كشفت صحيفة هآرتس العبرية عن محادثات سرية بين النظام السعودي وإسرائيل للمضي بالتطبيع العلني في صفقة من المرجح أن تبصر النور بعد تسلم دونالد ترامب السلطة في الولايات المتحدة، وتنطوي على تنازلات سعودية خطيرة فيما يتعلق بإقامة دولة فلسطينية.
وقالت الصحيفة إن إسرائيل والسعودية توصلتا مؤخرًا إلى اختراق في محادثات التطبيع التي قد تسهل أيضًا التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى حركة “حماس” وإنهاء الحرب في غزة.
ونقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة على المفاوضات إنه بدلاً من الاعتراف الإسرائيلي الصريح بدولة فلسطينية، كما طالبت السعودية سابقًا، اتفق الجانبان على أن تقدم إسرائيل للمملكة التزامًا غامضًا بـ “مسار نحو الدولة الفلسطينية”، وهذا من شأنه أن يسمح للمملكة ب”الوفاء بتعهدها بعدم التخلي عن الفلسطينيين”.
وبحسب الصحيفة عقدت إسرائيل والسعودية في الأسابيع الأخيرة، محادثات سرية لتطبيع العلاقات علنا وإنهاء الحرب في غزة، مع تسارع المناقشات بعد اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان.
ويدير رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المفاوضات عبر وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، في حين ظلت الحكومة ومجلس الوزراء الأمني في الظلام بشأن التفاصيل.
وتعمل الولايات المتحدة كوسيط وضامن للمحادثات، حيث تنسق إسرائيل مع كل من إدارة الرئيس جو بايدن والرئيس المنتخب دونالد ترامب، ومن المتوقع أن تقدم إدارة ترامب القادمة فوائد مثل اتفاقية دفاعية أمريكية سعودية وبيع أنظمة أسلحة أمريكية للمملكة.
وكانت السعودية قد كررت منذ فترة طويلة مطالبتها بأن تعترف إسرائيل بدولة فلسطينية، وفي سبتمبر/أيلول أعلن وزير خارجيتها فيصل بن فرحان آل سعود عن تشكيل تحالف من الدول العربية والمنظمات الدولية لتعزيز مثل هذا الاعتراف.
ومع ذلك، تعتقد مصادر مقربة من نتنياهو أن ولي العهد السعودي والزعيم الفعلي محمد بن سلمان لا يملك مصلحة شخصية في الاعتراف الرسمي بالدولة الفلسطينية ولا يتطلب سوى إحراز تقدم في هذه القضية لتأمين الدعم السياسي والديني المحلي للصفقة.
ويعتقد نتنياهو أن قاعدته السياسية ستقبل الصياغة الغامضة لـ “المسار نحو الدولة الفلسطينية”، والتي لا تنطوي على التزامات ملموسة.
وقد يمهد تطبيع العلاقات الطريق أمام صفقة لإطلاق سراح الأسرى المحتجزين لدى حماس، حيث تسعى السعودية إلى إنهاء الحرب والمشاركة في إعادة إعمار غزة.
وتشعر السعودية بأنها ملزمة بمساعدة الفلسطينيين في غزة، التي دمرت بالكامل تقريبًا، في حين أن لإسرائيل مصلحة في ضمان مشاركة الدول العربية المعتدلة في إعادة بناء غزة وتدفق الأموال السعودية هناك بعد الحرب.
ووفقا للتقارير، سيتم تنفيذ الصفقة المقترحة على مرحلتين، وتتضمن المرحلة الأولى إطلاق سراح المجندات والنساء والمرضى والأفراد فوق سن الخمسين، مقابل إطلاق إسرائيل سراح مئات المعتقلين الفلسطينيين، بمن فيهم أصحاب الأحكام العالية.
كما سيتوقف القتال في غزة لفترة غير محددة، وستنسحب إسرائيل تدريجيًا، رغم أن التفاصيل والتوقيت لا يزالان غير واضحين.
وخلال هذا الوقت، سيتم استكمال المرحلة الثانية من الصفقة، والتي تتضمن توقيع اتفاقية تطبيع مع السعودية، وستقود المملكة، إلى جانب تحالف من الدول يضم السلطة الفلسطينية، إعادة إعمار غزة مع ضمان أمن إسرائيل على طول حدودها الجنوبية.
وهناك معارضة داخل الائتلاف الإسرائيلي للإطار المقترح لصفقة الأسرى ولمشاركة السلطة الفلسطينية في إعادة إعمار غزة، مما يجعل من غير الواضح ما إذا كان الاتفاق سيمر في الحكومة.