تناقضات صارخة في حملات محاربة الفساد في السعودية
تعبر حملات محاربة الفساد في السعودية عن تناقضات صارخة إذ تتم بأوامر ملكية مفاجئة وبقرارات أحادية لا يعرف خلفيتها بمعزل عن الشعب والقانون والنزاهة.
ويبرز الأمين العام لحزب التجمع الوطني المعارض يحيى عسيري أن محاربة الفساد تكون عبر مؤسسات الدولة، والقضاء المستقل، وبمتابعة الشعب والإعلام، وفي جو من الحرية.
ويشير عسيري إلى أن محاربة الفساد لا تكون بـ”أمر ملكي”، وبقرار أحادي، وبشكل غير واضح، وبمعزل عن الشعب والقانون والنزاهة، وفوق كل هذا، بأمر ممن عُرف بأنه أحد رموز الفساد وسرقة المال العام وسرقة الصدقات في العالم كله.
وينبه إلى أن من يتهم عزلهم وتوجيه تهم الفساد لهم اليوم هم أنفسهم من تم تعيينهم في إطار ما يسمى “الثقة الملكية”، متسائلا “هل تقولون إن الثقة هذه في غير محلها؟ إذًا لماذا لا يكن التعيين بثقة الشعب، والعزل ليس من رأس الفساد، بل من مؤسسات الشعب، وبرقابة الشعب”.
وتابع “لماذا يريدون أن نعيش على أرضنا دون قرار، والمرتزقة يطبلون للتعيين وللعزل دون أي فهم!”.
وأصدر الملك سلمان عبد العزيز قبل يومين قرارا بإقالة مدير الأمن العام بالبلاد خالد بن قرار الحربي، وإحالته إلى التحقيق، إلى جانب 18 آخرين، لم يسمهم، وذلك على خلفية اتهامات بالفساد “وانتهاك للمال العام”، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء السعودية.
محاربة الفساد في السعودية
وفي 10 أغسطس/آب الماضي، أعلنت هيئة الرقابة ومكافحة الفساد السعودية، توقيف 207 مواطنين ومقيمين، بينهم موظفون في وزارات كالدفاع والداخلية؛ بتهم بينها “الرشوة واستغلال النفوذ”.
ونقلت وكالة الأنباء السعودية، أن الأمر الملكي “صدر بناء على ما رفعته الجهة المعنية (لم يسمها) عن ارتكاب الحربي تجاوزات ومخالفات عديدة بهدف الاستيلاء على المال العام والانتفاع الشخصي”.
كما أشارت إلى أنه تم “توجيه التهم له بارتكاب عدد من الجرائم منها التزوير والرشوة واستغلال النفوذ بمشاركة ثمانية عشر شخصاً من منسوبي القطاع العام والخاص”.
وأوضحت أن الأمر الملكي يتضمن إنهاء خدمة الحربي وإحالته إلى التقاعد والتحقيق، وتوجيه هيئة الرقابة ومكافحة الفساد (رسمية) باستكمال التحقيقات معه ومع كل من له علاقة بذلك، دون تفاصيل أكثر.
كما أعلنت وكالة الأنباء السعودية أن هيئة الرقابة ومكافحة الفساد تُحقق مع 4 ضباط برتبة لواء في وزارة الحرس الوطني، لحصولهم خلال فترة عملهم بالوزارة على مبلغ 212 مليون ريال، ما يعادل 56.5 مليون دولار، على دفعات، من مالك إحدى الشركات المحلية والممثل لشركات أجنبية، مقابل تمكين الشركات الأجنبية من التعاقد مع الوزارة.
وتتعلق القضية بتلقي 3 لواءات بالحرس الوطني 57 مليون دولار من مالك إحدى الشركات الممثلة لشركات أجنبية، مقابل تسهيل بعض التعاقدات، كما أوقفت الهيئة مدير مشروعات بشركة مقاولات كبرى، على خلفية تقديمه رشاوى تُقدّر بـ24.500 مليون ريال (6530 مليون دولار) لعدد من الموظفين، مقابل التلاعب في كميات ومواصفات تتعلق بعدد من المشروعات الحكومية.
وفي قضية أخرى، أوقفت الهيئة مدير إدارة المشاريع بشركة مقاولات كبرى، لقيامه بدفع مبلغ 24 مليون ريال (6.4 مليون دولار) على دفعات، مقابل التلاعب في الكميات والمواصفات المطلوبة في مشاريع حكومية.
كما تم إيقاف ضابط برتبة مقدم متقاعد وموظف متقاعد على المرتبة الثالثة عشرة من وزارة الداخلية في السعودية، وضابط برتبة عميد متقاعد من رئاسة أمن الدولة، وتم التحقيق مع ضابط برتبة لواء متقاعد من وزارة الحرس الوطني، لحصوله من الشركة ذاتها على مليوني ريال نقداً (533 ألف دولار)، وشيك بقيمة 50 مليون ريال (13.33 مليون دولار).
وذكرت الهيئة أنه تم إيقاف وكيل جامعة سابق بإحدى المناطق لتضخم حساباته البنكية وثروته العقارية خلال فترة إشرافه على إدارة المشاريع بالجامعة، حيث بلغ إجمالي الإيداعات النقدية والحوالات البنكية الواردة 13 مليون ريال (3.47 مليون دولار)، وامتلاكه (19) عقاراً تبيّن أن مصدرها من كيانات تجارية.