عدم وجود موافقة”.
وأدانت المنظمة هذا المنع المتكرر، بما في ذلك تغيير مواعيد الجلسات في اللحظة الأخيرة، مشددة على أن حضور المراقبين الدوليين وحده لا يضمن المحاكمة العادلة، لكن الجلسات العلنية جزء لا يتجزأ من الحق في المحاكمة العادلة.
وقبل جلسة المحاكمة بيوم، دعت جماعات حقوق الإنسان في بيان مشترك شركاء السعوديّة إلى إرسال مراقبين إلى جلسات محاكمة سلمى الشهاب ونورة القحطاني، مؤكدة أنه يجب على الولايات المتّحدة والمملكة المتّحدة والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الدعوة علنًا إلى الإفراج عن الشهاب والقحطاني.
وفي أغسطس 2022، أصدرت المحاكم السعوديّة أحكامًا بالسجن لفترات طويلة بحقّ سلمى الشهاب ونورة القحطاني، وذلك على خلفيّة نشاطهما السلمي على وسائل التواصل الاجتماعي فقط.
وقد حُكم على الشهاب بالسجن لمدّة 34 عامًا ، ثمّ خُفّضت عقوبتها في عام 2023 إلى 27 عامًا، وحُكم على القحطاني أيضًا بالسجن لمدّة 45 عامًا، يليها حظر السفر بمدّة عقوبتهما نفسها.
وقالت لينا الهذلول، رئيسة قسم الرصد والمناصرة في القسط لحقوق الإنسان: “لا ينبغي لشركاء السعوديّة أن يلتزموا الصمت بشأن اعتداء السلطات على التعبير السلمي. كما لا ينبغي قبول المحاكمات السريّة كقاعدة، ويجب على الحكومات إرسال مراقبين للمحاكمات لضمان احترام حقوق الإجراءات القانونيّة الواجبة والسعي للإفراج عن الشهاب والقحطاني”.
وقد أُدينت كلّ من الشهاب والقحطاني وأُصدرت أحكام بحقّهما بموجب نظام مكافحة الإرهاب السعودي الغامض والفضفاض الذي لا يزال يُستخدم لقمع المعارضة العامة واستهداف الأقليّات الدينيّة.
كما ويقوّض نظام مكافحة الإرهاب الإجراءات القانونيّة الواجبة وحقوق المحاكمة العادلة لأنه يمنح الوكالات الحكوميّة سلطة اعتقال الأشخاص واحتجازهم ومراقبة اتصالاتهم وبياناتهم الماليّة وتفتيش ممتلكاتهم ومصادرة الأصول دون رقابة قضائيّة.
وفي يوليو 2023، أصدر فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسّفي رأيًا خلص إلى أن اعتقال الشهاب والقحطاني والحكم عليهما تعسّفيّان وطالب بالإفراج الفوري عنهما.
اعتُقلت الشهاب، وهي طالبة دكتوراه في جامعة ليدز وأم لطفلين ومن الأقلية الشيعيّة في السعوديّة، واحتُجزت في يناير 2021 قبل أيام قليلة من عودتها المخطّط لها إلى المملكة المتّحدة لإنهاء عامها الأخير كطالبة دكتوراه في كليّة الطب في جامعة ليدز. وقد كانت معظم تغريدات الشهاب على مرّ السنين تتعلّق بأسرتها وقضايا حقوق المرأة في السعوديّة.
أمّا القحطاني، وهي أم لخمسة أطفال وتتجاوز الآن 50 عامًا من عمرها، فقد تمّت زيادة مدّة عقوبتها من 13 إلى 45 عامًا في السجن يليها حظر سفر لمدة 45 عامًا. ووفقًا لمنظّمة العفو الدوليّة، يُعتقد أن الحكم بحقّها هو أطول حكم يُفرض على امرأة سعوديّة بسبب نشاطها السلمي على وسائل التواصل الاجتماعي.
كما وثّقت منظمات حقوق الإنسان الانتهاكات المتفشّية في نظام العدالة الجنائيّة في السعوديّة، لا سيما الإجراءات القانونيّة الواجبة وحقوق المحاكمة العادلة، وهي انتهاكات أساسيّة للغاية تجعل حصول الشهاب والقحطاني على محاكمة عادلة أمرًا مستبعدًا للغاية.
وعلّقت فلاح السيّد، مسؤولة حقوق الإنسان في منَا لحقوق الإنسان، قائلة: “يجب ألا تمنع العلاقات الاقتصاديّة والأمنيّة مع السعوديّة حلفاءها من التعبير عن قلقهم بشأن الأحكام المُطوّلة والدعوة إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن الشهاب والقحطاني”.