لا تزال الأخبار الرسمية حول صحة ولى العهد السابق الأمير محمد بن نايف، منقطعة عن عائلته منذ اعتقاله الأخير في مارس/ آذار المنصرم، وإخفائه بمكان سري ما دفع زوجته مرارا لطلب زيارته.
وأفاد مصدر مقرب من عائلة الأمير المعتقل بأن حالة من القلق والتوتر تسود أسرة الأمير محمد بن نايف دون السماح لها بمعرفة مكانه أو أخباره وسط خشية من وفاته.
وكشف المصدر لـ “ويكليكس السعودية” النقاب عن توجه الأميرة ريما بنت سلطان بن عبد العزيز آل سعود، وبناتها الأميرة سارة والأميرة لولوة، مؤخرا، برسالة رسمية للملك سلمان بن عبد العزيز من أجل معرفة مصير زوجها وحالته الصحية والسماح لعائلتها بزيارته والاطمئنان على صحته.
وقال إن الملك سلمان لم يرد على طلب الأميرة ريما حتى هذه اللحظة غير أن تدخلات من العائلة المالكة تحاول السيطرة على الزوجة وتهدئة الأوضاع.
ويكتنف الغموض مصير الأمير محمد بن نايف، داخل معتقله السرى في المملكة، عقب أنباء عن إصابته بنوبة قلبية نقل على إثرها إلى وحدة العناية المركزة.
وأثارت المديرية العامة للسجون في المملكة التساؤلات والشكوك حول مغزى تغريدة نشرتها عبر صفحتها في “تويتر”، خلال مايو/ أيار عن صحة الأمير، قبل أن تحذف التغريدة زاعمة أنها اختراق لحسابها.
ونفت المديرية العام، وفاة الأمير، وقالت: إن كادرا طبيا متخصصا يشرف على الحالة الصحية للأمير بن نايف على مدار الساعة.
ومحمد بن نايف بن عبد العزيز آل سعود، شغل منصب وليُّ العهد السابق، ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية بالمملكة إلى أن أعفي فيما سمي “انقلابا أبيض” عليه من ولي العهد الحالي محمد بن سلمان عام 2017.
والمعتقل البالغ من العمر 60 عاما، أول حفيد للملك عبد العزيز يصبح ولياْ للعهد.
ووصفته شبكة (MSNBC) الأمريكية بجنرال الحرب على الإرهاب.
ويعتبر هذا البيان أول اعتراف رسمي سعودي باعتقال “بن نايف”، منذ تردد الأنباء عن توقيفه والأمير “أحمد بن عبدالعزيز”، خلال مارس/آذار المنصرم، ضمن حملة شنتها السلطات الأمنية، مؤخرا، وطالت عددا من كبار أمراء العائلة المالكة.
وأثارت التغريدة التي أحدثت صدمة وشكوك بين مغردون سعوديون، حول “توقيتها ومحتواها الغريب”، رغم أن المديرية العامة للسجون قالت لاحقا: إنها استعادت حسابها بعد نشر تغريدات غير صحيحة عن صحة الأمير محمد بن نايف.
https://twitter.com/q6r/status/1259437317057634306
حسابهم كان مخترقا أم مجرد تمهيد ؟ pic.twitter.com/nulcmhG647
— عمر بن عبدالعزيز Omar Abdulaziz (@oamaz7) May 10, 2020
https://twitter.com/TurkiShalhoub/status/1259447206110781440
تأكد لدي
إصابة محمد بن نايف بأزمة قلبية، نتيجة إهمال طبي متعمد، وهو الآن تحت المراقبة الطبية، علماً أن الإصابة نتجت عنها آثار سوف تستمر معه.
.
شن حملة اعتقالات لقيادات عسكرية بارزة، بعضهم ممن تمت ترقيته عقب تولي ابن سلمان ولاية العهد.
.
وزير الداخلية غائب عن المشهد.— العهد الجديد (@Ahdjadid) May 10, 2020
وحذر مغردون من أن يكون الهدف من وراء التغريدة -التي أكدت ضمنيا سجن الأمير محمد بن نايف- هو قتله داخل محبسه.
وقال حساب مستشار الأمير محمد بن نايف إن ولي العهد محمد بن سلمان “أراد قتل سمو الأمير محمد عن طريق الإهمال الطبي، ولكن خبر تدهور صحة سموه تسرب من مكان الاحتجاز إلى الأسرة، وهو ما أجبر محمد بن سلمان على السماح للكادر الطبي بالذهاب لمعالجته”.
وأضاف في سلسلة تغريدات عبر حسابه على “تويتر” أن الأمير محمد بن نايف يعاني من اضطرابات صحية منذ أكثر من أسبوع.
ومما يضاف إلى تلك الشكوك أن خبر إصابة شخصية بحجم الأمير محمد بن نايف الذي كان الشخصية الثانية في البلاد بعد الملك، صدر من مديرية السجون -وهي من الأجهزة الأمنية التابعة لوزارة الداخلية- ولم يصدر من جهة أخرى كبيرة في الدولة.
وبحسب صحيفة “نيويورك تايمز” فإن ابن نايف كان قيد الإقامة الجبرية منذ الإطاحة به.
ورأى مراقبون أن اعتقال الأميرين “بن نايف” و”بن عبدالعزيز”، قد يكون خطوة استباقية لإدارة المخاطر التي تحول دون تسلم ولي العهد الأمير “محمد بن سلمان” العرش خلفا لأبيه؛ لأنهما بديلان محتملان لتولي الحكم في المملكة.
وعلى مدى خمسة أعوام (2015-2020)، قام “بن سلمان” بتراكم السلطة بشكل مطرد؛ تحت ذراعة مختلفة، فاعتقال واحتجز ونفى شخصيات، وفي بعض الحالات قام بقتلهم وتصفيتهم.
وبعد هذه الأعوام يبدو الآن على استعداد ليصبح ملكًا، وفق رأي صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، فعزز سيطرته وهز أسس آل سعود من خلال القضاء على أو تحييد منافسيه المتصورين والنقاد الصوتيين، بما في ذلك كبار أفراد العائلة ومنافسيه في المملكة.
وفي نوفمبر 2017م، نفذ “بن سلمان” أكبر حملة اعتقالات في المملكة، طالت أفراد العائلة المالكة والمسؤولين وأباطرة الأعمال الذين تم احتجازهم في فندق “ريتز كارلتون” بالعاصمة الرياض كجزء من حملة مزعومة لمكافحة الفساد.
وكان من بين المحتجزين في ذات الفندق، أكثر من 350 من العائلة المالكة والمسؤولين ورجال الأعمال.
كما يعتقل ولى العهد الحالي محمد بن سلمان، سارة وعمر ابني سعد الجبري، بالإضافة لاعتقال شقيقه المسن.
وقال خالد الجبري نجل المستشار السابق، أن سلطات آل سعود تضغط على الأب للعودة من كندا التي فرّ إليها.
وقالت صحيفة نيويورك تايمز إن أربعة عقود من عمل الجبري في الداخلية السعودية “جعلته منغمسا في العديد من القضايا الحساسة داخليا وخارجيا، ويعرف مكان دفن الأسرار في المملكة”.
ورغم أن “الجبري” لم يكن منتقدا علنيا لولى العهد محمد بن سلمان، لكن مشكلته “أنه كان حليفا قويا لمنافسه الأكبر الأمير محمد بن نايف”.