مدينة أحلام محمد بن سلمان أكبر من قدرة المملكة إذ خصص 500 مليار دولار فقط لتطوير مدينة “نيوم” الرأسمالية.
ويتطلب بناء نيوم أموالاً لا تملكها المملكة, فقد عانت البلاد مؤخراً من عجز في الميزانية، والتزمت بمراهنات عديدة مثل استثمار بقيمة 45 مليار دولار في صندوق مجموعة سوفت بانك.
واستخدمت المملكة الأموال المقترضة من الخارج لتمويل المراحل الأولى من نيوم، وفقًا لأشخاص مطلعين على الأمر.
والأزمة المالية ليست العقبة الوحيدة أمام مدينة المستقبل, على بن سلمان تهجير 20 الف مواطن قسرياً من الأراضي المخصصة للمشروع.
والعائق الثالث يكمن في اعتماد الرياض بالكامل على الاستشاريين الأجانب يكشف عن تحدٍ عميق آخر؛ فالمملكة تفتقر تاريخيًّا إلى الخبرة في التخطيط والهندسة والإدارة.
لقد تحولت إلى خبراء أجانب مثل ماكينزي للاستشارات التي تعاقدت مع شركة استشارية محلية تدعى “الكسر” (Elixir) عام 2017.
ولكن لماذا ينشأ بن سلمان مدينة جديدة في الصحراء بدلاً من تطوير المدن القائمة.
الجواب أن بن سلمان وجد أن معتقدات المجتمع السعودي تقف عائقا أمام مشروعه, أما في مدينة مستحدثة بقوانين مختلفة فسيسمح بشرب الكحول والعيش بتحرر أكثر.
وسبب اختيار هذا الموقع بدل الاستثمار في مدن المملكة الحالية، يعكس مشاكل المملكة التاريخية, فقد تجنبت الشركات الأجنبية منذ فترة طويلة الاستثمار هناك بسبب وجود نظام قانوني غير شفاف وتزايد الفساد، والقيود الاجتماعية التي تحظر الكحول، وتطالب النساء بالحصول على إذن ولي الأمر للسفر.
ووجد محمد بن سلمان تلك المعتقدات الراسخة عائقا أمام تحقيق حلمه، حيث كان من السهل تطوير مدينة جديدة بدل تغيير تلك الموجودة.
يريد ولي العهد أن يملأ مستقبلاً قاحلاً من الصحراء بدولة على غرار جيتسونز.
ويعتبر المشروع، الذي تم تحديده في وثائق التخطيط التي أعدتها مجموعة من الاستشاريين الأميركيين، طموحًا لدرجة أنه يتضمن بعض التقنيات غير الموجودة حتى الآن.
وهذه بعض الأفكار التي ذكرت في الوثائق:
1. سيارات الأجرة الطائرة: سيأخذ العلماء سيارة أجرة طائرة للعمل، وتظهر الوثائق “القيادة هي فقط للتسلية، لم تعد صالحة للنقل (على سبيل المثال قيادة فيراري بجوار الساحل مع منظر جميل)، كما ذكر في الوثائق.
2. البذر السحابي: الصحراء لن تشعر دائمًا بأنها صحراء، “البذر السحابي” يمكن أن يجعل المطر ينزل في أي وقت.
3. خادمات الروبوت: لا تقلق بشأن الأعمال المنزلية، بينما يعمل العلماء، سيتم تنظيف منازلهم بواسطة خادمات من الروبوتات.
4. المرافق الطبية الحديثة: سيعمل العلماء على مشروع لتعديل الجينوم البشري لجعل الناس أقوى.
5. مطاعم عالمية: سيكون هناك الكثير من المطاعم في المدينة التي بها “أعلى معدل للمطاعم الحاصلة على نجمة ميشلان”.
6. روبوتات الديناصورات: يمكن للمقيمين زيارة جزيرة على غرار الحديقة الجوراسية من الزواحف الآلية.
7. توهج الرمال: يريد ولي العهد شاطئًا يتوهج في الظلام، مثل مينا ساعات اليد الفخمة.
8. الكحول: الكحول محظور في بقية المملكة العربية السعودية، لكن من المحتمل ألا تكون هذه الحال في نيوم، كما يقول أشخاص مطلعون على الخطة.
9. روبوت فنون الدفاع عن النفس: سوف تفعل الروبوتات أكثر من مجرد تنظيف منزلك، حيث يمكنك أن تطلب منها القتال وجهاً لوجه في “قتال القفص”، وهو واحد من العديد من الألعاب الرياضية المعروضة.
10. الأمن والمراقبة: يتم تصميم الكاميرات والطائرات المسيرة وتكنولوجيا التعرف على الوجه لتتبع الجميع في جميع الأوقات.
11. القمر: القمر الاصطناعي العملاق سوف يضيء كل ليلة. يشير أحد الاقتراحات إلى أنه يمكن أن يعمل على بث صور مباشرة من الفضاء الخارجي، ليكون بمثابة معلم بارز.
إن ولي العهد محمد بن سلمان يعتزم بناء مدينة ذات تصميم مستقبلي في الصحراء يمكن لسكانها التنزه في شواطئ تلتمع رمالها في الظلام، ومشاهدة أجهزة بشر آليين تتصارع داخل أقفاصها، فضلا عن شرب الخمور.
ونقلت المصادر عن وثائق سربت لصحيفة وول ستريت جورنال أن شركات استشارات أمريكية وضعت خطة تتكون من 2300 صفحة، في محاولة لتنفيذ رؤية الأمير بن سلمان، مقترحة أحيانا تقنيات وتكنولوجيا لم تخترع حتى الآن.
ويقول التقرير إنه قد يسمح أيضا بشرب الكحوليات في نيوم، على النقيض التام من باقي أرجاء المملكة.
وتتضمن وثائق التخطيط للمدينة، التي قد لا تكون في صورتها النهائية، جلب الأمطار إلى الصحراء عن طريق “تلقيح السحب”، وهي تقنية لجلب الأمطار عن طريق إطلاق جزيئات غبار صوب السحب لتشجيع هطول الأمطار.
يبدو أن محمد بن سلمان أبدى إعجابا خاصا بـ”شاطئ الفضة”، الذي تومض رماله, وأن المهندسين يبحثون عن سبل لتحقيق رؤية الأمير من دون تهديد سلامة المتنزهين على الشاطئ.
وتشتمل خطة ولي العهد أيضا، متنزها شبيها بـ”جوراسيك بارك”، تتجول فيه ديناصورات آلية، وقمرا من صنع الإنسان يضيء كل ليلة.
أما عن أمن المدينة، فستتولاه كاميرات مراقبة وطائرات بدون طيار وتكنولوجيا للتعرف على الوجوه.
وتشير مخططات المدينة إلى أن شركة قانونية أمريكية قد أوكلت إليها مهمة وضع قوانين المدينة، التي ستكون ذات نظام قانوني وقضائي منفصل عن السعودية.
وتنقل المصادر عن شخص مطلع على قصة فكرة إنشاء مدينة “نيوم” من قبل ولي العهد السعودي، حيث قال: إن “بن سلمان سحب خريطة السعودية من جوجل إيرث، ورأى أن الربع الغربي الشمالي من السعودية كان فارغاً، كان ذلك تحديداً قبل أربع سنوات، حتى قبل أن يصبح والده سلمان ملكاً”.
ويكمل المصدر المطلع قصته: “طار بن سلمان إلى هناك، مكان تصل فيه درجة الحرارة صيفاً لأكثر من 50 درجة مئوية، ولكن في الشتاء هناك جبال محيطة يمكن أن ينزل فيها الثلج، فقرر أن ينشئ مدينة فيها”.
لقد سعى بن سلمان لبناء جسر يربط المدينة بمصر، واتفق مع الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، من أجل أن يحصل على جزيرتين من مصر في البحر الأحمر، الأمر الذي أثار غضب المصريين، بالمقابل تسلّم بن سلمان رسالة من قادة “إسرائيل” يبلغونه فيها تأييدهم لإنشاء المدينة، وأيضاً استعدادهم من أجل بيع التكنولوجيا المتطورة للسعودية من أجل إنشاء هذا المشروع.
ومن أجل الشروع ببناء المدينة الحلم لجأ بن سلمان للتعاقد مع كلاوس كلاينفيلد، الذي فُصل من منصب الرئيس التنفيذي لشركة “أركونيك” (شركة رائدة في مجال تصنيع الألمنيوم)؛ لأن الجسر المقترح لربط المدينة بمصر لا يمكن أن يتبع نفس المسار الذي كان يريده بن سلمان، لكونه يمر بمنطقة خط زلزالي، فرُفعت تكلفة إنشاء هذا الجسر لتصل إلى نحو 125 مليار دولار، بحسب توصية كلاينفيلد.